محمد الفوزانيظن كثير منا أن أول أذان رُفع في إسطنبول كان من مسجد الفاتح بعد فتح القسطنطينية، لكن حقيقة الأمر أن أول أذان في المدينة رُفع من جامع العرب قبل نحو 1300 عام.جميعنا يعلم أهمية فتح القسطنطينية بالنسبة للمسلمين، خصوصا بعد حديث النبي(صلى الله عليه وسلم) عن أهمية فتحها، وثنائه على الجيش وأميره الذي سيقود هذا الفتح العظيم، والذي تضمن "لتفتحن القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش"، لذلك لم يكن السلطان محمد الفاتح هو أول من سعى لفتح المدينة، بل سبقته الكثير من الجيوش الإسلامية التي حاولت فتحها.إنه جامع العرب أول جامع بُني في اسطنبول عام 717 ميلادية بنته الجيوش الإسلامية التي قدِمت لمحاصرة القسطنطينية عاصمة الإمبراطورية البيزنطية بقيادة مسلمة بن عبد الملك في العهد الأموي.ففي شهر ذي الحجة من سنة 95هجرية حاصر مسلمة بن عبد الملك البيزنطيين من البر، وبقوات دعم من البحر، ودام الحصار سنة كاملة، وفي تلك المدة لم يتمكن من فتح القسطنطينية، لكن سيطر على منطقة غلطة، وفتحها، وتم التواصل بين الجيش الاسلامي بقيادة مسلمة والإمبراطور ليون على اتفاق نتج عنه انشاء جامع العرب وفتحه للعبادة كي يتمكن جيشه من قضاء فرائضه. رفع المسجد أول أذان في مدينة إسطنبول، وبقي مفتوحا للمسلمين سبع سنوات.يقع الجامع في منطقة قارا كوي،التي تعني بالعربية "القرية السوداء"، ويعود سبب هذه التسمية إلى أن مسلمة وجيشه عانوا من المرض والجوع طوال سبع السنوات التي قضوها في المنطقة لذلك أطلق عليها اسم "قرية القهر"، وتغير الاسم بعد ذلك ليصبح "القرية السوداء".على خليج القرن الذهبي، وتحت برج غلاطة وهو المسجد الوحيد بتركيا الذي بني بالطريقة الأندلسية، تشبه منارته المربعة منارات الأندلس والمغرب العربي، ولا يوجد في المسجد قبة، فسطحه منبسط ومستطيل الشكل، ويوجد خارج المسجد من الجهة الجنوبية الشرقية قبر الصحابي الجليل أبي أيوب الأنصاري.بعد فترة من الزمن بعد انسحاب الجيش الإسلامي الأموي ،حول رهبان الدومانيك الجامع كنيسة، واضافة منارة إليه لقرع الجرس، وأصبح الجامع كنيسة تابعة لروما الغربية، والتي سميت كنيسة "سان بالو".وبعد فتح القسطنطينية عام 1453ميلادية استعاد الجامع مكانته مرة أخرى، وحُوِّل جامعا وسمي "جامع غالطة"، وفي عام 1492، وبعد إجبار مسلمي عرب الاندلس إلى الهجرة من اسبانيا واستقرارهم في مناطق مجاورة للجامع، بات يُسمى" جامع العرب".وفي رواية أخرى أن سبب تسميته الجامع بهذا الاسم: هو شكل المئذنة التي تم تحويلها من مكان جرس للكنيسة إلى مئذنة، وأنّها تشبه مئذنة الجامع الأموي في الشام التي بنيت عام 714.وبعد اندلاع حريق غالطة عام 1731 تمت اعادة السلطانة صالحة زوجة السلطان مصطفى الثاني ووالدة السلطان محمود الأول اعمار الجامع، وبعد اندلاع الحريق الثاني عام 1807 تمت اعادة تعمير الجامع مرة أخرى، ورُمم بشكل واسع في الاعوام 1868 و1913، ولا يزال المسجد مفتوحاً للعبادة حتى اليوم.إمام وخطيب
[email protected]