الأحد 06 يوليو 2025
41°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

جلنار زين: تطويع الثقافة لخدمة سياسات وشخصيات أسوأ ما تشهده الساحة العربية

Time
السبت 13 فبراير 2021
View
5
السياسة
القاهرة- آية ياسر:

صاحبة قلم متميزلا يخلو من السخرية، تتنوع إبداعاتها بين الرواية، والقصة القصيرة، والمسرحية، استطاعت لفت الأنظار إليها في الأوساط الثقافية العربية، بعدما حصدت بعض أعمالها جوائز أدبية مهمة.
نالت جائزة الشارقة للإبداع العربي، عن روايتها "موت مؤجل"، وجائزة إبداع حر من قناة "حياة اف ام"، عن قصتها "ذو الناب"، وأخيراً جائزة "كتارا للاستغفار"، فئة المسرحية القصيرة، عن "الإسكافي والعجوز".
حول فوزها بجائزة "كتارا للاستغفار" وأبرز محطاتها الأدبية، وإبداعاتها، أكدت الكاتبة "جلنار زين" في حديث لـ"السياسة" أنها وجدت في الحجر الصحي الطويل فرصة للكتابة فضلا عن تشجيع الاسرة لها على المشاركة، لافتة إلى أنها كتبت الرواية ودققتها خلال شهر، بخلاف رواية موت مؤجل التي عايشت أحداثها 5 أعوام وكتبتها في أحد عشر شهرا، وفيما يلي التفاصيل:

* عايشت رواية "موت مؤجل" 5 أعوام واستغرقت كتابتها 11 شهراً
* ولدت في الكويت وعشت فيها طفولتي وسلطنة عمان حفزت خيالي
* لا يقلقني الموت المادي بفناء الجسد بقدر فزعي من الموت الروحي


غلاف الرواية


ما ملابسات ترشحك لجائزة "كتارا" ؟
لفتت نظري الجائزة في البداية، ووجدتها فرصة جميلة لاستغلال وقت الحجر الطويل في المنزل، لصعوبة الموضوع فقررت التروي قليلًا، ثم عزمت على عدم المشاركة، لكنني والحمد لله، وجدت الفكرة مناسبة، ولقيت من الجميع التشجيع الذي جعلني أعدل عن رأيي.
كيف تلقيتِ نبأ فوزك بالجائزة؟
عندما قرأت اسمي في البداية لم أصدق، طلبت من زوجي أن يقرأ الاسم مجددًا ويتأكد أنه اسمى، فأكد لي ذلك وسألني باستغراب هل نسيت اسمك، كانت صدمة المفاجأة لاسيما أنني لم أتوقع إعلان النتائج في ذلك اليوم، بقيت هادئة إلى أن انتشر الخبر بشكل واسع على الصفحات الثقافية والصحف الرسمية، من ثم تأكدت أن النتائج حقيقية.
هل كنتِ تتوقعين الفوز بالجائزة؟
أفضل دائمًا أن أفكّر أنني فائزة دائمًا، فلدي نص مكتمل، هذا هو المهم، كنت في البداية أتوقع فوز النص، لكن لاحقًا شعرت بضآلة الفرصة عندما قرأت عن عدد المشاركات الكبير في الجائزة.
ما الذي يدور حوله عملك الفائز بالجائزة؟
"الإسكافي والعجوز"، تيمة النص هي الاستغفار، موضوع جامد قليلًا،غالبًا لن يفلت الكاتب من فخ المباشرة والوعظ إذا كتب فيه مجردًا، لذلك أدخلت الاستغفار في تفاصيل العمل وجعلت له قيمة مادية بالإضافة إلى قيمته الروحانية، فالنص يتحدث عن الإسكافي الفقير الذي يحب مساعدة الآخرين لكنه يعاني من الحظ السيئ، إلى أن تقابله عجوز أكثر بؤسًا منه، ينهرها أهل السوق فيستقبلها الإسكافي ويحسن إليها فتهديه ثلاث نصائح، يستغلها الإسكافي في الأحداث اللاحقة إلى أن يفسد خطة شهبندر التجار في الاستيلاء على السوق والمدينة كلها.
كم من الوقت استغرقتِ لكتابة النص؟
وقت تسليم الأعمال كان محدودًا، فكان لدي شهر واحد فقط للتفكير، والكتابة، والتدقيق،وإرسال النص إلى الجائزة، واستغرق ذلك من وقتي أسبوعين تقريبًا، خطرت على بالي خلال هذه المدة عشرات الأفكار لكنها لم تحرك قلمي، إلى أن جاءت فكرة "الإسكافي والعجوز"، ظلت الأحداث تدور في دماغي لعدة أيام قبل أن أقرر قبل انتهاء الموعد بأسبوع تقريبًا كتابتها.
أذكر أنني استيقظت في الليل قبيل الفجر، بدأت الكتابة بلا انقطاع حتى الحادية عشرة صباحًا، أنجزت 75 في المئة من النص، ثم نمت نومًا عميقًا من التعب، في المساء عاودت النظر إلى النص الذي كتبته فوجدت أنه يستحق أن أكمله فعكفت عليه حتى انتهيت منه، تركته يومين ثم عدت إليه لتدقيقه، وتعديله،وتنسيقه، وأرسلته فجر اليوم الأخير لاستقبال المشاركات.

