تَبَخَّرَ واِحْتَرَقَ

د. خالد عايد الجنفاوي

يشير المثل الكويتي الشعبي "اللي عمره ما تبخر، تبخر واحترق"، وفي صيغة أخرى "من عمره ما تبخر، تبخر واحترق ثوبه" الى التحوّل المفاجئ في حياة الإنسان الذي هو أساسًا غير سوي نفسيًّا، لا سيما تحوله السريع من الفقر المدقع الى الثراء الفاحش، أو من مكانة اجتماعية متدنية الى مكانة عالية، بين ليلة وضحاها، ويبدأ بعض الذين يصابون بهذا الاضطراب النفسي يفقدون الاتصال بالواقع، بسبب وجود خلل، أخلاقي ونفسي، بِنْيَوِيّ في شخصياتهم. وتتشابه تصرّفات من تطيَّب بالبخور للمرة الاولى في حياته واحترق ثوبه، مع التصرّفات والصفات البارزة للشخصية المعتلة نفسيًّا.
ومن بعض أسباب وأعراض هذا التحوّل غير المتوقع في شخصية وسلوكيات المتبخِّر المحترق، نذكر ما يلي:
-الخَلَلُ البِنْيَوِيّ في الشخصية: يوجد أساسًا لدى من يتبخّر للمرة الاولى في حياته ويحترق عقلية معوجة، وخلل بنيوي في شخصيته، إما لأسباب وراثية أو بيئية أسرية أو اجتماعية سلبية.
وتتكشف أعراض هذا الخلل البنيوي في الشخصية في بروز ميل نفسي تدريجي نحو الإصابة بالعصابية (تقلّب المزاج والاكتئاب والقلق المفرط والشعور المرير بالذنب والجلد المرضي للذات).
- الفشل في التعامل مع المتغيّرات الحياتية: يلاحظ أن بعض من يربحون اليانصيب بالملايين في الولايات المتحدة الأميركية كأنهم يفقدون صوابهم بسبب التغيّر المفاجئ في حياتهم، وينتهي أمر بعضهم خلال أشهر، أو سنوات قليلة، الى أسوأ مما كانوا عليه في السابق، وذلك بسبب أن بعض الناس يصعب عليهم التعامل المناسب مع المتغيّرات الحياتية غير المعتادة، إما لافتقادهم للمهارات الاجتماعية المطلوبة، أو بسبب نرجسيتهم، أو جهلهم.
-الشعور المبالغ بالأهمية والانزعاج من الانتقاد والتعويض النفسي السلبي عن الشعور بالذلّ في السابق: بعد أن كان المتبخّر المحترق شخصًا مغمورًا أصبح فجأة مشهورًا، وستلاحظه يبدأ يتكبّر على أهله ومعارفه السابقين، ويتضايق بشدة من أي انتقاد لكلامه، أو تصرفاته المهووسة.
-السيكُوباتِيَّة (الاعتلال النفسي): سيبدأ يظهر على الذي "اللي عمره ما تبخر، تبخر واحترق" بعض أعراض السيكوباتية مثل انعدام الضمير، وعدم القدرة على التحكم بالتصرفات الشخصية والاندفاعية.

كاتب كويتي

@DrAljenfawi