الأربعاء 02 أكتوبر 2024
33°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
كل الآراء

حقيقة العرف الدستوري وأهل الكويت

Time
الخميس 13 يوليو 2023
View
12
السياسة
جاسم الخطاف

في البناء التشريعي تعتبر الكويت رائدة في حرية الاعتقاد المطلقة، بحيث تحمي الدولة حرية اداء شعائر الأديان طبقاً للعادات المرعية، على أن لا يخل ذلك بالنظام العام أو ينافي الآداب .
كان لزاماً علينا تسطير تلك المقدمة المختصرة لتحليل العرف الدستوري كمصدر من مصادر القانون الدستوري، الذي يمكن القول: أن العرف له أهمية كبيرة في الدول والدساتير المدونة وغير المدونة، كما أن علاقته بالتشريع متصلة لأنهما مكملان لبعضهما بعضا.
وعليه فإن المتتبع لأعمال مجلس الأمة، والمهتمـيـن بالأمـور السياسـيــة في الكـويـت سوف يجد في هذه المقـالة المختصرة الكثير من المعلومات التي تهم الباحثين في هذا المجال، اذ تشكل عملية ترتيب القواعد القانونية أو الأدوات التشريعية من الأعلى إلى الأدنى، وفقاً لقوتها ضرورة الالتزام عند تطبيقها ابتداءً بالهرم الدستوري، ثم القانون ثم اللوائح.
فقد ذهب رأي في بداية النظام الدستوري الحديث في الكويت إلى القول أن دستور الكويت لم يعمل به إلا حديثاً، كما أن أول دستور متكامل تعرفه البلاد، وذلك من خلال تكوين القاعدة العرفية مما يحتاج إلى فترة طويلة حتى تظهر وتكتمل أركانها.
وقد ذهب رأي آخر إلى أنه رغم حداثة النظام الدستوري في الكويت، فإن العرف له دور ملحوظ في بعض المسائل التي لم ينظمها الدستور، ومن ثم أصبحت قانوناً ضمن المنظومة المعمول بها، وأن هناك بعض الأعراف الدستورية قد تكونت بالفعل في الكويت. والواقع أن العرف الدستوري أصبح اليوم حقيقة قانونية في النظام الدستوري الكويتي، إذ أن جانبا من النظام الدستوري يقوم أساساً على القواعد العرفية التي تكونت خلال السنوات المتتالية لبدء العمل بأحكام الدستور.
وقد عرف العرف الدستوري بأنواعه الثلاثة (المفسر، المكمل، المنشئ) بتواتر العمل من إحدى السلطات في الدولة في موضوع من مواضيع ذات الطبيعة الدستورية، وذلك أثناء ممارستها لاختصاصاتها، واستقر في ضمير الجهات، كقاعدة ملزمة ومن أمثلة (العرف المفسر).
ذلك ما جرى عليه العمل في شأن اختيار التجار، وأصحاب المهن الحرة الأخرى، كالمحامين، والأطباء، والمهندسين لتولي منصب الوزارة.
فقد ثار خلاف عام 1965 حول حقيقة المقصود في المادة 131 من الدستور، والتي تنص على أنه "لا يجوز للوزير أثناء توليه الوزارة أن يلي وظيفة عامة أخرى أو أن يزاول ولو بطريق غير مباشر مهنة حرة أو عملاً صناعياً أو تجارياً أو مالياً...".
فلقد استقر العمل على أن الدستور لم يقصد منع اختيار أصحاب المهن الحرة من تولي منصب الوزارة، لكن يمنع على صاحب المهنة الحرة ممارستها منذ لحظة توليه مهمات منصبه الوزاري.
ولقد شهدت الوزارات الكويتية المتعاقبة منذ عام 1965 دخول الكثير من أصحاب المهن الحرة، لا سيما التجار في صفوفها، مما يمكن معه القول بقيام عرف دستوري مفسر، مؤداه أن المادة المذكورة تجيز اختيار الوزراء من بين أصحاب المهن الحرة. ومن أمثلة "العرف المكمل" ما جرى عليه العمل في مجلس الأمة الكويتي عند استجواب الوزراء، بأن يأخذ صاحب الاستجواب مكانه على يمين منصة الرئاسة، بينما يأخذ الوزير المستجوب مكانه على المنصة المقابلة لليسار.
وأخيراً "العرف المنشئ" عندما يسكت الدستور تماماً عن معالجة قضية معينة، فلا ينظمها أي من نصوصه، فيأتي دور العرف المنشئ ليخلق قاعدة دستورية تنظم المسألة.
والعرف المنشئ يأتي بقواعد جديدة، فهو لا يخالف الأحكام والمبادئ العامة المستقرة في الدستور، إنما يشترط في القاعدة الدستورية التي أنشأها هذا العرف أن تكون متسقة بأحكامها مع نصوص الدستور الذي نشأت في ظله، وأنه من الممكن أن يحتويها من دون تأثير على سياقه العام.
ومن أمثلة الأعراف الدستورية المنشئة في الكويت ما جرى عليه العمل في مجلس الأمة الكويتي، من أن البيانات التي تزود الحكومة بها مجلس الأمة، إما من تلقاء نفسها، أو بناء على سؤال موجه من أحد الأعضاء، وأنها تودع لدى الأمانة العامة للمجلس للإطلاع عليها، وذلك وفق المنظومة المتكاملة المعمول بها، وهذه حقيقة العرف الدستوري وأهل الكويت.

مدير ادارة البحوث السياسية التشريعية في مكتب وزير الدولة لشؤون مجلس الامة
آخر الأخبار