تحد مع النفس
متى يصدر كتابك في طبعة ورقية؟
ليس لدي موعد مؤكد، لكن مؤسسة "كتارا" الثقافية سوف تصدر الأعمال الفائزة كعادتها بطبعات ورقية، أرجو أن يكون ذلك قريبًا.
ماذا عن فوزك بجائزة الشارقة للإبداع العربي ؟
"موت مؤجل" هي روايتي البكر،أظن أنني حين كتبتها، كنت أتحدى نفسي ومقدرتي على الكتابة بنفس طويل، وأنا التي أحب كتابة النصوص القصيرة جدًا وأميل إلى التكثيف الشديد، كنت أعيش أحداث الرواية داخل دماغي لمدة تزيد عن خمسة أعوام إلى أن قررت أخيرًا أن أكتبها، فعلت ذلك خلال 11 شهرًا بالضبط.
هل توقعت أو خططت للمشاركة بها في الجائزة؟
لم يكن الأمر سهلًا أبدًا، لم أكن أخطط للمشاركة بها في أي جائزة، لكن أيضًا شاء الله أن أنهيها قبل إغلاق باب المشاركة في الجائزة بأيام قليلة، فأرسلتها، أكرمني الله بالفوز بها.
لماذا بدأت الرواية من حيث انتهت أحداثها بالموت المفترض لـ "حسن"؟
لأنني قارئة متذوقة، أحب أن أقرأ الروايات التي تشدني إليها منذ الكلمة الأولى، فأعطيت القرّاء مثلي من التشويق ما يجعلهم يتوقفون للحظة، ومن ثم يتساءلون، ما الذي حدث، من الذي يروي الأحداث إذا كان حسن ميتًا، ما الذي اكتشفه جلال وسلمى وجعلهما يبتسمان وسط هذا السواد كله، الأهم كيف وصلنا إلى هنا، هذا ما تجيب عنه أحداث الرواية لاحقًا، عندما تتكشف خيوط الحكاية أمام القارئ بشكل تدريجي.
ما سبب اقتران الموت بالولادة في الرواية ؟
لطالما اقترن الموت في ذهني بولادة ولكن على شكل آخر، بعيدًا عن الشكل المحسوس الذي ألفناه، لا يقلقني الموت المادي بفناء الجسد بقدر ما يفزعني الموت الروحي، أن تجد أجسادًا دون أرواح تحيط بك في كل مكان وهي لا تشعر بما ينقصها، أجساد خاوية على عروشها، وكل ما أخشاه أن أصبح مثلها في يوم ما، أما الولادة التي تأتي بأشكال مختلفة، فلا تنحصر بقدوم طفل إلى هذا العالم، أما "حسن" فقد اقترب كثيرًا من الموت بشقيه، جرّب أن يولد من جديد عدة مرات، لم تكن النتائج كما يشتهي دائمًا ولكنه خاضها كما يجب.

