السبت 21 سبتمبر 2024
30°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
خطة صلاح الدين لاسترداد الأقصى وفلسطين
play icon
الأخيرة   /   كل الآراء

خطة صلاح الدين لاسترداد الأقصى وفلسطين

Time
الأربعاء 11 أكتوبر 2023
View
1835
محمد الفوزان

قصص إسلامية

"يا قدس يا زهرة المدائن
عيوننا إليك ترحل كل يوم
تدور في أروقة المعابد
وتمسح الحزن عن المساجد".
هذه الكلمات من رائعة فيروز التي كان ختامها "الغضب الساطع آت وأنا كلي إيمان، الغضب الساطع آت، سأمر على الأحزان، من كل طريق آت، بجياد الرهبة آت، لن يقفل باب مدينتنا، فأنا ذاهبة لأصلي، البيت لنا والقدس لنا، وبأيدينا سنعيد بهاء القدس".
أجل سيأتي يوم لاشك فيه نعيد بهاء القدس كما اعاده صلاح الدين الايوبي من قبل، أتدرون كيف أعاده؟ كتب له شاب أسير لدى مملكة بيت المقدس الصليبية رقعة جاء فيها:
"يا أيها الملك الذي لمعالم الصلبان نكس
جاءت إليك ظلامة تسعى من البيت المقدس
كل المساجد طُهّرت وأنا على شرفي منجس".
ثم كتب في آخر الرسالة: "نشتاق لنسمع الأذان من الأقصى".
فبكى صلاح الدين حتى بلل الرقعة، وجعل أولى مهماته تحرير فلسطين وبيت المقدس، فانطلق سنة 583 هجرية، وجد في بيت المقدس ما يزيد عن ستين ألف رومي كلهم يرى أن يموت أهون عليه من أن يسلم الاقصى، فكيف استطاع صلاح الدين أن يصنع من ضعف المسلمين قوة، ومن انقسامهم وحدة حتى واجه اوروبا كلها، وأزال ما أمكن من بقايا الحملتين الصليبيتين الماضيتين، ورد الحملة الثالثة الهائلة التي رمته بها أوروبا، أتدرون كيف؟
بالسلاح الوحيد الذي لا ينفع في هذا المقام غيره بالايمان والإلتزام بتعاليم الإسلام والعدالة، تمسك بالدين وعبأ الأمة ورباها على الإلتزام بالدين، وأقام دولته على التمسك بالاسلام، ونشر العدل والمساواة، وقضى على الفساد في كل نواحيه، الاخلاقي والمالي، وقرب أهل العلم والدين فكانوا بطانته ومستشاريه وخاصته علماء وإعلام العصر، بل كان كلما نزل بلداً دعا علماءه، ومن كان لا يأتي على أبواب السلاطين أخذ أولاده وذهب إليه، مثلما ذهب إلى الحافظ الأصبهاني في الاسكندرية.
كان يحرص على صلاة الجماعة، ويواظب على مجالس العلم والحديث حتى في ليالي القتال، لم يترك صلاة الليل إلا نادرا، يلجأ إلى الله كلما دهمته الشدائد وضاقت عليه المسالك، فيجد الفرج والنجاة.
وكان يقيم الحق ولا يبالي ولا يحابي أحداً، اخذ مرة ابن أخيه تقي الدين، وأعز الناس إليه بشكوى عامي من دمشق اسمه ابن زهير ونكل به، ورغم أنه كان معتلاً بدمامل ما تفارق نصفه الأدنى، كان مع ذلك يركب الخيل، ويصبر على الالم، ويخوض المعارك، وأي معارك!
لقد ضرب كل رقم قياسي، خاض 74 معركة في مدة ولايته على الشام، وفي اقل من 19 سنة حتى نظف البلاد من الاشرار، ثم ابتدأت سلسلة المعارك الهائلة، حروب ما عرفت مثلها أرض فلسطين، وديار الشام، حروب جرب فيها كل سلاح: السيف والرمح والدبابات والمجانيق والشجاعة، والكيد والذكاء والاختراع والمروءة والشهامة، وكان صلاح الدين ظافراً فيها جميعاً.
حروب استعملت فيها المنجنيقات التي تقذف الصخور الهائلة كالمدافع الثقيلة اليوم، والسهام المتلاحقة كالرشاشات اليوم، يمهد للمعركة بآلاف القذائف، وبالضرب الذي يستمر يومين وثلاثة، واستعملت الاكباش، وهي عربات ضخمة مصفحة لها رأس ثقيل ينقب الاسوار، والدبابات، نعم الدبابات وهذا هو اسمها القديم، وكانوا يتفننون فيها، حتى اخترع الافرنج في حصار عكا دبابة ثقيلة صنعوا منها ثلاثاً، في كل منها اربع طبقات، فجاءت أعلى من السور، وحصنوها بالحديد والجلود المسقاة بمواد تمنع الحريق، ولم تؤثر فيها قذائف المسلمين، ولا النار اليونانية.
جزع المسلمون وخافوا، فقال لهم صانع من دمشق اسمه إبن شيخ النحاسين: "أنا أصنع لكم ناراً تحرقها"، واستُمهل يومين، ثم صنع أشياء وخلطها ووضعها في قدور ثلاث وألقاها فانفجرت كالقنابل، بمثل دوي الرعد، واحرقت الدبابات وكبّر المسلمون، وكان يوماً عظيماً.
وفي يوم حطين اتبع صلاح الدين تكتيكاً حربياً عجيباً حين أجبر الإفرنج على ملاقاته في المكان الذي تخيره هو، وتحصن فيه، ويوم نجح في استرداد القدس اتى من النبل والمروءة والكرم ما لم يفرغ بعد مؤرخو الإفرنج من الكلام فيه، لقد استرد القدس بعدما ملكها الافرنج 91 سنة، أفتشكون في استردادها اليوم؟ لقد كانت للصليبيين دول استمرت اكثر من 100 سنة في الشرق الاوسط، فأين تلك الدول؟
إن الامة التي أخرجت صلاح الدين، وهي أسوأ حالا من حالنا اليوم وأشد انقساماً، وأكثر عيوباً…لا تعجز عن أن تخرج اليوم مثل صلاح الدين، وأن نكبة فلسطين بالصليبيين كانت أشد بمئة مرة من نكبتها بالكيان الصهيوني، وقد مرت وانتهت، فهل تشكون في أننا سنستعيد فلسطين؟
وإني والله أرى إرهاصات النصر قد اقتربت كثيراً ولاحت، وأن وعد الله قد اقترب
يقول تعالى في سورة الإسراء: "وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا(4)فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا(5) )ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا(6)إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا".
(صدق الله العظيم)

محمد الفوزان

[email protected]

آخر الأخبار