الأربعاء 25 سبتمبر 2024
38°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
كل الآراء   /   الأخيرة

حين يتصارع الوطنمع نفسه

Time
الأحد 20 أغسطس 2023
View
100
السياسة

قد أكون بعيداً عن الرياضة، وبعيداً عن دقة الاحداث في ما يتعلق بها، لكنني كرياضي سابق، واعشق الرياضة، وكسياسي، اقرأ ما ينشر في وسائل الاعلام، والتواصل الاجتماعي، واجد ان هناك غرابة في جملة من الامور المتعلقة بالرياضة، فمثلاً الاندية لا ترغب بعرض مبارياتها على شاشة تلفزيون الكويت، اي محطة التلفزيون الرسمية، لماذا؟
باختصار من اجل الجانب المالي؛ لان الشاشة الرسمية لا تحقق المكسب المطلوب من عرض هذه المباريات، وهنا ثمة سؤال يطرح نفسه: نجد ان الدول المجاورة، كالسعودية وقطر والإمارات وعمان، والبحرين، تنفق مئات الملايين على كرة القدم، التي هي لعبة شعبية، وكذلك الدول المتقدمة تعتبر الاستثمار فيها من اهم المجالات الاستثمارية، والدخل المالي لتعزيز الناتج الوطني، فيما دولة الكويت، متمثلة بوزارة الاعلام، وهنا لا اقصد الوزارة نفسها، انما الميزانية المخصصة لها، وكذلك ميزانية الدولة ككل، لا تحقق الحد الادنى من الطموح من اكبر لعبة شعبية، وذات جدوى اقتصادية مئة في المئة؟
الحقيقة ان هذا الامر يدل على ان هناك مشكلة في رؤية الدولة، وفي هذا الامر، لا اعتقد ان الجدوى الاقتصادية لها دور، ولا الفكر الاقتصادي ايضا، وبطبيعة الحال ليس للشعب اي دور، فاذا كانت اكبر لعبة شعبية في العالم، وتستثمر فيها المليارات، فيما الدولة تختلف مع الاندية، فماذا يترجى من ذلك؟
المؤسف، في هذا الشأن ان متوسط الدعم السنوي للاندية كافة لا يتعدى 150 الف دينار للنادي الواحد! ما يعني ان الوطن يحارب الوطن، فالمؤسسات الاجتماعية، كالنوادي الرياضية تحارب دولتها، والدولة تحارب الاندية، وفي الوقت نفسه تحاول ان تكسب منها، فكيف يمكن ان تتحقق هذه المعادلة، وهي حقيقة لا يقبلها اي عقل، اذ بدلا من التعاون وتنشيط هذه المرافق الحيوية للمجتمع، يحدث هذا الصراع، وفي هذا الشأن لا اعرف من هو المخطىء، ومن هو المصيب، انما الواقع مخز؟
هذا الامر لا ينسحب على الرياضة، انما هي حالة يمكن ان تدل على كيف يتصارع المجتمع مع بعضه بعضا، وكيف تفشل المؤسسات، ففي الوقت الذي نتحدث فيه عن الفراغ الذي ادى بالشباب للاقبال على المخدرات، وكيف يمكن محكافحتها، في الوقت نفسه نظلم اهم الانشطة التي تبني الشباب، ما ينسحب على الرياضة، ينسحب ايضا على الثقافة والفنون والابداع بشكل عام.
نتحدث عن الهدر المالي في مشاريع او اقتراحات لا تخدم الشعب، فيما لا ننفق على الرياضة، مثلا، بضعة ملايين، ولو عشرة في المئة مما تنفقه الدول الاخرى، فمليار لا شيء في حسابات الدول التي تسعى الى بناء مجتمع صحي، ليس فيه ظواهر تثقل الاجهزة كافة، وليس الامنية فقط؟
فاذا كان ثمن لاعب واحد مئة مليون دولار، في السعودية مثلا، فيما لدينا لا يصل هذا المبلغ الى تغطية احد النوادي، فكيف يمكن محاربة الظواهر التي نتحدث عنها، هل بالاقتراحات التي تدل على مزيد من التشدد مع المجتمع؟
اذا قارنا ميزانية السعودية بالميزانية الكويتية، من حيث النسبة والتناسب، لوجدنا انهما متقاربتان، وفيما اذا رأينا ماذا فعلت قطر في مونديال كأس العالم، وكيف عملت على تحديث الدولة ككل في غضون 12 عاما، لوجدنا انها سبقت الكويت بسنين ضوئية، وقبلها الامارات كيف بنت بنية تحتية رياضية من ارقى البنى، فيما الميزانية لدعم الاندية الرياضية الكويتية، لم تتغير منذ نحو 20 سنة، بينما تشتري مؤسسات الدولة حلقات اجنبية بملايين الدنانير، وفي الوقت نفسه تتصارع مع ابناء البلد.
هذا الامر لا شك يستدعي وقفة مطولة، لانه من صلب عملية الابداع التي تبحث عنها الدول، فهل يكون هناك من يدرك اهمية هذه المجالات الحيوية، بل يعمل على اعادة النظر بكل المجالات المنتجة التي ضيعها العبث والقرارات الخاطئة؟

م. عادل الجارالله الخرافي

آخر الأخبار