صانع الظلال
كيف عبرتِ في مجموعتك "صانع الظلال" عن معضلات الإنسان العربي؟
اختيرت نصوص هذه المجموعة من بين نصوص كتبتها خلال فترة زمنية طويلة، لذلك سيجد القارئ أنها متنوعة ومختلفة جدًا في موضوعاتها، تواكب أحداثًا كثيرة، فمن خيبات الحب والعلاقات الإنسانية الشائكة إلى طغيان المادة والتكنولوجيا والتواصل الآلي الباهت، تعريجًا على قيم الانفتاح والحرية، والثورة على الظلم والفقر بأبشع صوره، والطبقية والشعارات الفارغة والنفاق المجتمعي، وصولًا إلى خيبات الكاتب الصغيرة.
ما سبب تنقلك بين الوصف المباشر والخفي في هذه المجموعة؟
تنوّع موضوعات المجموعة أثر في استخدامي لأساليب مختلفة بكل نص، بعض الأفكار كانت تحتاج إلى وصف مباشر ولا تصلح معها المواربة، بينما بعض النصوص الأخرى، عبرت عنها بطريقة غير مباشرة، وضعت فيها إشارات فقط لأنها تحتمل أكثر من فكرة وقد تركت للقارئ أن يراها كما يشاء.
لماذا تعرض فن القصة القصيرة جداً للهجوم في بداية ظهوره؟
كل تغيير جديد، ولو كان بسيطًا، سيجد مقاومة وخصوصًا في البدايات، ربما واجهت كل الفنون الأدبية الجديدة هذا الأمر وتجاوزته عندما أثبتت رسوخ أركانها، ولعل غموض خصائص القصة القصيرة جدًا من حيث أركانها وتقنياتها والخلط بينهما أحيانًا كثيرة جعل بعض النقاد المتشددين يرفضونها جملةً وتفصيلًا، ولم يزد استسهال كتابتها من بعض الطارئين على الأدب ونشر مئات النصوص الرديئة، النقاد والأدباء إلا نفورًا منها، بالتأكيد الأعمال الجيدة أثبتت وجودها، دفعت النقاد في النهاية إلى الاعتراف بها والمسارعة إلى دراستها وتأطيرها علميًا.
هل اكتملت صورتها؟
ما زالت الفرصة قائمة أمام أدب النصوص القصيرة جدًا بشكل عام وفن القصة القصيرة بشكل خاص، لتطوير تقنياتها وتثبيت أركانها إذا سلمت من الطارئين والمستسهلين لكتابتها ووجدت بين النقاد من يتبنى مشروعها ويؤطر لها، ليبرز وجه الأدب الحقيقي الذي يصنعه التميّز.

الأدب الغرائبي
هل تنتمي هذه المجموعة إلى "أدب اللامعقول" أو "أدب العبث"؟
المجموعة يغلب عليها طابع الأدب الغرائبي أو اللامعقول، وإن كانت تحتوي على نصوص قليلة قد تنتمي إلى العبثية.
لماذا يسيطر الأسطوري واللامعقول على مجموعتك "ذو الناب"؟
أنا كقارئة، أحب النصوص التي تكسر التوقع، تثير التفكير، وتجعلني أبحث فيما وراء الصورة التي أمامي، وتجعلني أفتح فاهي دهشة من التحوّل غير المتوقع للأحداث، هذه النوعية من النصوص تأسرني، تقدم لي وجبة دسمة من المتعة، لأنها تدخلني إلى عوالم غير مألوفة، تحفّز خيالي للتفكير في محاكاة غرابتها، السعي إلى مجاراة تشويقها، بأسلوبي الخاص؛ لذلك أظنني ركزت في هذه المجموعة على محاولة إنتاج نصوص تقترب من ذلك.
هل كتبت نصوصها مرة واحدة؟
لا، كتبت بعض نصوص هذه المجموعة قبل نصوص "صانع الظلال"، لم أنشرها إلا بعدما اكتملت مجموعة "ذو الناب" بكل التناقضات التي تحتويها.

