عبده: دفعت 1450 ديناراً مقابل عدم الممانعة و750 ديناراً مقابل التجديد كل عامينحامد: ذهبت إلى "القوى العاملة" ولم أحصل على حقي فخالفت قوانين الإقامة فريد: أتجنب دوريات الشرطة وأعمل أكثر من 10 ساعات للحصول على 7 دنانيربيومي: تخرجت في دار العلوم وأعمل باليومية وسيتم ترحيلي إذا شكوت كفيليتحقيق ـ ناجح بلال:تحولت أزمة العمالة السائبة والهامشية إلى كرة ثلج متدحرجة تزداد ضخامة وتعقيداً كلما تركت دون حل جذري يبدأ بوضع حد لسوق تجار الإقامات الذين يستقدمون آلاف الوافدين مقابل مبالغ مالية كبيرة دون وجود فرص عمل حقيقية لهم، ليطلقوهم بعد ذلك في الشوارع، ما بين عامل باليومية، وآخر قد يلجأ لارتكاب الجرائم من أجل سد رمقه والبقاء على قيد الحياة بعدما تورط في ديون ضخمة تمثل قيمة ما دفعه من أموال لتاجر الإقامات على أمل دخول جنة مزعومة سرعان ما يجدها جحيماً لا يرحم، ولعل إعلان وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل عن كسبها 500 قضية ضد تجار الاقامات خير دليل على مدى استفحال هذه القضية.ووفقاً للاحصائيات هناك 411 ألفاً و838 يعملون في قطاع الانشاءات 13 ألفاً و458 منهم من الكويتيين كأصحاب شركات مقاولات ومهندسين وغيرهم بينما يعمل 398 ألفاً و380 من العمالة الوافدة في هذا القطاع، حيث يتوزعون بين أعمال الانشاءات المختلفة والتشطيبات، وجزء من هؤلاء رغم تسجيلهم ضمن هذه المهن إلا أنهم في معظم الأحيان تكون علاقتهم بشركاتهم المسجلين عليها بالاسم فقط ويضطرون إلى العمل لدى الآخرين أو يتحولون إلى عمالة سائبة تنتشر منذ الصباح الباكر يومياً في بعض الساحات وعند بعض الدورات على أمل أن يطلبهم أحد للعمل باليومية لانجاز مهمة معينة مثل هدم جدار أو نقل أنقاض أو حتى القيام ببعض الأعمال الانشائية البسيطة. كما توضح الاحصائيات أن هناك 202 الف و708 غير كويتيين لم تتضح طبيعة أعمالهم لدى الهيئة العامة للمعلومات المدنية حتى منتصف 2018 حيث صنفت هؤلاء تحت بند "غير مبين" بما يوضح أنهم يقعون ضمن ما يسمى بالعمالة السائبة، وإن كانوا ليس في مجملهم وافدون بل منهم أيضاً عدد من فئة "البدون".والتقت "السياسة" عدداً من هؤلاء الذين قصوا بعضاً من أوجاعهم، وكيف سقطوا ضحايا حلم وهمي روج له تجار الإقامات الذين سلبوهم أموالهم ثم تركوهم بمفردهم مطاردين من الجميع.وفي ما يلي التفاصيل: يقول جمال عبده، وهو شاب في أوائل الثلاثينات: دخلت الكويت عام 2014 بعدما دفعت 1450 ديناراً لشركة تتاجر في الاقامات وفوجئت بأن تلك الشركة توفر الاقامة فقط دون العمل، فلم أجد مفراً سوى العمل باليومية لدى من يطلبني لأني ملتزم بمصاريف أسرة مسؤول عنها في بلدي ولا استطيع أن أعود إلى هناك قبل أن اسدد المبلغ الذي دفعته للكفيل تاجر الإقامات، بل لابد أن ادخر 750 ديناراً مقابل تجديد الاقامة مرة كل عامين، يحصل عليهم نفس الكفيل وإلا حرر بحقي بلاغ تغيب.