الاثنين 19 مايو 2025
33°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

جلال برجس: المثقف العربي مطحون... والفساد أغرق مُجتمعاتنا بالأزمات

Time
الأحد 07 نوفمبر 2021
View
5
السياسة
* الثقافة في العالم العربي أصبحت خارج اهتمام المؤسسات الرسمية ولا ترقى إلى مستوى الطموح
* العربي يُعاني الإحباط والانكسار وهناك موجة نزوع للتخلُّص من الأوطان
* التكنولوجيا ستسقط أمام الكتاب لأنه يتضمن جوانب إنسانية لا يمكن أن تتوافر في كل ما تنتجه الرقمنة
* رواية "دفاتر الوراق" تساؤلات تبحث عن إجابات أتركها للقارئ لكنني أطمح أن تحدث التغيير
* علينا أن ننتبه للمخاطر المقبلة وأن يكون المثقف الضمير الحقيقي للمجتمع في مقاربة الواقع والأزمات


الشارقة ـ جمال بخيت:

أكد الروائي الأردني جلال برجس أن المثقف العربي مطحون ومجتمعاتنا تغرق في الأزمات بسبب تغول الطبقة الفاسدة وتسلطها، مشيرا إلى أن كل الجبهات في مجتمعاتنا سقطت ولم يبق سوى الجبهة الثقافية.
وقال برجس في حديث لـ"السياسة"إن روايته "دفاتر الوراق" التي فازت بجائزة البوكر ستتحول إلى مسلسل درامي في رمضان بعد المقبل، مضيفا أن الكتاب الورقي سيظل صامدا أمام تحديات التكنولوجيا، كما تحدث عن محطات عدة في مشواره الأدبي داعيا إلى ضرورة متابعة الشأن الثقافي والأحداث السياسية في الصحافة لمعرفة الجديد، وفيما يلي التفاصيل:

