الاثنين 09 يونيو 2025
35°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الافتتاحية

خطايا حكومات صباح الخالد

Time
الثلاثاء 05 أبريل 2022
View
5
السياسة
أحمد الجارالله

تجاوَزَ الاستخفافُ بالمسؤولية في السُّلطة التنفيذية حدود المهزلة إلى السخرية، إذ لم يسبق للكويت طوال تاريخها السياسي الحديث أن شهدت إخفاقات مُتكررة من مجلس الوزراء، كما هي الحال مع الحكومات الأربع لسمو الشيخ صباح الخالد، فالخطايا التي ارتُكبت في الثلاث سنوات الأخيرة تفوق كلَّ ما شهدته البلاد منذ العام 1962 حتى العام 2019، تاريخ تسلُّم الخالد رئاسة مجلس الوزراء.
إذ ليس هناك من نعت سيئ إلا وينطبق على تلك الحكومات، فهي كانت مُحترفة تفويت فرص اتخاذ القرار الجريء، وضليعة بإشاعة جو عدم الاستقرار الوزاري؛ لأن رئيسها منذ البدء استسهل التخلي عن الوزراء، فبعضهم لم يقض في منصبه أكثر من شهرين، بسبب غياب التضامن الوزاري، والخضوع السريع لصيحة نائب، أو تلميح آخر باستجواب.
إنها حكومات الكوميديا السوداء، المُضحكة إلى حد البكاء، ففي كلِّ مرة كان رئيسُها يتخلى، طوعاً، عن صلاحياته، ويجيرها لمجلس الأمة؛ خوفاً من المساءلة، وحتى إذا أراد الوزير المواجهة فإن صعودَهُ المنصة كان محفوفاً بمخاطر جمّة؛ لأن مجلس الوزراء يكون قد سبقه بإرساله إشارات إلى النواب فحواها "مستعدون للتخلي عن الوزير، لكن عليكم عدم المس بحصانة رئيس مجلس الوزراء"، هذه البدعة التي لم تشهد أي دولة ديمقراطية في العالم مثيلها.
خطايا الحكومات الأربع الأخيرة كثيرة بكثرة الوعود التي قطعها رئيسُها ولم تنفذ، فيما خططه مُنيت بالفشل الذريع، بدءاً من خطة مكافحة "كورونا"، والتخبط إلى حد عاشت الكويت أطول فترة حظر في العالم، كما أنها الدولة الوحيدة التي تركت مواطنيها يُعانون الأمرَّيْن في مطارات العالم، بسبب تطبيقات كان القصد منها تنفيع بعض المُقربين، أو تفرض عليهم حجز غرف في الفنادق المحليّة، ومنعهم من السكن في منازلهم إلا بعد انقضاء فترة الحَجْر الإجبارية، وكأنها سمسار فنادق، وليست سلطة تنفيذية مسؤولة عن تخفيف الأعباء عن مواطنيها، فيما أنفقت المليارات في هذا المجال، وفي النهاية كانت النتيجة المزيد من الإصابات.
هذه الخطة الفاشلة ليست أكثر من عيّنة، فيما الطامة الكبرى أنه في غضون عامين خفضت المؤسسات المالية الدولية تصنيف الكويت السيادي مرتين، وكانت التقارير واضحة في وصف أصل العلة، إلا أن الحكومة كانت في واد آخر، إذ ربطت مصير البلاد بقانون الدَّيْن العام الذي لم يُقرُّه مجلس الأمة إلى اليوم.
إذا كانت الصورة سوداوية إلى هذا الحد في الجانب المالي والاقتصادي، فإنها أكثر قتامة اجتماعياً حين رضخت تلك الحكومات لرؤى بعض النواب، وزادت من إقفال البلاد، ومنع كلِّ النشاطات الرياضية والثقافية والفنية؛ لأنها لم تعجب أعداء الفرح، فيما الدول المُجاورة قطعت أشواطاً كبيرة في الانفتاح والاستثمار بالسياحة المحلية.
هذا السقوط الحر لحكومات الشيخ صباح الخالد هو الذي جعل الكويت تغرق في المزيد من الأزمات، وهي حالياً تحتاج إلى سنوات عدة للخروج منها، بشرط أن تكون هناك حكومة قرار، واستقرار وزاري، لا تُحابي، ولا تخضع للنواب.
أمس قدَّم الشيخ صباح الخالد استقالته، واليوم كل ما يتمنّاه الكويتيون تغيير النهج عبر الاستعانة برئيس مجلس وزراء جديد؛ لأنه بغير ذلك "لا طبنا ولا غدا الشر"، وستبقى الكويت تُعاني إلى أن يقضيَ اللهُ أمراً كان مفعولاً.

[email protected]
آخر الأخبار