الأحد 22 سبتمبر 2024
37°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
كل الآراء

حفل التتويج الملكي لكل الأديان

Time
الأربعاء 10 مايو 2023
View
13
السياسة
الشيخة حصة الحمود السالم الصباح

منذ بضعة أيام تم تتويج الملك تشارلز الثالث ملكًا للملكة المتحدة لبريطانيا وإرلندا الشمالية، وقرينته الملكة كاميلا باركر في حفل ضخم تم بمراسم عدة هي الأقدم والأعرق بين حفلات التتويج الملكية على وجه الأرض، حيث تمثل هذه المراسم العديدة تجسيدًا للأعراف والتقاليد الملكية البريطانية المتبعة منذ قرون مضت، منذ تتويج الملك ويليام الفاتح كأول ملك يتوج في كنيسة ويستمنستر آبي في العاصمة لندن، وهو التقليد المتبع حتى اليوم، وفي شهر مايو تحديدًا.
وقد تم الاستعداد لهذا الحفل مباشرة عقب وفاة الملكة إليزابيث الثانية، حيث جرت العادة تنصيب الملك الجديد يعقبه بضعة أشهر حدادًا على الملك السابق، ثم حفل التتويج. وقد أقام الملك تشارلز الثالث حفلًا كبيرًا يوم الجمعة قبل يوم التتويج، وذلك لاستقبال ملوك وقادة دول العالم المدعوين للحضور، حيث تواجد في هذا الحفل سمو ولي عهد دولة الكويت الشيخ مشعل الأحمد الصباح، ممثلًا لحضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الصباح، حفظهما الله ورعاهما. وقد حظي بقدر كبير من الاهتمام كذلك حضور الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين، وولي عهده الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، عبر فيها الملك عن متانة العلاقات التاريخية بين البلدين الصديقين.
وفي الواقع فإن المملكة المتحدة دائمًا نموذج في فن القيادة والإدارة والحفاظ على التراث والأعراف والتقاليد، وقد تَخرَّج من أكاديمياتها العسكرية وجامعاتها العريقة الكثير من قادة دول العالم، ومفكريه، ورموزه في شتى المجالات.
والعلاقات البريطانية- الخليجية تتميز بقوتها وتميزها، وبخاصة مع الكويت، وذلك ما صرحت به السفيرة البريطانية في الكويت بيليندا لويس على هامش احتفال السفارة البريطانية بالذكرى الثلاثين لليوم العالمي لحرية الصحافة منذ بضعة أيام، بحضور ممثلي الصحف الكويتية، وقد أشادت بالعلاقات البريطانية - الكويتية، وبمناخ حرية الرأي والتعبير في الكويت، وبالدستور الكويتي الذي يحمي الحريات، وأن الملك تشارلز الثالث يحمل للكويت في قلبه محبة وتقديرا لأعمالها الإنسانية. وقد تميز حفل التتويج الملكي بتنوع الحضور من مختلف الأديان، وقد شارك للمرة الأولى منذ ألف عام، أربعة ممثلين من مجلس اللوردات (مسلم ويهودي وهندوسي وسيخي) في مراسم التتويج، وذلك بعد اعتراضات من الكنيسة الأنجليكانية على خرق بروتوكول التتويج الكنسي المتبع منذ ألف عام. لكن إصرار الملك تشارلز الثالث على هذا الأمر نابع من إيمانه بحرية العقيدة وحتمية التعايش بين الأديان والمذاهب المختلفة.
وفي التتويج أقسم الملك تشارلز الثالث بصفته حاكم كنيسة إنكلترا بالدفاع عن الإيمان المسيحي والعقيدة البروتستانتية، وقد أدخل إليه رئيس أساقفة كانتربري نصًا كُتب خصيصًا لهذه المناسبة التاريخية وللمرة الاولى في القَسَم الملكي يتعهد الملك بتهيئة البيئة المناسبة لحرية العقيدة والتعايش بين مختلف الأديان، والشيء بالشيء يُذكر، فإن البابا فرنسيس بابا الفاتيكان قد أهدى الملك تشارلز الثالث قطعتين صغيرتين من خشب الصليب الذي يُعتقد في الكنائس الكاثوليكية بأن السيد المسيح قد صُلب عليه.
ورغم تحفظ الكنيسة البروتستانتية على مصداقية هذا الأمر إلا أن الملك تشارلز الثالث قبل الهدية، وتم تثبيت القطعتين في صليب ويلز الذي يتقدم مراسم تتويج الملك، وقد اعتبرها البعض خطوة جيدة للتقريب بين المذاهب المسيحية، وإضفاء جو من التسامح يعزز من السلام والتعايش وقبول الآخر. وحقيقة الأمر فإنني اعتبر هذا الأمور هو انتصار كبير لكل المدافعين عن حرية العقيدة والتعايش السلمي بين الأديان، وذلك أن يتم خرق بعض التقاليد الملكية العريقة التي تتم منذ قرون عديدة في مناسبات التتويج، وهو ليس بالأمر الهين. لكن احتياج عالمنا للسلام والأمان فرض هذا التغيير، والذي اعتبره انتصارًا لكل المناضلين والمفكرين المدافعين عن حرية العقيدة، وحتمية التعايش السلمي والحضاري، بين جميع البشر. نهنئ المملكة المتحدة بتتويج الملك تشارلز الثالث، ونتمنى له التوفيق والسداد، هو وكل قادة دول العالم في ترسيخ قواعد السلام والوئام بين شعوب الأرض، وأن تتوقف دائرة الحروب والصراعات، وتغليب صوت الحكمة والعقل، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

كاتبة كويتية
آخر الأخبار