سلاح السخرية
لماذا تطغى النزعة الساخرة على كثير من أعمالك؟
السخرية سلاحي في مواجهة الواقع، وطريقة فعّالة لإحداث التوازن مع العالم الذي لا أستطيع تقبّل تناقضاته، بل هي حلّ سحري يعيد لنفسي الرضا الذي تبحث عنه، من خلال صناعة عالم إبداعي افتراضي يسمح لي بمواجهة الخواء الروحي الذي يحيط بنا، في كثير من النصوص، وأسخر من وجعي وخيباتي المتكررة فأضيف نكهة حلوة فوق طبقات من المرار، فلا يدري القارئ أيضحك أم يبكي، أما النقد الساخر من الوضع الاجتماعي والسياسي فقد أثبت أنه الأقرب إلى المتلقي والأكثر قبولًا عنده من النقد المجرد، والأكثر نجاعة في إيصال الفكرة.
ما أهم المحطات التي صنعت تكوينك الأدبي؟
كثير من المحطات والمواقف- التعثر أيضًا- شاركت في ذلك، ربما أهم محطة كانت عائلتي المشجعة على القراءة والتميز منذ الصغر، كان اهتمام والديّ بالعلم والأدب على اختلاف هيئاته كبيرًا ومحفزًّا، أيضًا تنقلي بين محطات عربية كثيرة، فقد ولدت في الكويت وعشت فيها فترة طفولتي، ثم تابعت حياتي وأكملت دراستي في الأردن، ثم انتقلت إلى سلطنة عمان حاليًا، البلد الذي يحفز جمال تكوينه الخيال، وهناك بلدان أخرى مررت بها سريعًا لكنها أثرت في تكويني ومخيلتي، وأنتهي أيضًا عند عائلتي الصغيرة التي حاولت غرس حب القراءة والتنافس في الكتابة بينها فانعكس ذلك أيضًا علي.
هل تؤمنين بالفوارق الأدبية بين أدب الرجل وأدب المرأة؟
بالتأكيد، بالطبع لا أقصد قوة النص أو الجودة، لكن أظن أن هناك فروقات من ناحية التكوين النفسي لكل منهما، فبالإمكان بسهولة تمييز نص يدور حول فكرة واحدة كتبه رجل وامرأة، من حيث المعالجة وزاوية الرؤية وترتيب الأحداث وصولًا إلى انتقاء المفردات.
ما تقييمك للمشهد الثقافي في الأردن؟
أظنني لم أنخرط كفاية في المشهد الثقافي الأردني بحكم ابتعادي عنه لظروف اغترابي، بشكل عام لا يختلف كثيرًا عن المشاهد الثقافية في البلدان العربية الأخرى، توجد نقاط ايجابية كثيرة، منها، صعود أقلام جديدة، واهتمام متزايد بالشباب،ووجود أصوات نسائية جادة أثبتت جدارتها وتفوقها في هذا المجال، وأعمال أدبية تنافس بقوة على المستوى العربي، ولكن هناك بعض الهنات والعلل من شللية تبرز الرداءة، والتهافت غير المسبوق على الكم لا الكيف في النشر، ربما يكون إفراغ الثقافة من مضمونها لخدمة سياسات معينة وشخصيات بذاتها هو أسوأها.
ما العمل الجديد الذي تعكفين على كتابته؟
رغم قسوة الوضع النفسي والمادي الذي لا يزال يحيط بنا منذ بداية أزمة الـ"كورونا، إلا أن وجود وقت - وإن كان مشوبًا بالقلق والترقب - أتاح لي البحث في نصوصي غير المكتملة التي لم أجد لها وقتًا سابقًا بسبب ضغوطات الحياة وتسارعها المحموم، فأعدت إحياءها، أعكف حاليًا على إنهاء عملي الروائي الثاني، الذي انتظر طويلًا إلى درجة ضياع جزء مهم منه، أرجو أن يرى النور قريبًا ويحظى بما حظيت به "موت مؤجل" من الاحتفاء.
آخر الأخبار