* ركاب "الرحلة 149" وطاقمها تعرضوا لانتهاكات جنسية وتُركوا للموت جوعاً * كلايف إيرثي: العراقيون استخدموا الرهائن دروعاً بشرية خلال حرب التحرير* ستيفن ديفيز: البريطانيون لم يتوقعوا أن يقع مطار الكويت بيد العراقيين سريعاً اتهم الصحافي ستيفن ديفيز، في كتاب جديد له بعنوان "عملية حصان طروادة"، الحكومة البريطانية بأنها تسترت على تفاصيل رحلة غامضة لطائرة بريطانية كانت تحمل بين ركابها 9 جواسيس أرادت زرعهم في الكويت، هبطت في مطار الكويت الدولي عشية الغزو العراقي الغاشم، رغم علمها بأن الغزو قد بدأ.وسلط الكتاب الضوء على تفاصيل من قصة تلك الرحلة الغامضة، للطائرة التي هبطت في الكويت في طريق رحلتها الى ماليزيا، وتزامن هبوطها مع جريمة الغزو العراقي، فتم أسر ركابها الـ367 وطاقمها المكون من 18 فردا في الأسر، حيث تعرضوا لانتهاكات جسيمة من جانب القوات العراقية آنذاك، استُغلوا خلالها جنسيا وتركوا للموت جوعا تقريبا.واستقصى ديفيز، الحقائق والألغاز المحيطة بتلك الرحلة الغامضة للطائرة البريطانية، من أفواه بعض الناجين من دون ذكر أسمائهم، ومن أشخاص آخرين شاركوا في التخطيط لـ"المهمة"، حيث سعى في كتابه إلى أثبات أن الطائرة كانت في مهمة أمنية!ووفقا لتقرير نشره موقع "بي بي سي عربي" أخيرا، فإن الغموض الذي لفّ، على مدى سنوات، هبوط رحلة الخطوط الجوية البريطانية رقم 149 في الكويت خلال الغزو العراقي لها عام 1990، بدأ يتكشف حاليا، وسط مزاعم بأن الحكومة البريطانية استخدمت هذه الرحلة لأهداف أمنية، وانتهت بوقوع الطاقم والركاب في الأسر ومعاناتهم على مدى خمسة أشهر.وبين التقرير أن "الرحلة 149" غادرت لندن مساء 1 أغسطس 1990 متجهة إلى آسيا على أن تتوقف ترانزيت في الكويت، وحطت صباح 2 أغسطس، وكانت الطائرة الوحيدة التي تحط في مطار الكويت في ذلك الصباح، حيث حولت بقية الرحلات مساراتها.ونقلت الـ "بي بي سي" عن أنتوني بيس، الذي قدمّته بأنه كان قد انتدب إلى الكويت عام 1988، وكان مسؤولا عن "الاستخبارات السياسية"، مع أنه عين سابقا ضابطا في جهاز الاستخبارات MI6، وعمل في السفارة البريطانية تحت غطاء ديبلوماسي، قوله إنه لم يستطع الحديث عن الاتهامات الكاذبة والظلم بسبب السرية المفروضة عليه، لكنه الآن يريد الحديث على الملأ تضامنا مع من عانوا، وأوضح "أعتقد أن الاستخبارات البريطانية استخدمت الرحلة رقم 149، بالرغم من تكرار النفي الرسمي".وأضاف انه "كانت هناك محاولة متعجلة من قبل الجيش لزرع عملاء للاستخبارات على أرض الكويت، وأنه وطاقم السفارة لم يكونوا يعرفون بذلك".وقال إن "العملية خططت بحيث يتم إنكارها". وكانت هناك اتهامات له بمعرفة تفاصيل العملية أو أنه ضلل الخطوط الجوية البريطانية حول ما إذا كان بإمكان الطائرة الهبوط. ولكن بيس نفى تلك الادعاءات.يقول بيس إنه "تحدث إلى ممثل عن الخطوط الجوية البريطانية مساء 1 أغسطس بينما كانت الأزمة بين العراق والكويت في أوجها، لكن قبل وقوع الغزو العراقي للكويت".ويذكر أنه قال للشركة "إذا كانت لديك رحلة ستصل عند منتصف الليل فعلى الأغلب سوف تهبط"، وأوضح أنه "حذرهم أن الغزو إن وقع سيكون ذلك في الساعات الأولى من صباح اليوم التالي، وأنه لن تستطيع طائرة الهبوط في نفس الوقت من اليوم التالي".