انطلقت في روايتك من وضعية صاحب الكشك "الورّاق" الذي تم هدمه لتعويضه بمركز تجاري، وتناولت وضعية المثقفين اليوم والكتاب الورقي عموما فهل يمكن القول إن " دفاتر الوراق" رواية المهمشين؟
فعلا أنا انطلقت من حادثة هدم هذا الكشك في حي وسط عمّان وأردتها أن تكون معادلا موضوعيا أو رمزيا لحال الثقافة في العالم العربي فهي أصبحت خارج اهتمام المؤسسات الرسمية ولا ترتقي الى المستوى الذي يجعل الكاتب يتصدر قائمة العيش الإنساني ويأخذ حقه الطبيعي كضمير للأمة مثلما تقول المقولة التقليدية.
وفي هذه المرحلة من التشتت الذي نعيشه في العالم العربي، نحن في حاجة اليوم إلى أن يكون المثقف الضمير الحقيقي للمجتمع وليس هناك ضمير أكثر صدقا في مقاربة الواقع اليومي والأزمات أكثر من ضمير الكاتب فكشك الوراق هو معادل رمزي لحال الثقافة العربية
لماذا اخترت مهنة الوراق بالذات ؟
"الوراقة" مهنة كلاسيكية ونحن نشهد اليوم رقمنة العالم، وأنا لا أنكر ما لهذه الرقمنة من إيجابيات لكنها أيضا تحمل الكثير من السلبيات أهمها تشييء الإنسان وإزالته عن مساره الطبيعي الإنساني الآدمي ومن أخطر الأشياء أن يتحول الإنسان إلى مجرد رقم ضمن قائمة الديجيتال، وبإزالة الكشك فأنا كأني أقرع الجرس وأطلق صرخة لأتساءل ما الذي سيحدث لو أن المبنى الثقافي العربي أزيل برمته، طبعا سنشقى.
ثم، من الذي أزال الكشك ؟ إنها الطبقة الفاسدة الموجودة في كل البلدان العربية هذه الطبقة التي ترى في الثقافة تهديدا لمصالحها الاستثمارية المتعلقة بالمال والتي لا علاقة لها بالجانب الإنساني.
حديثك عن الرقمنة يأخذنا إلى السؤال الذي كثيرا ما يُطرح وتتباين حوله الآراء : كيف ترى مستقبل الكتاب الورقي أمام طفرة التكنولوجيا وظهور الكتاب الالكتروني
في بداية ظهور رقمنة الكتب وجدنا كثيرا من التخوفات من أن يزول الكتاب الورقي في غضون سنوات لكن هذا لم يحدث، لأن في الكتاب الورقي جوانب إنسانية لا يمكن أن تتوافر في كل ما تنتجه رقمنة العالم، لا يمكن على الإطلاق، وهذا دليل على أن الكتاب سيبقى موجودا مادامت الحياة لكن لن يبقى موجودا لوحده بل مع بقية مفرزات رقمنة العالم.
نحن اليوم في 2021 يوجد آلاف الكتب مثلا هنا في معرض الشارقة يمتلك أصحابها "موبايلات" ولوحات رقمية وحواسيب لكن الكتاب باق لأسباب كثيرة أهمها تلك الروح التي نلمسها في الكتاب والعلاقة الحميمة معه.،فأنا برأيي أمام الكتاب تسقط التكنولوجيا
استغرقت كتابة هذه الرواية ما يقارب ثلاث سنوات ونصف، فهل يمكن القول إن ما حصل أخيرا من تحولات في المجتمعات العربية له تأثير على جلال برجس وأنه ليس بمنأى عما يحدث على الساحة السياسية ؟
نعم، طبعا، فقد كان بإمكاني أن أعود الى التاريخ وأكتب رواية تاريخية أو أكتب عن أمور مبهجة مثل الحب والعشق وغيرها لكنني كمراقب عن كثب لحال الشارع العربي ولحياتنا وكقارئ جيد أيضا، وجدت أنه من المناسب الآن أن أتطرق إلى وضع الانسان العربي في هذه المرحلة التي تشهد تغول الفساد.
العالم العربي يعاني اليوم من هذه الطبقة الطفيلية التي تعيش في زاوية مظلمة وتدير العالم وبالتالي نحن نغرق في أزمات كبيرة وهذا موجود في العالم العربي كله، لذلك صرنا نلاحظ للأسف موجة فيها نزوع نحوالتخلص من الأوطان والتوجه نحو العيش في أوروبا وأميركا فقد بات الإنسان العربي يحلم بالفردوس ولكنه في الواقع ليس الفردوس، والسؤال لماذا لا يصبح عالمنا العربي هو الفردوس ؟
في تقديرك، ما الذي يجعل المواطن العربي اليوم يفكر في الهجرة ؟
إنها اساءة الواقع فالإنسان العربي يريد أن تتوفر له على الأقل الحاجيات الإنسانية الثلاثة وهي المأكل والملبس والمسكن لكنها غير متوافرة بالشكل الكافي، والمؤسف أكثر هو أن حرية الكائن الإنساني ليست متوافرة بشكل حقيقي في العالم العربي فضلا عن تغول طبقة المفسدين التي سطت على حقوق الناس وشوهت حياتهم لذلك نرى الانسان العربي في غاية التوتر والإحباط والانكسار.
