الجمعة 27 سبتمبر 2024
40°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
"تصويب المسار" يستدرك القضايا المنسية
play icon
الافتتاحية   /   الأولى

"تصويب المسار" يستدرك القضايا المنسية

Time
السبت 02 سبتمبر 2023
View
303
السياسة

بعد 75 يوماً على تشكيلها والنجاحات التي حققتها… الحكومة تراجع أداءها ومواقفها

  • برنامج الحكومة تضمن مشروعات عملاقة لكنه ترك انطباعاً بأنه يهتم بالبنيان لا الإنسان
  • الحكومة رفضت "استحقاقات المتقاعدين" دون أن يرف لها جفن رغم وعودها بتحسين أوضاعهم
  • آخر زيادة للرواتب كانت قبل أكثر من 15 عاماً رغم الغلاء الرهيب وارتفاع الأسعار المطرد
  • البديل الستراتيجي مثل "بيض الصعو" والهدف منه استدامة المالية لا الارتقاء بمعيشة المواطن
  • السلطتان منحتا القوانين السياسية الأولوية على حساب مطالب المواطنين واحتياجاتهم

كتب ـ أحمد الجارالله:

مع شروق شمس اليوم تكون الحكومة الخامسة لسمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد النواف قد أتمت 75 يوماً، إذ تشكلت بموجب المرسوم (116) لسنة 2023 في 18 يونيو 2023، وإذا كان من التقاليد السياسية أن تقدم الحكومة بعد مضي مئة يوم على تشكيلها قائمة بما حققته، فإن 75 يوماً قد تكون كافية إلى حد ما لتقييم أداء الحكومة ولو على سبيل الترجيح.
جاءت الحكومة الخامسة بعد انتخابات مفصلية وتاريخية، شهد لها الجميع بالشفافية والنزاهة، وتحصنت نتائجها بأحكام المحكمة الدستورية في الطعون التي قدمت، ورغم أن الحكومة السابقة (الرابعة) هي التي نظمت الانتخابات إلا أنه يمكن الادعاء بارتياح أن نجاح الانتخابات وصمود نتائجها أمام محاولات الطعن بها يمكن أن يحسب أيضاً للحكومة الحالية على اعتبار أن الأخيرة هي نسخة معدلة نسبياً للسابقة ولا فارق كبيراً بينهما.
قدمت الحكومة برنامجها للفصل التشريعي الـ17 لمجلس الأمة تحت عنوان: "تعديل المسار: اقتصاد منتج ورفاه مُستدام"، تضمن 133 مشروعاً ما بين مشاريع رأسمالية وأخرى تستهدف الارتقاء بجودة حياة المواطن وتعزيز رفاهيته ورفع تصنيف الكويت تعليمياً وصحياً ورفع إنتاجية القطاع الحكومي وتعزيز مشاركة القطاع الخاص.
كان البرنامج واضحاً وعملياً، والأهم أنه قابل للتنفيذ، إذ تضمن جداول زمنية ومواعيد محددة لكل مشروع، وعكس وجود رؤية واضحة -حتى لو كانت محل خلاف أو جدل بشأن بعض تفاصيلها- ورغم أنه خلا من ثمة إشارة إلى قضايا جوهرية مثل الإصلاح السياسي والبدون والفئات الأولى بالدعم والرعاية.
ورغم أن البرنامج أشار إلى عدد ضخم من المشروعات العملاقة في مجالات البنية التحتية والصناعات الحيوية والمهمة إلا أنه ترك انطباعاً لدى كثيرين بأنه يهتم بالبنيان لا الإنسان، على الرغم من أن الأخير هو محور أي تنمية ومحرك أي تطور، وقاطرة أي تغيير.
تعزز هذا الانطباع لدى كثيرين خلال الاجتماعات التي عقدها مسؤولو الحكومة مع النواب من أعضاء لجنة الشؤون المالية والاقتصادية لمناقشة "المطالب والاستحقاقات العادلة للمتقاعدين، وبينها زيادة المعاشات ورفع الحد الأدنى إلى 1000 دينار وزيادة القرض الحسن إلى 21 ضعف الراتب، إذ رفضتها الحكومة دون أن يرف لها جفن، رغم وعودها المُتكررة بتحسين المستوى المعيشي لهذه الشريحة من المواطنين التي باتت أوضاعها غير مقبولة، وترتب على ذلك الموقف تأجيل الملف برمته الى أجل غير مسمى!".
المسلك نفسه سلكته الحكومة في ملف زيادة الرواتب، فعلى الرغم من أن آخر زيادة كانت تقريباً في 2008 أي قبل حوالي 15 عاماً، ورغم الغلاء الرهيب وارتفاع الأسعار المطرد، اكتفت الحكومة بالإشارة إلى مشروع البديل الستراتيجي الذي وصف بأنه مثل "بيض الصعو" نسمع عنه ولا نراه، ثم خرج وزير المالية المستقيل ليؤكد أن أي معالجة للبديل الستراتيجي يجب "ألا تؤثر على استدامة المالية العامة للدولة أو على قدرة الحكومة على إطلاق مشاريع ملموسة"، ففهم الجميع أن الهدف ليس تحسين المستوى المعيشي للمواطنين.