دروع بشريةويتذكر كلايف إيرثي، مدير طاقم الخدمة على متن الطائرة، أن رجلا بريطانيا بالزي العسكري استقبل الطائرة عند الهبوط في مطار الكويت، وقال إنه حضر للقاء 10 أشخاص على متن الرحلة. واستدعي الرجال العشرة إلى مقدمة الطائرة وغادروا الطائرة ولم يرهم أحد بعد ذلك.وقال إيرثي لبي بي سي "أعطيت لهم الأولوية بينما ترك الركاب، رجال ونساء وأطفال، والطاقم، لوقت متأخر".ويقول إن الحكومة مسؤولة عما حدث لاحقا، حيث أخذ العراقيون الركاب والطاقم رهائن. وأفرج عن بعضهم بينما تعرض آخرون لمعاملة سيئة، وانتهاكات جنسية كما تركوا للموت جوعا تقريبا.واستخدم العراقيون بعضهم دروعا بشرية في مرافق حيوية في محاولة لحمايتها من قصف قوات غربية. أطلق سراح الرهائن بعد خمسة شهور.ويقول ديفيز، مؤلف كتاب "عملية حصان طروادة"، إنه أجرى مقابلات مع أفراد من الفريق المشار إليه دون ذكر أسماء، ومع أشخاص شاركوا في التخطيط للمهمة، ويعتقد أن المهمة كانت زرع فريق من القوات الخاصة للرقابة وجمع معلومات لجهاز الاستخبارات. ويضيف أن "السلطات البريطانية لم تتوقع أن يقع المطار تحت سيطرة العراقيين بهذه السرعة. بل كان الاعتقاد أن الفريق سيغادر الطائرة التي ستتابع رحلتها إلى وجهتها النهائية"، ويقول إن الجيش دفع ثمن التذاكر، ويعتقد أن الخطوط الجوية البريطانية كانت تدرك ما يجري.وردا على استفسارات لـ "بي بي سي"، أشارت وزارة الدفاع إلى بيان سابق في مجلس العموم ورد فيه "أكدت الحكومة البريطانية بوضوح عام 2007 أن الحكومة لم تستغل الرحلة عام 1990 بأي شكل من الأشكال". من جانبها رفضت شركة بريتيش إيرويز التعليق، وأشارت إلى نفي حكومي سابق.مطالبة بالاعتذاركانت جيني جيل البالغة من العمر 18 عاما تجلس في مؤخرة الطائرة مع شقيقتها. وتذكر رجلين جلسا بجوارهما، لم يتفوه أيهما بكلمة. وتعتقد أنهما كانا من القوات الخاصة.ووصفت جيل المشهد عندما حطت الطائرة بأنه كان سيرياليا، حيث لم يكون هناك موظفون على أرض المطار، ولم تكن هناك طائرات باستثناء طائرات الخطوط الجوية الكويتية. وسمعت الفتاتان أصوات انفجارات. وقالت جيل لبي بي سي "عند هذه اللحظات أدركنا أن شيئا خطيرا يحدث، لم نعرف أين نذهب أو ماذا نفعل". وأكدت جيل إنها "لم تر الرجلين الذين كانا يجلسان بقربهما مرة أخرى"، مضيفة "أردت أن أعرف الحقائق بمجرد عودتي إلى بريطانيا، لكن ذلك لم يحدث. أغلقت الابواب في وجوهنا". وأطلق كتاب ديفيز في مؤتمر صحافي في لندن في الذكرى الحادية والثلاثين لهبوط الطائرة في مطار الكويت، ويعرض الكتاب قصص بعض الذين أخذوا رهائن، بالإضافة إلى حديث بيس للمرة الأولى. ويقول بيس إن "الركاب لم يحصلوا على أي تفسير عن سبب وضعهم على متن رحلة خطيرة، ويرى أن هناك ضرورة للاعتذار".

طائرة الخطوط الجوية البريطانية بعد تدميرها (أرشيفية)