الاقتصادية
خبراء: السلوك الاقتصادي الحالي يهدد بزوال صندوق الأجيال
الخميس 28 أكتوبر 2021
5
السياسة
* الملا: البيئة السياسية فاسدة... والوضع الحالي لا يقل خطورة عن الغزو* الشريعان: الكويت ما زالت تفتقد وجود قطاع خاص حقيقي* الجوعان: 63 مليار دينار تبخرت منذ 2013 بواقع 750 مليون دينار شهرياًأكد خبراء اقتصاديون أنه لا يمكن تحقيق أي إصلاح في أي مجال ما لم يكن هناك إصلاح سياسي، وأنه متى ما صلُحت البيئة السياسية صلُح حال باقي القطاعات.وأضافوا خلال ندوة الاصلاح السياسي والاقتصادي المفقود التي نظمتها الجمعية الاقتصادية الكويتية مساء أمس الاول، أن كل يوم تتأخر فيه عملية الاصلاح تكون كلفته على الكويت عالية جداً، خصوصاً على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي، مؤكدين أنه ما لم يحدث الاصلاح الآن فإن الكويت ينتظرها مستقبل مجهول. واشاروا إلى ان الاصلاح الاقتصادي المنشود لا يمكن أن يكون من خلال فرض الضرائب أو الدين العام ليسا الحل السحري لأزمة الكويت الاقتصادية، بدليل ان هناك دولا عربية فرضت ضرائب على مواطنيها دون أن تحقق أي تقدم يذكر في جانب الاصلاح الاقتصادي، خاصة وأن مردود الضرائب المتوقع في الكويت لن يتجاوز 550 مليون دينار، في حين أن العجوزات تصل إلى مليارات الدنانير..وفيما يلي تفاصيل الندوة: الاصلاح السياسيبداية أشار عضو مجلس الأمة السابق صالح الملا أنه لا يمكن ان يرتجى أي إصلاح في اي مجال ما لم يكن هناك إصلاح سياسي، فكل القطاعات مرتبطة بالساسة، فمن يشرع القوانين هم الساسة ومن يضع القياديين هم الساسة ومن يقيم هم الساسة، فمتى ما صلحت البيئة السياسية صلح حال باقي القطاعات.واضاف أن اصل المشكلة هي ان البيئة السياسية في الكويت فاسدة، وهذا العمل متعمد من فئة متضررة من أجواء الاصلاح وسيادة القانون والالتزام بالدستور، مشيراً إلى ان الأحداث السياسية التي مرت على الكويت لم تكن بالصدفة وإنما عن عمد، فهناك من لا يستطيع العيش وحلب خيرات الدولة والتحكم في مفاصلها إلا في ظل الأجواء الفاسدة. وقال الملا إن حل المشكلة يكمن في المصارحة من خلال مؤتمر عام للحوار الوطني، مؤكداً أنه كان من أوائل من أطلق هذه الدعوة في العام 2012 بعد تقدمه بطعن أمام المحكمة الدستورية بمرسوم الصوت الواحد.ولفت إلى أن ما يحدث في الكويت حالياً لا يقل خطورة عما حدث لها ابان الغزو العراقي، بل اننا كنا نعرف عدونا أثناء الغزو، بينما اليوم أصبحنا لا نعرف عدونا أو من يقف معنا، فالعدو الخارجي واضح بينما العدو الداخلي ليس واضحاً.وتطرق الملا إلى مؤتمر الإصلاح والحوار الوطني، مشيراً إلى أن كل يوم نتأخر فيه دون مصارحة أو مكاشفة وإصلاح الخلل الحقيقي، فإن كلفته على الكويت عالية جداً، خصوصاً على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي، فإذا لم يحدث الاصلاح الآن فإن الكويت ينتظرها مستقبل مجهول. وأكد أن اي مؤتمر للحوار الوطني يفترض أن يكون اعمق واشمل وأن تكون محاوره معلنة وليست سرية، مشيراً إلى أنه لا يمكن بأي حال من الاحوال أن من تسبب بالكارثة