كتبت ـ سوزان ناصر:حَصَدَ "كورونا" ما استطاع من أرواح، واجتاح صحة الغالبية من الناس، وقطع أرزاق الكثيرين، وأنهك مفاصل النظام الصحي، وخلخل بنيان المجتمع، بل هدد اقتصاد البلاد برمَّته... هي جائحة فعلت فعلها بالعالم، والكويت جزء من هذا العالم، قاومت الوباء على قدر استطاعتها.بلاء "كورونا" لم يتوقف عند كل ما سبق، بل وصل إلى فضح أستار الناس، وإفشاء أسرارهم، وانتهاك خصوصياتهم، من تطبيقات أنشأتها الجهات الحكومية وألزمت المسافرين بها، لتطويق الوباء، ما ينذر، في حال استمراره، بتداعيات لا تحمد عقباها.إفشاء البيانات الشخصية لمواطنين ومقيمين تفاقم خلال الأسابيع والأيام القليلة الماضية؛ ويبدو واضحاً من لحظة وصول المواطن من السفر، ودخوله قاعة القادمين في المطار، إذ تنهال المكالمات على هاتفه "الشخصي"، فيخاطبه المتحدث باسمه، عارضاً عليه أسعار مسحة الاختبار، وتسهيلات لإجرائها في منزله؛ الذي يعرفه المتحدث أيضاً بالتفصيل."السياسة" رصدت بعض شكاوى انتهاك الخصوصية، التي ضجَّت بها مواقع التواصل أخيراً، إذ أثار الدكتور محمد التميمي في تغريدة على حسابه في "تويتر" موضوع تسريب المعلومات والسرية للسفر والتنقل خصوصا أن تلك التطبيقات اصبحت مخترقة، قائلا: "فور وصولي لمطار الكويت من خارج البلاد تلقيت اتصالا من أحد المراكز الكبرى لمسحات الأنف وكانت لديهم المعلومات التالية: ١: وصولي إلى الكويت ٢: ميعاد الوصول. ٣: الوجهة التي أتيت منها. من الذي مرر لهم تلك البيانات الشخصية؟ علما ان تلك البيانات أدخلتها بتطبيق شلونك".براءة "شلونك"وبعد رد الناطق الرسمي للوزارة الدكتور عبدالله السند على تغريدة للدكتور يعاود الاخير التغريد فائلاً: "كل الشكر لوزارة الصحة وللدكتور عبدالله السند لتجاوبهم بتوضيح حقيقة تسريب البيانات الشخصية للمسافر"، مضيفاً: "يبدو قد تكون خرجت من تطبيق آخر وهو تطبيق كويت مسافر غير الخاضع لوزارة الصحة".ويتابع الدكتور التميمي مغرداً: "الحق بالتنقل باعتباره حقا دستورياً أصيلاً يخضع حتما للحق بالخصوصية. ولا يحق لأي شخص التطفل على الآخرين بذلك الحق وقياسا على ذلك يعتبر الإفصاح الوارد في تطبيق شلونك جزء من المعلومات الشخصية التي يسرها المقر للجهة الحكومية ولا يحق لها تحت أي ظرف أن تشيع تلك المعلومات لشركات خاصة" وهنا تكمن المشكلة كما وصفها الدكتور التميمي: "هل وصل الجشع في المراكز الطبية إلى حد اللجوء لتتبعنا في حلنا وترحالنا؟ بل وإلى تسلم بياناتنا الشخصية دون إذن أو موافقة مسبقة؟ هذا السلوك يعتبر خرقا قانونيا جسيما للحق في الخصوصية يتحمل وزرها من مرر البيانات الشخصية والمستفيد منها من المراكز الطبية".من جانبه، يعقب المغرد يعقوب بتغريدة رداً على التميمي "اتصلت علي وحدة من مركز، فعلاً عندها كل المعلومات وقالت عندهم عرض بالتعاون مع الخطوط الجوية الكويتية لعمل المسحة من البيت بـ١٨ ديناراً".