رأى تقرير الشال أن الحديث مؤخرا حول أزمة الاقتصاد المحتملة في العالم وحول ارتفاع احتمالات تعرض الاقتصاد العالمي لأزمة كبرى تتعدى تبعاتها ما حدث بعد أزمة عام 2008، وفي دعم توقعاتهم، يستخدمون حججاً منطقية في ترجيح هذا الاحتمال. فهم أولاً يستذكرون ما حدث بعد أزمة شركات الإنترنت ثم أحداث 11 سبتمبر 2001 من خفض كبير لأسعار الفائدة على الدولار -طبع نقود- ما حدى بتشجيع الدول والشركات على الإسراف في الإقتراض من 87 تريليون دولار في عام 2000 إلى نحو 168 تريليون في عام 2008 والذي دفع بدورة أسعار الأصول -مالية وعقارية- إلى أعلى مستوياتها، ما أدى إلى انفجار الفقاعة في عام 2008 مع بدء ارتفاع الفوائد وانخفاض أسعار الأصول وبدايات عجز الدائنين عن مواجهة إلتزاماتهم. ذلك ما تكرر بعد أزمة عام 2008، فالديون السيادية والخاصة ارتفعت من نحو 168 تريليون دولار في ذلك العام، إلى مستوى 244 تريليون دولار في عام 2018 وفقاً لـ «معهد التمويل الدولي (IIF) على صعيد آخر، ارتفعت أسعار الأصول المالية -الأسهم- في أكبر أسواق العالم المالية ببلوغ مؤشر «داو جونز» نحو 2.66 ضعف أو بزيادة 166% ما بين نهاية عام 2008 ونهاية عام 2018،.والأزمات لا تحدث عندما يتزامن ارتفاع مستوى الديون مع ارتفاع مستوى أسعار الأصول، الأزمة تبدأ عندما تبدأ أسعار الفائدة بالارتفاع المتصل، وسعر الفائدة على الأميركي بدأ بارتفاع وحيد بربع النقطة المئوية في ديسمبر من عامي 2015 ثم في ديسمبر 2016، ولكنه بدأ الارتفاع المتصل لثلاث مرات وأربع مرات بربع النقطة المئوية في كل من عامي 2017 و2018 على التوالي، مع نية لرفعه مرتين بربع النقطة المئوية أيضاً في عام 2019. وقدمت تركيا في خريف العام الفائت نموذج على صيغة أزمة سيادية قد تتكرر في أي دولة أخرى، ويتردد حديث حالياً عن إحتمال عجز شركة واحدة من كل 7 شركات على مؤشر «ستاندرد أند بورز 500» عن مواجهة مستحقات ديونها، وذلك نموذج آخر عن أزمة محتملة على مستوى القطاع الخاص.ورغم أن كل ما ذكر فيه الكثير من المنطق ويمثل خليط مثالي لصناعة أزمة قادمة، إلا أننا لازلنا نعتقد بأن إحتمالات عدم حدوثها بالحجم الكبير المتوقع لأن الإدارات السياسية في العالم المتقدم تعي حجم تكلفتها السياسية. ولعل التراجع عن تأجيج الحرب التجارية في إتفاق الولايات المتحدة الأميركية والصين في الأرجنتين مثال، وربما تقدم بريطانيا التي تعيش أزمة سياسية حالية بعد رفض مقترح الحكومة للخروج من الاتحاد الأوروبي، مثال اخر على مراجعة وضعها الصعب، وربما تلجأ لتغيير سياسي أو حتى إستفتاء خروج جديد. مبرر آخر يجعلنا نرجح عدم إنفجار أزمة ضخمة، هو أن قراءة تاريخ الأزمات على مدى نحو أربع قرون من الزمن، تكاد تجمع على أن الأزمة تحدث عندما تصبح التحذيرات منها نادرة، وحتى مستنكرة، بينما بات المحللون الذين يرجحون حدوثها حالياً أكثر عدداً ممن يرجحون العكس.