أن يكون جزءاً من الحل، كما لا يمكن القبول بالذهاب إلى حوار دون دعم شعبي. وأشار الى ان ما حدث في جلسة الافتتاح لمجلس الأمة، أكدت مخاوف الجميع من ان ما حدث من حوار وطني، كان مساومة سياسية للنواب ومن أجل مزيد من التنازلات ومن أجل استمرار الأوضاع على ما هي عليه واستمرار الفساد الحالي، مضيفا ان الجلسة شهدت تجاوزاً على الدستور دون اعتراض سوى نائب واحد فقط (حمدان العازمي)، كما ان تشكيل اللجان عكست تلك التوجهات وتم استبعاد عدد من النواب على رأسهم الدكتور حسن جوهر الذي يمتلك مخزونا كبيرا من الخبرات. واختتم الملا أن حل المشكلة التي تعاني منها الكويت حالياً تكون من خلال اعتراف الجميع بدون استثناء ان لدينا مشكلة، خاصة وأن جزءا من الصراع الذي كنا نعيشه في الفترة السابقة أن أطرافا من السلطة لم تكن مقتنعة بوجود مشكلة، وهناك من يعتقد أن المشكلة بالافراد والممارسة، مضيفا أن كل الحكومات السابقة على مدى العقود الاربعة الماضية كانت حكومات مدمرة للكويت لأن أساس تشكيلها خطأ فضلاً عن النهج المستخدم في اختيار الرئيس ووزارات السيادة.قوانين مشوهةمن جانبه، أكد رئيس قسم الاقتصاد بكلية العلوم الإدارية بجامعة الكويت د.انور الشريعان، أن معظم القوانين الاخيرة الصادرة عن مجلس الأمة جاءت مشوهة وغير قابلة للتنفيذ، وذلك بسبب الصراع الذي يحدث بين المجلس والحكومة قبل إصدار القانون، لا سيما بعد الاراء التي تفرضها رؤية المواطن والمتنفذين قبل إصدار القانون.وأضاف أن مشكلة الحكومة في الكويت هي أنها تعتبر المحرك الرئيسي للاقتصاد، وذلك منذ ظهور النفط وتحول الدولة من الاعتماد على اللؤلؤ إلى الاعتماد على النفط، حيث واصلت الحكومة الاعتماد على النفط كمورد أساسي، فتنتعش الحالة الاقتصادية مع ارتفاع أسعاره، وتنكمش مع انخفاضه، بدليل انه لو ارتفعت اسعار النفط إلى مستوى 95 دولارا للبرميل فإن الحديث عن الإصلاح الاقتصادي سيكون بلا قيمة وستتبخر كل خطط الإصلاح. وتطرق الشريعان إلى موضوع الضرائب، مبينا أن فرض ضريبة القيمة المضافة بواقع 5% على كافة المواطنين يعتبر مساواة للجميع لكنه لا يعبر عن العدالة، فالمواطن الذي يبلغ دخله 1000 دينار سيتأثر بالضريبة بخلاف المواطن الذي يصل دخله إلى 5000 دينار، مضيفاً أن الحديث عن فرض ضرائب لم يواكبه دراسة حكومية عن انعكاساتها على مستويات الأسعار. وعند حديثه عن الإصلاح الاقتصادي قال الشريعان أنه لا يمكن الحديث عنه في ظل سيطرة الحكومة المستمرة من خمسينيات القرن الماضي وحتى يومنا هذا على تقديم الخدمات في الكويت، الامر الذي إنعكس على سوء الخدمات المقدمة، وفي نفس الوقت فإن الكويت ما زالت تفتقد إلى وجود قطاع خاص حقيقي قادر على تطبيق مفهوم الخصخصة. وأكد على أن شركات القطاع الخاص ما زالت غير قادرة على منافسة الشركات الخارجية، بدليل أنها تطالب دائماً بحماية الحكومة، مشدداً في الوقت نفسه على ضرورة رفع قدرة القطاع الخاص الكويتي وزيادة كفاءته، خاصة وأنه لا يمكن الاستمرار في نفس الوضع الاقتصادي الحالي الذي تسيطر فيه الحكومة على تقديم الخدمات.