نحن اليوم في زمن الصورة لذلك حين يرى العربي غيره من الشعوب تعيش ظروفا أفضل ينزع إلى "فردوسهم" إن صح التعبير لكن هذا الفردوس للأسف الشديد لم يعد يقبلنا وبالتالي ينظر الينا كطارئين على حياتهم وهم لا يريدون من يهدد حياتهم أو يهشم هذه البنية الثقافية التي يزعمون انهم اشتغلوا عليها مطولا، رغم أننا ساهمنا كعرب في هذه البنية ثقافيا واجتماعيا وسياسيا.
نعلم جيدا أن الرواية تطرح أسئلة أكثر من أن تقدم إجابات، وجلال برجس أراد ربما من خلال هذه الرواية ان يرمي حجرا فلمن تتوجه برسائلك، هل لأصحاب القرار أم انك تحمل الشعوب مسؤولية عدم المساهمة في تحسين الوضع في أوطانهم باعتبار أن التغيير يأتي من الداخل لا من الخارج ؟ لمن يحمل برجس مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع؟
بالطبع المتعارف عليه هو أن الرواية تطرح الأسئلة ولا تقدم إجابات وبالتالي الإجابات مرتبطة بالقارئ، والقارئ هو جزء من هذه المنظومة الإنسانية وهو العنصرالأهم فيها، لذلك فالرسالة متوجهة الى الطرفين : القارئ الانسان الضحية والمتأذّي من كلما يحصل فأنا حين أطرح هذه الأسئلة أحفزه ليبحث عن إجابات مع أملي في أن تحدث الرواية التغيير.
وعلى صعيد السلطة العربية فأنا حين أضيء هذه الزوايا المعتمة فذلك لأنني أؤمن بقدرة الرواية على استشراف المستقبل بناء على العناصر المحيطة بنا، فأنا أقرع الجرس للطرفين إذ علينا أن ننتبه للمخاطر القادمة ونستعد لتجاوزها . هناك الكثير من الاحداث الكارثية التي مرت ولم نكن نتوقعها رغم توافر الكثير من العناصر التي لو تأملناها لكنا قادرين على تفادي القادم، فالعلاقة مبتورة بين الإنسان العربي والسلطة ولا ندري هل يمكن في المستقبل أن يلعب الصقر مع الحمام لا أدري بل لا أظن.
لو نظرنا من جانب آخر، هل تعتقد أن المثقف العربي بصدد لعب دوره في المجتمع اليوم ؟
المثقف العربي في هذه المرحلة هو كائن مطحون، وأنا برأيي سقطت كل الجبهات في مجتمعاتنا ولم يبق سوى الجبهة الثقافية وهي التي نعول عليها، فبالتالي المثقف أمام جبهتين، عليه كمثقف المحافظة على حياته المهددة من أكثر من طرف، وفي الوقت ذاته عليه أن يقول كلمته القصوى حيال ما يجري .
والحقيقة جزء بسيط من المثقفين يقومون بواجبهم في هذا الاتجاه وهم المثقفون المتصالحون مع أنفسهم ومشاريعهم، والقادرون على قول الكلمة الحقيقية التي تحدث أثرا على حياتنا.
الحديث عن المشاريع يحيلنا الى تلقيك طلبات لتحويل الرواية الى عمل درامي فهل سنراه على الشاشة قريبا ؟
نعم في الواقع تلقيت طلبات عدة في هذا الشأن وقد وقعت منذ أربعة أيام عقدا لتحويل "دفاتر الوراق" إلى عمل درامي، سيكون في شكل مسلسل يتكون من ثلاثين حلقة سيعرض على الشاشات العربية.
هل سيُعرض في رمضان المقبل ؟
من المنتظر أن يكون جاهزا في رمضان بعد المقبل الحقيقة، وهو عمل لمخرج مهم جدا وسيلعب أدواره نخبة من أشهر النجوم العرب.
من الجهة المنتجة ؟
الحقيقة هي شركة ضخمة وأنا ملتزم بأن لا أدلي بأي تفصيل حاليا لأن الشركة المنتجة ستعقد مؤتمرا صحافيا في الأيام القادمة للإعلان عن كل تفاصيل العمل.
"دفاتر الوراق" تنافست على البوكر مع روايتين من تونس هما "نازلة دار الأكابر" لأميرة غنيم، و"الاشتياق إلى الجارة" للحبيب السالمي، فهل كنت تتوقع الفوز أم كنت متخوفا من بقية الروايات المشاركة في المسابقة؟
دعنا نعود الى القائمة الطويلة التي تتضمن 16 رواية، لا أبالغ إن قلت لك إن هذه الدورة تحديدا تتميز بمشاركة روايات متميزة جدا، وأنا في تقديري كل الروايات التي اختيرت في القائمة الطويلة فائزة، فقد قرأتها كلها وسعدت جدا بالمستوى العالي من التنافسية واستمتعت كقارئ بها، والتخوف كان من كل الروايات.
كيف تقيّم ما تكتبه الصحافة الأجنبية عن البوكر؟
تابعت ما كتب في الصحافة الاجنبية عن"البوكر" ربما يراها المتابع العربي مرضية ولكن بالنسبة لي لم تكن مرضية.
آخر الأخبار