إعداد - أحمد فوزي حميدة:"عاشوا معظم سنوات حياتهم في ضلال بعيدا عن الإيمان وتمادوا في ارتكاب المعاصي واحتراف سرقة الناس وأكل حقوقهم ، وحينما أنار الله بصيرتهم وهداهم للإيمان استجابوا وتابوا وانقطعوا عن السرقة وزهدوا في الدنيا ومتاعها حتى نالوا درجة الولاية والاصطفاء والمحبة من الله عز وجل."

تتعدد الروايات التي حوتها كتب الرقائق وسير الصالحين عن حكايات العصاة واللصوص الذين اهتدوا إلى طريق الحق ورجعوا عن طريق الحرام وأذى الناس وترويع الآمنين، وقد حكي بعضها عن زعيم عصابة من اللصوص لم يكن له هدف وغاية في الحياة سوى جمع المال بأي وسيلة، خاصة قطع الطريق وسرقة الناس، إلا أنه تاب وأتباعه بعد أن عاين قدرة الله على حماية أوليائه. يحكى أن لصًا سارقًا في الموصل، كان يقود عصابة من اللصوص عاثت في البلاد فسادا، بعد أن سرق كل البيوت في قريته والقرى المجاورة ولم يعد أحد يمر على الطريق بعد أن ذاع خبره في قطع الطريق، ونهب القوافل والمارة، فلم يجد سوى جاره ليسرقه فاجتمع بأتباعه من اللصوص وخطط للسرقة وطريقة الدخول، ووضع لكل خطوة حسابها لسرقة الدار دون أن يشعر بهم أحد من القاطنين فيه، وفي اليوم الذي حدده لسرقة دار جاره، عبر الحائط واستقر فوق السطح مع عصابته، يترقب الأمر ويتحين لحظة السطو على الدار وتنفيذ السرقة، أخذ يستطلع من على السطح حركة أهل الدار وسكناتهم، حتى يفاجئهم حين ينامون، ولكنه رأى في إيوان الدار، وكانت الدار مكشوفة من الطراز القديم الذي كان شائعًا في الموصل قديمًا، ما أدهشه واضطر لأن ينتظر هو وعصابته في مكانه فوق السطح لحين الانتهاء مما يجري أمامه.رأى اللص حلقة للذكر فيها جمع من الناس يذكرون الله، وانتظر حتى تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، عندما يأس من تنفيذ ما خطط إليه من سرقة الدار بسبب حلقة الذكر هذه والتي تضم عددًا من الناس واستمرت حتى الفجر اضطر هو ورفاقه إلى العدول عن تنفيذ السرقة في هذه الليلة حتى لا ينكشف أمرهم ويطاردهم الناس والعسكر، فغادر الدار مع عصابته ليعود إليها في اليوم الثاني، آملاً في تحقيق هدفه وما خطط إليه من سرقة الدار فمكث في مكانه على السطح منتظرًا نوم أصحاب الدار لكنه فوجئ بحلقة الذكر، ونفس الناس يذكرون حتى مطلع الفجر، فغاظه الأمر واضطر للعودة خائبًا في الليلة الثانية على أمل أن يعود الليلة التي تليها ليحقق هدفه، ولكنه في كل ليلة يجد حلقة الذكر نفسها التي تفسد عليه خططه وأمله في سرقة الدار. ظل اللص طوال سبعة أيام متتالية يرتقي سطح الدار مع عصابته مترقبين سكون الحركة فيها ونوم أهلها لكنهم في كل ليلة يجدون حلقة الذكر حافلة بالناس، يذكرون الله حتى مطلع الفجر، وفي اليوم الثامن قال رئيس العصابة لصاحب الدار، وكان رجلاً ورعاً تقيًا نقيًا كثير التدين، أمواله بيده لا بقلبه، فهي للفقراء والمساكين والمحتاجين. قال اللص: "أفي كل يوم تقيم حلقة للذكر في دارك"؟ فاستغرب الرجل، وقال:" لم أعقد في داري حلقة للذكر منذ سنوات"، فقال اللص: "الآن حصحص الحق، لقد حاولت سرقة دارك منذ سبعة أيام خلت، وكل يوم أدخلها أجد حلقة للذكر في الإيوان، تستمر حتى مطلع الفجر". قال الرجل:"إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور"( صدق الله العظيم)، فما كان من اللص وأتباعه سوى التوبة والندم وعقدوا حلقة ذكر كل يوم في صحن الدار التي حاولوا سرقتها.