الأحد 22 سبتمبر 2024
37°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الأخيرة

حادثة المروحة واحتلال فرنسا للجزائر

Time
الأربعاء 10 مايو 2023
View
11
السياسة
محمد الفوزان

تتعدد الأسباب والعوامل التي تدفع بعض الدول لاحتلال دول أخرى واحدة، ولا شك ان أهمها السيطرة الاقتصادية، والبحث عن الأموال وجني الأرباح.
لكن حادثة المروحة التي دفعت فرنسا الى إعلان الحرب على الجزائر واحتلالها، كانت من أغرب أسباب الاحتلال في التاريخ.
يوم أن ضرب الداي حسين القنصلَ الفرنسي بيار دوفال، كانت الذريعة والسبب غير المباشر لـ"إعلان فرنسا الحرب على الجزائر"، ومن ثَم احتلالها في العام 1830 مدة زادت على 130 عاماً.
بدأت القصة في 29 أبريل 1827، وكان هذا اليوم يوافق أول أيام عيد الفطر عندما زار القنصل الفرنسي بيار دوفال قصر الباشا العثماني الداي حسين الذي تولى حكم الجزائر في سنة 1818.
وكان من التقاليد السياسيّة حينها زيارة قناصل الدول الأجنبية الباشا في المناسبات المهمة، وخلال الجلسة دار حديث بين الداي حسين والقنصل الفرنسي حول الديون المستحقة للجزائر لدى فرنسا، وكانت هذه الديون جزءاً من مساعدة الجزائر لفرنسا أثناء حصار الدول لها بسبب إعلان الثورة الفرنسية.
وكان رد القنصل الفرنسي بطريقة غير لائقة، فأمره الباشا بالخروج، لكن القنصل لم يخرج، فلوح له الباشا بالمروحة التي كانت في يده، وقيل إنه ضربه بها على وجهه، فسميت هذه الحادثة بـ"حادثة المروحة".
أخبر القنصل الفرنسي بلاده بالحادثة، وضخّم الحدث، فاتخذت فرنسا من هذا السبب ذريعة لاحتلال الجزائر.
في 12 يونيو 1827 بعث شارل العاشر الأسطول الفرنسي الى الجزائر، بحجة استرجاع مكانة وشرف فرنسا، وجاء قبطانها إلى الباشا الداي حسين وعرض عليه خيارات للاعتذار للقنصل، الباشا العثماني لم يقبل كل الخيارات، فحاصر الفرنسيون الجزائر ستة أشهر، وانتهى الأمر باحتلالها.
اما الأسباب الاحتلال الحقيقية فهي الديون على فرنسا للجزائر وبلغت يومذاك ما يعادل اليوم 262 مليون يورو.
أدت الثورة الفرنسية التي اندلعت سنة 1789 إلى عزل فرنسا عن الساحة الأوروبية، وحصارها من بعض الدول، بسبب خوف الأنظمة الملكية القائمة، آنذاك، من امتداد الشعارات المعادية لسلطتَي النبلاء والدين لمختلف الممالك الأوروبية.
في هذا فقدت فرنسا عدداً من حلفائها العسكريين وشركائها التجاريين، لا سيما النمسا، وروسيا، والإمارات الجرمانية الكاثوليكية، وفقدت معها للسلع الأساسية اليومية لشعبها مثل القمح، وهو جعل فرنسا تحوِّل نظرها إلى شركائها الموجودين خارج قارة أوروبا.
عندما بدأ نابليون بونابرت حملته العسكرية على مصر سنة 1798 من أجل تموين جيشه الضخم، تعرَّف على تاجريْن يهوديين هما كوهين البكري ونفتالي بوجمة.
هذان اقترحا على نابليون أن يساعدا حكومة فرنسا لاستيراد القمح من ولاية الجزائر العثمانية، هو ما تم، وعملت ولاية الجزائر على تموين فرنسا بالقمح طيلة فترة الحروب النابليونية من 1803 حتى 1815، إلى حين عودة الملكية.
وبسبب ما مرت به فرنسا من ظروف طيلة هذه الفترة تراكمت عليها ديون حتى
وصلت الى 28 مليون فرنك ذهبي فرنسي، وهو مبلغ خيالي، آنذاك، لدولة في القرن
التاسع عشر، وكان الباشا العثماني أكثر ولاة الجزائر إلحاحاً لاستخلاص الديون الفرنسية، فبعث ثلاث رسائل إلى هنري العاشر،
ملك فرنساً، طالبه فيها بتسوية المستحقات، لكن الملك لم يكن يرد على الباشا
الحسين داي.
وفي عيد الفطر 1827 استغل الباشا الحسين داي وجود القنصل الفرنسي، وسأله عن سبب عدم إجابة ملك فرنسا على رسائله؟
فأجابه القنصل أن ملك فرنسا لا يمكن أن يجيب والياً عثمانياً، وهو ما أغضب الباشا العثماني وصفعه بالمروحة التي كانت بيده.

إمام وخطيب

[email protected]
آخر الأخبار