بيروت ـ"السياسة": في ظل أجواء اقتصادية ومالية قاتمة تخيم على لبنان، ووسط توقعات بأن يفرض البنك الدولي على لبنان شروطاً قاسية لإخراجه من أزماته التي تعصف به، أشارت وكالة "بلومبيرغ"، إلى أن "السياسيين اللبنانيين يخشون من أن يطلب صندوق النقد الدوليّ زيادة الضرائب وتحرير سعر صرف الليرة الثابت منذ التسعينيات"، لافتة إلى أن "حجم الدين السيادي يزيد عن 150% من الناتج المحلي الإجمالي، إذ يحتل لبنان المركز السادس عالمياً لجهة أعلى نسبة دين إلى الناتج المحلي، والمستثمرون الأجانب يدرسون احتمال تخلّف الدولة اللبنانية عن سداد ديونها".وقالت الوكالة إن أغلبية "سندات الـ"يوروبوندز" اللبنانية هبطت إلى ما أقل من 35 سنت للدولار"، مبيّنةً أنّ "سعر السندات سجل انخفاضاً قياسياً الأسبوع الفائت قُدّر بـ74 سنت للدولار"، في حين اعتبرت وكالة "فيتش" الدولية للتصنيف الائتماني أن "وضع لبنان المالي يشير إلى إعادة هيكلة للدين". وأضافت : "أن إعادة هيكلة دين حكومة لبنان قد يأخذ أشكالاً مختلفة والمفاوضات مع حملة السندات قد تكون معقدة".ورأت، "فيتش"، أنه "من المرجح إعادة هيكلة الدين الحكومي للبنان بشكل ما".وكشفت أوساط مالية بارزة ل"السياسة"، إلى أن لا مفر أمام لبنان إلا تنفيذ التوصيات التي سيقدمها وفد صندوق النقد الدولي، لتلافي الانهيار الكبير الذي يهدد البلد، مشددة على أنه يتوجب على الحكومة أن يكون لديها الجرأة لوضع اللبنانيين في أجواء الخطوات الصعبة والموجعة التي سيتم اللجوء اليها، بناء على ما سيقترحه صندوق النقد الذي له تجارب عديدة على هذا الصعيد، وإلا فإن لبنان سيكون حتماً أمام انهيار محتم، في وقت ينبغي على الحكومة أن تلتزم بتسديد سندات "اليوروبوند"، لأن عدم الدفع لن يكون في مصلحتها على الاطلاق، في وقت علمت "السياسة"، أن "حزب الله" ليس متحمساً ل"وصفات" البنك الدولي الذي يسير وفق التعليمات الاميركية، في ظل خشية لدى الحزب وحلفائه من استهدافهم اقتصادياً ومالياً من خلال اقتراحات الحلول التي سيقدمها البنك للبنان.وبرزت أولى مؤشرات رفض "حزب الله" لما سيقترحه وفد صندوق النقد، من خلال إعلان "تجمع العلماء المسلمين" الذي يدور في فلك الحزب، " رفضه "القاطع للجوء إلى صندوق النقد الدولي في علاج الأزمة، بل أن يبادر رئيس الحكومة إلى جولة عربية أوروبية تطالب هذه الدول بمساعدته على حل أزماته التي في ما لو تعقدت وتصاعدت، فإنها ستحمل إليهم أخطارا ناتجة عن نازحين ليس سوريين فقط بل حتى لبنانيين هربوا من الجوع والفقر".وعشية زيارة وفد البنك الدولي إلى بيروت، والذي سيقابل كبار المسؤولين السياسين وشخصيات مالية ومصرفية، للبحث في سبل إيجاد حلول للأزمة المالية القائمة، أبلغ رئيس الجمهورية ميشال عون المستشار البريطاني الاعلى للدفاع في شؤون الشرق الاوسط الجنرال جون لوريمير الذي استقبله، أمس، في قصر بعبدا، ان الازمة الاقتصادية والمالية التي يعاني منها لبنان حاليا، هي موضع معالجة للحد من تداعياتها، لافتا الى ان صندوق النقد الدولي سوف يقدم خبرته التقنية في الخطة التي ستعتمد في هذه المعالجة.
وشكر عون الحكومة البريطانية على الدعم الذي تقدمه للجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي سواء في بناء الابراج او التجهيز والتدريب ومشاركة ضباط في دورات في بريطانيا، او استحداث نظام جديد للمراقبة المرئية بواسطة الكاميرات وانشاء غرف تحقيق نموذجية.وكان الجنرال لوريمير نقل الى الرئيس عون استمرار المملكة المتحدة بدعم لبنان وخصوصا الجيش والقوى الامنية، متمنيا ان يتمكن لبنان من تجاوز الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها.إلى ذلك، يعقد مجلس الوزراء جلسة، غداً في قصر بعبدا برئاسة الرئيس عون، بالتزامن مع وصول وفد من خبراء صندوق النقد الدولي إلى بيروت، لإجراء مشاورات مع الحكومة عبر لجنة الوزراء والخبراء اللبنانيين، حول كيفية تعامل لبنان مع استحقاق اليوروبوند والازمة المالية والنقدية التي تعصف به.وحذر البنك الدولي، من أن لبنان معرض لخطر "الانهيار" ما لم يطور نموذج إدارة أقل فسادًا وأكثر شفافية من النظام المطبق في البلاد اليوم.وقال كبير مسؤولي البنك الدولي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فريد بلحاج في مقابلة مع تلفزيون "بلومبيرغ"، "يحتاج السياسيون إلى التوقف والإنصات، لا يمكنك الاستمرار في فعل ما كنت تقوم به لسنوات عندما ترى ما هو رد الفعل في الشارع، وعندما ترى ما هي حالة الاقتصاد".وفي السياق، دعا رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان، إلى اجتماع للجنة، الخميس، يشارك فيه وزير المال غازي وزني وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف سليم صفير.ويحضر استحقاق الـ"يوروبند" بندًا رئيسًا في الإجتماع، في سياق السعي للتوصل الى القرار الأسلم الذي يجب أن يتخذه لبنان الرسمي بشأن هذا الاستحقاق المالي، بما يخدم مالية لبنان وسمعته والمودعين على حد سواء.وفي الاطار، شدد النائب جورج عدوان على ان، "أهم ما يجب معرفته في موضوع اليوروبوند أن لا معالجات تحصل بالقطعة، بل ذلك يجب أن يحصل من خلال خطة مالية شاملة تقدمها الحكومة ووزير المال". ورأى عضو كتلة "التنمية والتحرير، النائب قاسم هاشم، أن "ما أثير حول بيع المصارف اللبنانية حصتها من سندات "يوروبوندز" إلى جهات خارجية يضع علامات استفهام كثيرة، وللوصول الى الحقيقة والأجوبة الواضحة يجب اعتبار ما تردد في هذا الخصوص بمثابة بلاغ لدى النيابة العامة المالية".