في الإطار نفسه، تعاونت الحكومة إلى حد بعيد مع مجلس الأمة في إصدار قوانين الخارطة التشريعية الأربعة، وهي: ضم شرائح جديدة إلى التأمين الصحي (عافية)، تأسيس شركات إنشاء المدن الإسكانية وتعديل قانوني الانتخاب والمحكمة الدستورية.
ورغم التفاؤل الذي ساد في أعقاب إقرار القوانين الأربعة، والتفاؤل بأن يسهم القانونان الأخيران تحديداً في تصويب مسار العمل السياسي، فقد أعطت القوانين السياسية انطباعاً لدى أغلبية المواطنين بانحياز السلطتين والخلل في أولوياتهما، إذ ركز الأعضاء في الجانبين اهتمامهم على مطالبهم هم لا مطالب المواطنين واحتياجاتهم.
هذه الأوضاع، ساهمت في استمرار حال الضجر والضيق الشعبي، ففي الكويت وأينما ذهبت لسان حال الجميع التأفف، والتململ، لا سيما من فضائح الفساد، حتى بات الجميع يشعر أن البلد مهدد بموجات فساد لعينة، وهجمات على الحقوق، وقيود على الحريات بلا حدود، ولا أحد من المسؤولين التنفيذيين الذين توسم بهم الناس خيراً يحرك ساكناً لكنهم ساروا "على طمام المرحوم" كما تقول العامة، ولهذا فكأنك "يا بوزيد ما غزيت".
من جهتها، أعربت مصادر ثقة مقربة من دوائر القرار العليا عن تفهمها لاستياء بعض الفئات، وقالت: "المتذمرون من الوضع لديهم كل الحق، إذ يرون الدول المجاورة وهي تسجل كل يوم إنجازات جديدة وتصدر قرارات لتحسين أوضاع شعوبها وتتحول إلى دول مصنعة ومنتجة ومصدرة، في حين أن الكويت لا تزال تستورد كل شيء تقريبا".
ورأت أنَّ "القوانين في الكويت تشكل عقبة كبيرة أمام تطور البلاد، ولهذا على السلطة التشريعية أن تكون عند حسن ظن القيادة التي أولتها كل الدعم من أجل تطوير الكويت، ولهذا فإن الكرة اليوم في ملعبها".
وأشارت المصادر إلى أن الدول المجاورة حلت منذ زمن مشكلة "البدون"، ولم تعد موجودة في قاموسها، في حين أن الكويت لا تزال تعاني منها وقد تحولت إلى كرة ثلج تكبر يومياً، رغم أن حلها سهل لكنها تحتاج إلى إطار قانوني، وهو ما يجب على السلطة التشريعية العمل عليه.
وأضافت: "إن دوائر القرار تراقب هذا الأمر عن كثب، وهي تريد الانتهاء منه، لكن من دون الإضرار بالمصالح العليا للدولة".
وفي ملف آخر ضمن "شجون المواطنين"، ذكرت المصادر أن "قرار محكمة التمييز بشأن عدم دستورية منع السفر، لاقى ترحيباً كبيراً من المواطنين، وكان هذا إشارة كافية لدوائر القرار العليا كي تبني على هذا الأمر ما يجب فعله حيال رفع الظلم عن كثير من المواطنين، خصوصاً في ما يتعلق بالقروض الشخصية، والمبالغ التي يمكن أن يمنع بموجبها المواطن من السفر".
وقالت: "البلاد تعيش في ظل قوانين بعضها لم يعدل منذ 50 عاماً، وكما أن جزءاً كبيراً منها عفى عليه الزمن، وبالتالي لا بد من تطوير القوانين، وليس في مجال الحريات فقط، بل أيضاً في ما يتعلق بتنويع المصادر الدخل، والانفطام عن النفط"، مؤكدة أن ملف تنويع مصادر الدخل ووقف الارتهان إلى النفط يحظى باهتمام كبير من دوائر القرار.
وإذ أشارت إلى نجاح دول الجوار في التحول إلى وجهات سياحية تجذب الملايين سنوياً، قالت المصادر: إن "دوائر القرار تولي عناية كبيرة بملف التحول إلى وجهة سياحية وفتح البلاد أمام الراغبين بالزيارة للتعرف على تراثها وتاريخها ومعالمها".
وعن الاقتراحات التي يقدمها بعض النواب التي يمكن أن تعرقل انفتاح البلاد، قالت: "لا أحد يستطيع تغيير هوية الكويت، وهذا يجب أن يكون في بال الجميع، وبالتالي ليس هناك عودة إلى الوراء، وهو ما ترى دوائر القرار العليا أنه يؤثر على مستقبل قوة الكويت، ولن تقبل به".
وفيما أشارت إلى أن "تصويب المسار" الذي يندرج تحته برنامج الحكومة، سيستدرك خلال دور الانعقاد الجديد للمجلس القضايا المنسية والمُهملة في البرنامج، وسيسعى إلى شمول كل الفئات المهمشة، أكدت أن الملاحظات التي قدَّمها النواب مكتوبة بشأن البرنامج خضعت -ولا تزال- للفحص والتدقيق وستكون محل اهتمام كبير من قبل الحكومة والقيادة السياسية، انطلاقاً من شعار تصويب المسار ذاته.

آخر الأخبار