* الصرف في أمور "سيادية" يخرج عن نطاق الرقابة لما تتسم به من سرية* المتهمون نفذوا أمر من تجب عليهم طاعته وفق نص المادة 27 من قانون الجزاء* تنفيذ المتهمين لأوامر رئيس الدولة وتوالي الأوامر منهما يجعل تصرفاتهم بمنأى عن التأثيم* ليس من الإنصاف وضع المتهمين تحت مقصلة المساءلة الجنائية لمحافظتهم على أسرار الدولة * الأموال لم تكن معلومة ومدرجة بميزانية وزارة الدفاع من الأساس ولا تخضع للرقابة* إيداع الأموال بالخارج على هذا النحو كان بغرض استخدامها في أمور معينة تتعلق بسيادة الدولةأكدت محكمة الوزراء في حيثيات الحكم الصادر برئاسة المستشار ناصر ال هيد والذي قضى ببراء جميع المتهمين في قضية صندوق الجيش انها تطمئن للكتاب الوارد من وزير الديوان الاميري الشيخ علي الجراح، من ان هذه المصروفات في القضية كانت بعلم سمو الامير الراحل المغفور له الشيخ صباح الاحمد، وانها تعتبر سرية ولاعتبارات سيادية.وأضافت المحكمة -في حيثيات حكمها التي حصلت "السياسة" على نسخة منها-: إن الاموال التي صرفت من الودائع والحسابات تم التصرف بها بمعرفة وموافقة من سمو الامير الراحل في امور تتعلق بالامن القومي ومصالحه العليا ما يجعلها بمنأى عن الرقابة عليها.وأكدت المحكمة أنها استندت إلى "كتاب وزير الديوان الأميري السابق الشيخ علي الجراح، الذي أكد أن الصرف جاء بعلم وموافقة الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد خدمة للصالح العام ومتطلبات مصلحة الأمن القومي للبلاد، وان هذه المصروفات ذات طبيعة سرية كانت قد تمت لاعتبارات سيادية تقدرها القيادة السياسية العليا القائمة على إدارة شؤون البلاد وتؤكد ان إفشاءها او البوح بها وتداولها في الأوراق والمحاضر من شأنها الأضرار بالأمن القومي للبلاد ومصالحها العليا".وأضافت: إن النيابة العامة حفظت الشكوى المقدمة من الشيخ حمد صباح الأحمد، بعد أن تأكدت من أن "الكتاب المرسل للمحكمة تم إعداده وصياغته وطباعته بناء على أمر وتوجيه سمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح وتم تكليف الشيخ علي الجراح الصباح وزیر شؤون الديوان الاميري بتوقيعه".وذكرت المحكمة أن النيابة استمعت إلى كل من وزير الديوان الأميري الشيخ محمد العبدالله والمستشارين بالديوان الأميري الدكتور عادل الطبطبائي والدكتور محمود العتيبي، ومدير مكتب سمو الأمير ووكيل شؤون الديوان الأميري أحمد الفهد الذين أجمعوا على أن الكتاب المشار إليه تم إعداده وصياغته وطباعته بناء على أمر وتوجيه سمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد وتم تكليف الشيخ علي الجراح وزیر شؤون الديوان الاميري بتوقيعه"، مؤكدة اطمئنانها بصحة ذلك الكتاب وصحة ما ورد به وتناولته على هذا الاساس. وتابعت المحكمة في حيثيات حكمها: "إن المحكمة تستخلص مما تقدم أن الأموال التي صرفت من الودائع والحسابات محل الاتهام قد تم تخصيصها والتصرف فيها بمعرفة