وبيّن الشريعان ان إدارة الأداء الاقتصادي تعاني من مشكلة يجب تجاوزها من خلال خلق فلسفة اقتصادية جديدة وترشيد الإنفاق في العديد من بنود الميزانية على رأسها الدعومات، خاصة في ظل وجود هدر ملياري كبير في الميزانية، مبيناً أن تقديم الدعم المباشر للمواطنين افضل من تقديم الدعم غير المباشر كونه ينقذ الميزانية من الهدر ويترك للمواطن حرية اختيار ما يناسبه من السوق مباشرة. الاختلالات الهيكليةمن جانبه، أكد عضو مجلس إدارة الجمعية الاقتصادية محمد بدر الجوعان ان هناك دراسة اجرتها الجمعية الاقتصادية بالتعاون مع اكاديميين في قسم الاقتصاد بجامعة الكويت، كشفت ان استمرار السلوك الاقتصادي الحالي كما دون تغيير سيؤدي الى تلاشي قيمة صندوق الاجيال الذي تقدر قيمته حاليا بأكثر من 700 مليار دينار بحلول العام 2045، جراء زيادة العجوزات المالية المتراكمة عبر سنوات طويلة.واضاف ان الازمة الاقتصادية في الكويت سببها سياسي بالدرجة الاولى، وأن الرقابة هي المحور الرئيسي لتصحيح الاختلالات الاقتصادية التي لا يزال هناك متسع من الأمل لتصحيحها في ظل الأوضاع الحالية رغم حالة اليأس التي انتابت البعض. وأضاف ان الحكومة عادة ما ترفع سقف التوقعات لدى المواطنين ثم تتركهم ليصطدموا بالواقع، مستشهداً بتعامل الحكومة مع جائحة كورونا والتخبط الذي شهدته البلاد على كافة المستويات، حتى أنها كانت من أكثر الدول إغلاقاً وتأثراً بالازمة، مؤكداً في الوقت ذاته على أن سياسة "إبر البنج" التي تتبعها الحكومة مع المواطنين لم تعد تجدي نفعاً.على ذات الصعيد، اكد الجوعان أن مجلس الامة ورغم مرور اكثر من 59 عاماً على نشأته لم يحقق طموحات المواطنين، مشدداً على أهمية تعديل الدستور وتحديثه بما يتماشى مع التغيرات والمستجدات، فمجتمع 1962 يختلف تمام الاختلاف عن مجتمع 2021، كما أن الديمقراطية المنشودة لابد وأن تواكب احتياجات وأولويات المجتمع، كما طالب بضرور إنشاء هيئة مستقلة للانتخابات وتعديل اللائحة الداخلية لمجلس الأمة. وفيما يتعلق بالاصلاحات الاقتصادية المنشودة، قال الجوعان إن الحديث عنها دون جدوى، خاصة إذا ما عرفنا أنه ومنذ العام 2013 وحتى عام 2021 تم حرق اكثر من 63 مليار دينار من الميزانية على هيئة هبات وسد عجوزات، اي بمعدل 750 مليون دينار شهريا، وهو ما يتنافى مع مبدأ الترشيد. وبين ان ادراج الحكومة متخمة بالاصلاحات وبعضها بات غير صالح بسبب تقادمه زمنيا، لذا فإن الحل الاساسي يكمن في المصارحة بين الحكومة والمواطنين لا أن يتم حل المشكلات من طرف واحد. وقال ان الضرائب والدين العام ليسا الحل السحري لأزمة الكويت الاقتصادية، موضحا ان حلول الجهات الدولية تتركز في إنهاء التأزيم بين السلطتين والعمل على ترشيد الإنفاق الحكومي، بينما يكون مقترح فرض الضريبة هو المقترح الخامس او السادس، ولنا في الدول التي فرضت ضرائب على مواطنيها أكبر دليل على عدم نجاح مثل هذه الحلول، وكما هو معروف فإن مردود الضرائب المتوقع في الكويت لن يتجاوز 550 مليون دينار في حين أن حجم العجز في الميزانية يصل إلى مليارات الدنانير.