الثلاثاء 23 ديسمبر 2025
18°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الاقتصادية

تعرفوا على مخاطر امتلاك أقلية من المستثمرين لحصص كبيرة في شركات متنافسة!

Time
السبت 06 أبريل 2019
السياسة
عادة ما يثير مفهوم الاحتكار في الأذهان قيام شركة مملوكة لأحد الأشخاص بالاستئثار بتقديم خدمة بعينها أو إنتاج سلعة، بحيث يصبح قادرا على فرض السعر الذي يريده دون مقاومة، غير أن تطور أشكال النشاط الاقتصادي أدى إلى تغير شكل الاحتكار أيضا، لتظهر أشكال مثل احتكار القلة واحتكار المشتري وغيرها.
وتشير دراسة لجامعة "هارفرد" إلى أن أحد أقل أشكال الاحتكار إثارة للاهتمام رغم خطورته الشديدة هو امتلاك مجموعة قليلة من المستثمرين لنسب كبيرة من الأسهم في شركات تعمل في نفس المجال، بما يجعلهم قادرين على توجيه تلك الصناعة مثلما يريدون ويصنعون شكلا من أشكال الاحتكار غير التقليدي. وفقا لما أورد موقع "أرقام" .
وتكشف الدراسة عن أنه في الفترة بين عامي 1997- 2012 فإن ثلثي الصناعات الأميركية ازدادت تركيزًا في الملكية، بينما تمتلك شركات أميركية للاستثمار حصصا كبيرة في شركات متنافسة في مجال التكنولوجيا خاصة وعلى رأسهم "مايكروسوفت" و"أبل".
وعلى سبيل المثال بين عامي 2012-2015 فحسب فإن المساهمين السبعة الرئيسيين في شركة "يونايتد إرلاينز" (يمتكلون 60% من الأسهم) تحكموا في نسب متفاوتة في شركات منافسة، بأن تملكوا 28% من أسهم شركة "دلتا" و27% من "جيت بلو" و23% من "ساوث ويست"، ليصبحوا مشاركين رئيسيين في الشركات التي تمثل مجتمعة أكثر من نصف سوق النقل الجوي في الولايات المتحدة.
وترصد "هارفارد" تراجعا بنسبة 40% في العروض الترويجية للشركات الرئيسية في مجال الطيران الداخلي في الولايات المتحدة بعد 2015، فبمنتهى البساطة لا يصوّت حملة الأسهم لتعيين أي مجلس إدارة يتخذ العروض الترويجية وسيلة لزيادة المبيعات لأنه يأخذ نفس العميل من إحدى شركاتهم إلى أخرى وليس من المنافس.
بل ازدادت كلفة تذاكر الطيران بنسبة 3-12% في 2015، وذلك بعد استبعاد آثار أسعار الوقود وتكاليف التشغيل والأجور وغيرها، بسبب امتلاك أقلية لحصص كبيرة في شركات الطيران، بما يوضح التأثير السلبي المباشر على المستهلكين.
وتبرز خمس مؤسسات أمريكية وهي: "فانجارد" و"بلاك روك" و"كابيتال ريسيرش" وفيديلتي" و"ستيت ستريت" بوصفها أكبر مالكين (بخلاف الأفراد وغالبيتهم غير معلوم) لشركات متنافسة في مجالات البنوك والصيدلة وسلاسل متاجر التجزئة.
فهم يملكون أسهما بحصص متفاوتة لكنها لا تقل إجمالا عن 20% في ثلثي البنوك الأميركية تقريبا، ولهم حصص الأسد في سلاسل متاجر أميركية مثل "تارجت" و"كروجو" و"كاستكو"، ويساهمون مجتمعين بنسب تصل إلى النصف في كبرى شركات الصيدلة الأميركية.
وتمتلك ثلاث شركات فقط من الخمس شركات سالفة الذكر حصة الأغلبية بما نسبته 89% من شركات مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" الشهير للأسهم، و80% من أسهم الشركات في مؤشر "داو جونز" الصناعي، بينما تمتلك شركات أخرى نسبا متفاوتة في صناعات ومؤشرات أسهم أقل أهمية بشكل نسبي.
وأجرت الدراسة تقييما لصناعات البناء والتصنيع والنقل والمرافق العامة ومبيعات التجزئة ومبيعات الجملة والتمويل والعقارات والتأمين والخدمات المالية، وفي كافة تلك الصناعات فإن الملكية ازدادت تركيزا بنسب متفاوتة (27-52%) خلال العقدين الأخيرين فحسب.
والأزمة في هذه الحالة من الاحتكار في أنها لا تثير أجهزة مكافحة الاحتكار وقوانينه لأكثر من سبب، فأولا الاحتكار ليس فرديا بامتلاك شخص لنسبة كبيرة من الأسهم في شركتين متنافستين ولكنه من أكثر من شركة في نفس الوقت.
والسبب الثاني أن تلك الشركات منفردة لا تنطبق عليها قوانين مكافحة الاحتكار، ولكنها بشكل جماعي تنطبق عليها، ويصعب تصور تحرك أكثر من مستثمر في نفس الوقت في نفس الاتجاه من دون تنسيق شبه كامل بينهم، ولكن في الوقت نفسه يصعب إثبات وجود مثل هذا التنسيق بما يجعل احتكار الأقلية هذا قانونياً وغير قابل للمكافحة، خاصة في حالة وجود شركات "وسيطة" لا تظهر تنسيق جهود المحتكرين.
وتؤكد دراسة "هارفارد" أن ملامح الأزمة تزداد قتامة مع الأخذ في الاعتبار وجود أشخاص - وليس شركات - لديهم القدرة على امتلاك الأسهم عن طريق أكثر من "واجهة" بما يجعل احتكارهم غير ملموس لا للسلطات ولا حتى للدراسات الاقتصادية بينما هم في الواقع يشكلون احتكارا يوجه سوقا بعينه كيفما شاء.
آخر الأخبار