المتهمين الأول والثاني وبمعرفة وبموافقة المغفور له باذن الله لسمو امير البلاد الراحل الشيخ صباح الأحمد في أمور تتعلق بالأمن القومي للبلاد ومصالحه العليا ولاعتبارات سيادية يجعلها بمنأی عن الرقابة عليها وعلى أوجه صرفها لما تتسم به هذه النوعية من المصروفات والأغراض الذي خصصت لها من سرية تتماشى مع المصالح العليا للبلاد التي قد تطلب قدرا كبيرا من التكتم والسرية لاعتبارات دولية وسياسية وامنية تقدرها القيادة السياسية وقد يترتب على إفشائها او البوح بها وتداولها بين العامة أضرار كبيرة قد تلحق بالأمن القومي او تأثير في علاقات الدولة الخارجية".مظلة شرعيةوأضافت: ما قام به المتهمون قد تم تحت مظلة شرعية تحكمها اعتبارات سيادية لا سيما ان تمسك المتهمين بالانكار وامتناعهم عن الإفصاح عن حقيقة أوجه صرف تلك المبالغ حال كونهم تابعين للمؤسسة العسكرية وقت ارتكاب الوقائع المنسوبة إليهم، يجد سنده فيما تنص عليه المادة 14 من القانون رقم 32 لسنة 1976 في شأن الجيش السالف الإشارة إليها والتي تحظر عليهم إفشاء أي معلومات تتعلق بعملهم حتی بعد انتهاء خدمتهم، وهو ما يشكل قيد يكبل حريتهم في ممارستهم حق الدفاع عن أنفسهم وهو ما تأباه العدالة ولا ترضاه لمن يلوذ بمحرابها.وأشارت إلى أنه ليس من الانصاف وضعهم تحت مقصلة المساءلة الجنائية جراء حرصهم على الحفاظ على اسرار الدولة العليا والتزامهم بما تفرضه عليهم مناصبهم ووظائفهم التي تقلدوها من مسؤوليات، مبينة أنه لا ينال من ذلك ما قررته رئيس لجنة الفحص - الشاهدة الأولى - بشأن وجود رقابة على المصروفات السرية اذ ان ذلك ينطبق على الأموال المدرجة بالميزانية.
وأوضحت المحكمة أن "تلك الأموال لم تكن معلومة ومدرجة بميزانية وزارة الدفاع من الأساس كما أن الكتاب سالف الذكر يستخلص منه ان هذه الأموال صرفت على أمور ارتأت القيادة العليا للدولة أنها "سيادية" وهو ما يخرجها من نطاق الرقابة"، مضيفة "على فرض أنه قد شاب عملية الرقابة المحاسبية على تلك الأموال أية مخالفة للإجراءات المتبعة فإنها لا ترقى إلى مرتبة الجرائم الجنائية طالما قد صرفت تلك الأموال في الغرض الذي خصصت له بالفعل والمتعلق بأمن البلاد كما أشار الكتاب سالف البيان".وقالت المحكمة: "ما قام به المتهمون من تصرفات في الأموال محل الاتهام وفق كتاب الديوان الأميري كان تحت مظلة ما يبيحه القانون الموظف العام عند استعماله سلطات وظيفته او تنفيذه لأمر من تجب عليه طاعته وفق نص المادة 27 من قانون الجزاء السالف الإشارة إليها حيث إن قيام المتهمين الأول والثاني بالتصرف في تلك الأموال كان قد تم بعلم وموافقة صاحب السمو أمير البلاد الراحل طيب الله ثراه وهو ما يعد بمثابة أمر من رئيس الدولة والقائد الأعلى للقوات المسلحة وممن تجب عليها طاعته ثم توالت عقب ذلك الأوامر والتوصيات من المتهمين سالفي الذكر إلى باقي المتهمين وهو ما يجعل تصرفاتهم بمنأى عن التأثيم".