المجتمع تفاعل مع انتهاك الخصوصيةالردود على الدكتور التميمي كانت من مختلف شرائح المجتمع، إذ قالت المغردة (ام منذر تتحدى الصعاب): "بكل مكان صاير الوضع يعطون معلومات.. وديت سيارتي سيرفس الوكالة وضفت رقم زوجي عندهم لأول مرة! نفس اليوم مليون اتصال على رقمه من الشريطية يسألون جم نبيع السيارة؟!". وغرد الدكتور مشاري فرج المهنا قائلاً: "وصلت للكويت قبل يومين.. عند خروجي من المطار وصلني اتصال من موبايل عرف بنفسه من مختبر مشهور بالكويت وأن عندهم عرض يسوي المسحة بالبيت بدال العنوه للمختبر بنفس السعر.. سألته من وين لك رقمي، أجابني من الطيران المدني؟! إذا صح الأمر فهذه مصيبة، ما في أي خصوصية وسرية للمعلومات".وترد المهندسة نوف مال الله: "نفس الشيء حصل معاي أمس وصلت من السفر تلقيت "واتس اب" على الموبايل مضمونه اذا تبين نسوي لج مسحة.. السؤال من وين وصل لهم رقمي واشدراهم أني دخلت الكويت؟!".بدوره الدكتور أحمد العلي غرد ردا على زميله الدكتور التميمي قائلا: "تسريب بيانات المسافرين لجهات تجارية امر خطير، ويتعارض مع الدستور وحق التنقل وخصوصيته المحمي قانونا، انتهاك البيانات من قبل اي جهة مرفوض وتضارب مصالح واضح وجلي للجميع، احتكار المسحات لجهات معينة قليلة ثم تسريب البيانات لها! تنفيع بالجملة".المغرد المهندس فيصل بوفهد علق: "شنوهالدولة اللي مخترقه من كل صوب أين المحاسبة لمن يسرب المعلومات؟ ومقابل شنو؟ وبعد إذا فيه غيره عن أي جهاز من أجهزة الدولة جم يأخذ، أمن الدولة خط أحمر".
مادة 39 حرية المراسلة البريدية والبرقية والهاتفية مصونة، وسريتها مكفولة، فلا يجوز مراقبة الرسائل، أو إفشاء سريتها إلا في الأحوال المبينة في القانون وبالإجراءات المنصوص عليها فيه.
في صالة انتظار الحقائب من جانبه غرد محمد ناهس العنزي: "صارت معاي، اتصل فيني مختبر طبي مرتين وأنا مازلت في صالة انتظار الحقائب! وبعدها رسالة واتس اب، سألته عن معرفتهم بوصولي، وعلى كلامه: بيننا وبين الخطوط الجوية الكويتية تعاون. وأنا أشك في كلامه لأن تبعاتها خطيرة سواء ألصقوا التهمة بالطيران المدني أو بالكويتية!".المهندس محمد أحمد الياسين غرد قائلاً: "البيانات هذه تباع بآلاف الدنانير، وانظمة تخترق فقط للوصول لمثل هذه البيانات لغرض تجاري مو اجرامي وكثير ممن يقدمون خدمات مجانية أو مدفوعة مثل غوغل وبعض شركات الاتصالات وغيرها قد يبيعون هالمعلومة". متسائلاً: "الاهم هل يوجد قانون يجرم بيع بياناتنا الشخصية بدون موافقتنا؟".
لا خصوصيةأنس مراد كان له وجهة نظر أخرى، إذ غرد "من يوم ما دخلت وزارة الصحة المختبرات الخاصة بالموضوع وإدخال تطبيق تابع لشركة خاصة، ما صار فيه أي خصوصية!" وكان قد شارك مغردا بالقول: "العام صارت معاي واستغربت.. سجلت بكويت مسافر مع الاهل والعيال للسفر ودقايق والا يتصلون فيني إحدى شركات التأمين تروح وترجع بالسلامة احنا شركة تأمين والقيمة كذا لسفرتك مع العايلة شاملة للكورونا!".ختاما غرد "crystalhj" مدوناً "دكتور... اللي ذكرته من تتبع الشركة الخاصة بالمسحات هو غيض من فيض... بمعنى فتحت الباب نحو وداع الخصوصيات وليس فقط في وضعك كمسافر بل راح تمتد لكل شيء في حياتك... أما الدستور اللي أشرت إليه فتم انتهاك مواده من بداية الضغط والإجبار بخصوص التطعيم".