ويضيف عبده، أعمل الآن صباغاً باليومية انتظر في الشارع من السادسة صباحا حتى دخول الحادية عشرة قبل الظهر لعل وعسى يحضر أحد ويطلبني لصباغة شقته أو محله، والمشكلة أن هذا العمل غير دائم فقد أعمل 20 يوماً في الشهر وقد لا أجد عملاً طيلة أشهر متتالية. ويقول عوض رزق: عمري 47 سنة وأعمل باليومية ولم استطع تجديد الاقامة منذ عامين، فأجرتي ثمانية دنانير يومياً ولا يهمني أن أحصل على الطعام بقدر تحويل ما لا يقل عن 30 ديناراً شهرياً لاسرتي لأن اغلب ابنائي في المدارس وبحاجة لمصاريف باستمرار. ويروي زكي حامد ـ 72 عاماً ـ أنه باع مواشي كان يمتلكها في بلده ونصف فدان زراعي ليدفع ثمن عدم الممانعة ويأتي للكويت ليتمكن من هدم بيته المتهالك حتى يعيش اولاده عيشة كريمة ولكن فوجئ بعد وصوله الكويت منذ 12 سنة أن احلامه تبخرت وخالفت كل توقعاته، فلا يزال بيته على حاله حتى هذه اللحظة. وقال: إن اول عمل له كان حارس عقار تحت التأسيس مقابل 60 ديناراً شهرياً وتحمل برودة الشتاء وحرارة الصيف بلا تكييف حيث كان يعيش في غرفة شينكو داخل موقع البناء إلى حين استكمال بناء العقار لكنه فوجئ ان صاحب العقار بعد انتهاء البناء يطلب منه مغادرة العمل لديه نهائيا دون ان يرتكب أي خطأ، لافتا الى انه عندما تكلم مع صاحب العقار عن سبب الاستغناء عنه قال له "رائحتك كريهة أنت لا تتسبح" معترفا أنه كان كذلك في بعض الاوقات لانه لا يوجد حمام حيث كان العقار تحت التأسيس، فكان يذهب للمسجد المجاور من العقار ويغتسل كلما سنحت الظروف، وهو الآن يعمل بالاجر اليومي في مجال المعمار واقامته سارية حيث يدفع للكفيل مقابل التجديد مرة كل عامين. ويشير حسام فريد إلى انه جاء الكويت بفيزا حرة من خلال أحد تجار الاقامات، وفوجئ أنه تم خداعه بتلك الفيزا حيث علم انه لا يوجد ما يسمى بالفيزا الحرة التي باع من اجلها ميراثه من ابيه لاشقائه لتحقيق حلم السفر، وعندما ذهب هيئة القوى العاملة ليشكو الشركة، لم تقدم له أي بادرة ايجابية واضطر لمخالفة قوانين الاقامة، مفيدا انه كلما شاهد سيارة شرطة يتوارى عنها بهدوء حتى لا يتم ضبطه، فهو يعمل باليومية مقابل 6 أو 7 دنانير في اليوم وفترة العمل ربما تمتد لعشر ساعات او اكثر ويتحمل كل مشقة العمل من أجل توفير حياة كريمة لأولاده.ويقول فرج بيومي ـ 27 سنة: أنا حاصل على ليسانس دار العلوم ودخلت الكويت بموجب كفالة شركة تتاجر في الاقامات مقابل 1700 دينار وكبقية زملائي فوجئت بأن تلك الشركة توفر الاقامة فقط وليس هناك عمل، لكن لم افكر نهائياً في تقديم شكوى ضد كفيلي لأن معظم من دخلوا البلاد عن طريق تجارة الاقامات يخشون ترحيلهم خصوصا أن أحد زملائي عندما ذهب للهيئة فأخبره موظف في الهيئة أنه لا يستطيع ان يفعل له أي شيء، ولهذا اضطر للعمل باليومية في تركيب السيراميك نظير ثمانية دنانير يومياً، ومشكلتي أنني كلما ذهبت لخطبة فتاة وعلمت اسرتها أنني أعمل باليومية يتم رفض طلب الزواج لأن الكل يعتقد أنني أعمل مدرساً للغة العربية بحكم شهادتي كخريج في كلية دار العلوم.