دعائم الاتهام أصابها الوهن وحملت بين طياتها معادلة هدمهاقالت المحكمة إنه باستعراض ما حوته الدعوى من أدلة التي أقامت لجنة التحقيق دعائم الاتهام عليها نجد انها قد أصابها الوهن وحملت بين طياتها معادلة هدمها، إذ إن أقوال الشاهدة رئيسة اللجنة المشكلة لفحص الحسابات محل الاتهام قد جاءت في كثير من نقاط الفحص مرسلة وقوامها الظن والاستنتاج وعجزت عن ايضاح كافة النقاط اللازمة لاظهار وجه الحق في الدعوى. وهو ما ينطبق ايضا على اقوال الشاهد السابع نواف عبدالله المهمل رئيس لجنة فحص حسابات صندوق الجيش وما يرتبط به من حسابات اذا ان المستفاد من اقوالهما ان الاموال محل الاتهامات المثارة بالاوراق كانت بالاساس عبارة عن ودائع انشأتها الحكومة من فترات طويلة وتم نقل تبعيتها الى وزارة الدفاع في عام 2001 إلا إنه رغم ذلك فإن تلك الأموال لم تدرج في الدفاتر الرسمية والميزانيات المتلاحقة ولم تخضع يوما ما للاشراف عليها ومتابعتها من قبل الجهات الرقابية والمحاسبية في الدولة، وإن وزارة الدفاع والتي من المفترض انها المالكه الا تعلم عنها شيئا.
اللجنة لم تتوصل إلى المصدر الأساسي للأموالكما لم تتوصل اللجنة إلى المصدر الأساس لتلك الأموال وسبب عدم ادراجها في الميزانية والالية المتبعة لمنح التفويض في التعامل عليها لاسيما وان هذه الودائع كانت قائمة من قبل تولي المتهمين وظائفهم وهو ما يشير ويؤكد الى ان هذه الاموال منذ ايداعها بالخارج على هذا النحو كانت بغرض استخدامها في امور معينة تتعلق بسيادة الدولة، ما استدعى حجبها عن الاجهزة الرقابية والعاملين بوزارة الدفاع منذ البداية وهو ما يؤكد صحة ما ورد بكتاب الديوان الاميري، كما أن اللجنة المشكلة لفحص الحسابات لم تقم بالانتقال إلى مقر المكتب العسكري بلندن لفحص ما عسى أن يوجد به من مستندات متعلقة بالدعوى والاطلاع على كافة الحسابات التي تم فتحها بصورة غير رسمية وآلية تسليم إدارة تلك الحسابات من المسؤولين المتعاقبين على ذلك المكتب واكتفت بالمراسلات التي تمت مع الجهات ذات الصلة وهو ما يجعل نتائجها مشوبة بالقصور.
عبارات مطاطة لا يمكن معها الوقوف على حقيقة السلوك الإجراميقالت المحكمة إن التحليل المالي الذي توصلت اليه اللجنة بأنه تبين للجنة وجود سوء استغلال للتفويضات الممنوحة وسوء استخدام للسلطة الحقت ضررا جسيما على المال العام أدت الى شبهة التعدي عليه عن طريق استخدام حسابات موقتة غير معلومة واجراء عمليات سحب وتحويلات منها بغرض اخفاء وتمويه تلك التصرفات غير المشروعة واظهار تلك التصرفات المالية وكأنها مقابل خدمات مرتبطة بالامن الوطني، وهي على هذا النحو عبارات عامة مطاطة غير محددة ولا يمكن معها الوقوف على حقيقة السلوك الاجرامي الذي قام به كل منهم على حده والقصد الذي اتجهت نيته الى تحقيقه للوقوف على حقيقة الجريمة التي يمكن اسنادها لكل منهم استناداً الى اسس قانونية سلمية، فلم تصرح بأقوالها بأن أياً من المتهمين قد استولى او سهل لغيره الاستيلاء بالفعل على أي من تلك المبالغ، بل انها قررت في اقوالها ان اللجنة لم تستدل او تتبين الى من آلت اليه تلك المبالغ، كما ثبت بالتقرير ان بعض الحسابات التي تم التحويل اليها هي حسابات غير محدد فيها اسم المستفيد.