الأخيرة
حتى لا يتكرَّر الغزو
السبت 02 مارس 2019
5
السياسة
سطام أحمد الجاراللهثمة سؤال يدور في خلد غالبية المواطنين وهو: هل فعلا هناك جدية في الاصلاح ومكافحة الفساد، أم أن المسألة مجرد شعارات وبيانات لتمرير الوقت، بأقل قدر من المحاسبة للفسادين؟ وهل الاحباط الذي يعاني منه الكويتي هو نتيجة طبيعية لترف الديمقراطية ام هو نتيجة شعوره ان المعالجة بالمسكنات لم تعد تفيد، ولا بد من عملية جراحية لاستئصال سبب المرض؟هذه الاسئلة وغيرها كثير لا يمكن الاجابة عنها في ظل المحاصصة السائدة، على المستويين التنفيذي والتشريعي، ولا يمكن ان يكون هناك اي عمل اصلاحي اذا لم تكن لدينا النية لتغيير الواقع من خلال الدفع الى انتخاب ممثلين عن الشعب لا همَّ لهم الا خدمة الوطن، وليس مراكمة الثروات على حساب البؤساء الكويتيين الذين يعانون الامرَّين من سوء الخدمات وتخلف التشريعات، الى حد باتت تعتقد الغالبية ان ما يجري حاليا اسوأ بكثير من الغزو العراقي الغاشم، ففي تلك المرحلة السوداء من تاريخ بلدنا كنا نعرف العدو، وكان واضحا ومقاومته كانت سهلة، رغم المآسي التي يتعرض لها المقاومون، لكن اليوم العدو ليس واضحا، وبالتالي فان مقاومته تبدو كأنك تقاوم شبحا، لا تستطيع امساكه او ان تدل عليه.لدينا كل انواع الرشوة، والمحسوبيات، ومخرجات الانتخابات تعبر عن واقع الشعب، الواسطة تدخل في كل شيء، حتى في الطبابة التي هي حق طبيعي للمواطن، ولا احد يتحمل المسؤولية، بل كل يرمي التهم على غيره، لذا سادت الفوضى، واصبحت التبعية لهذا او ذاك عنوان المرحلة، فتراجع التعليم ومخرجاته الى ادنى المستويات، لأن حتى في هذا الامر تدخلت الواسطة، فهذا المعلم هناك من يحميه، وذاك الموظف لديه ما يكفي من ترسانة الحماية لمنع محاسبته، وهذا المتنفذ لديه شبكة كاملة من وسائل الضغط لمنع محاسبته.ليست مسألة سوء الخدمات والبنية التحتية الا احد الامثلة على ما تعاني منه الكويت، وليس رمي التهم على الاخرين الا دليل على عجز عن امكانية التعلم من دروس الماضي، خصوصا مرحلة الغزو والاحتلال التي كان فيها الكويتيون أنموذجا في التضامن والوحدة والقوة على مواجهة المحنة والتغلب عليها، ولو لم يكونوا على هذه الصورة لما تضامن معهم العالم، ووقف الى جانبهم، لكنهم للاسف رموا هذا الثروة الوطنية في اول سهلة مهملات صادفتهم في الطريق، وبدلا من استثمار الثروة تلك في بناء مؤسسات قوية ونزيهة، غرقوا في ازمة اللا ثقة بانفسهم ووطنهم ومستقبلهم، حتى اصبحوا على هذه الصورة من البؤس بسبب الفساد الذي زينتهم لهم اوهامهم، وان طريق الخلاص من اي محنة مستقبلا تكون بتجميع اكبر قدر من الثروة حتى لو كان ذلك على حساب مستقبلهم ومستقبل اولادهم وبلدهم، ولم يدركوا ان ضمانة النجاة هي ببناء مؤسسات قوية ونزيهة لانهم في ذلك يواجهون اي عدو، أكان فاسدا أو عدواً خارجياً.هل نتغلب على هذه الحال من خلال العودة الى ثوابتنا التاريخية، وهي التعاون والتعاضد ونبذ الفاسدين، كي لا يتكرر الغزو، الذي سيكون هذه المرة غزوا من الداخل عنوانه الفساد؟