الثلاثاء 06 مايو 2025
33°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
كل الآراء

خيانة الأمانة وخيانة الائتمان

Time
الأحد 14 أغسطس 2022
View
20
السياسة
حمادة الامير

أمر الله تعالى عباده بالتحلي بالأمانة، وأدائها على أكمل وجه في قوله تعالى:" إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل"، ولهذا تعتبر خيانة الأمانة جريمة، أخلاقية ودينية، قبل أن تكون قانونية، بل من أخطر الجرائم على المجتمع كونها تنزع الثقة بين الأفراد، وتُمثل اعتداء على حق الملكية وتفريطاً في ما يؤتمن عليه الإنسان.
الأمانة التي أبت السماوات والأرض والجبال أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان، ومع كثرة المعاملات المالية، وتشابك المصالح المادية بين الناس، زادت معدلات تلك الجريمة.
فجريمة خيانة الأمانة من جرائم الاعتداء على الأموال المنقولة، وهي اختلاس أو تبديد مال منقول مملوك للغير مسلم على سبيل الأمانة، وقد نصت المادة 240 من قانون الجزاء الكويتي على ان "كل من حاز مالا مملوكا لغيره، بناء على وديعة أو عارية أو إيجار أو رهن أو وكالة أو أي عقد آخر يلزمه بالمحافظة على المال ويرده عينا أو باستعماله في أمر معين لمصلحة مالكه، أو أي شخص آخر وتقديم حساب عن هذا الاستعمال أو بناء على نص قانوني أو حكم قضائي يلزمه بذلك، فاستولى عليه لنفسه أو تصرف فيه لحسابه أو تعمد إتلافه، يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات وبغرامة لا تجاوز ثلاثة آلاف روبية أو بإحدى هاتين العقوبتين".
والركن المادي للجريمة يتمثل في الاختلاس والتبديد والاستعمال مع الاحتفاظ بالشيء بنية تملكه، ولابد أن توقع الجريمة أضراراً بأصحابها، ولا يشترط تحققه فعلاً، بل يكفي أن يكون وقوعه محتملاً.
كما لا يشترط أن يكون الضرر مادياً، بل تقع الجريمة ولو كان الضرر أدبياً، كما في تبديد أوراق شخصية أو أشياء لها قيمة تذكارية، وفعل خيانة الأمانة يتخذ صورتين فقد يكون تبديد أو اختلاس، وجوهر هذا الفعل هو إرادة تغيير نوع الحيازة من ناقصة إلى كاملة، وهي من الجرائم العمدية ويلزم لقيامها توافر القصد الجنائي العام بإتجاه إرادة الجاني، وانصرافها لإرتكاب كامل اركانها، كما يشترط توافر القصد الخاص وهو نية تملك الشيء.
وحيث إن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فيشترط لقيام الجريمة أن يكون موضوعها مالاً منقولاً مملوكاً لغير الجاني، إذ هدف المشرع بالعقاب على الجريمة شأنها شأن السرقة والنصب هو حماية ثروة الغير المنقولة.
وأهم شرط لقيام الجريمة هو استيلاء الجاني على مال منقول مملوك للغير في حوزته بمقتضى عقد من عقود الأمانة الواردة حصراً في القانون، وهي (الوديعة، الإجارة، عارية الاستعمال، الرهن، الوكالة) أو القيام بعمل مادي، ولا يصح إدانة متهم بالجريمة إلا إذا اقتنع القاضي بأنه تسلم المال بعقد من تلك العقود، وإلا تعين الحكم بالبراءة حيث أن قوام خيانة الأمانة هو التسليم فإذا انتفى القصد الجنائي فإن أركان الجريمة تنهار، ويضحي الاتهام على غير سند صحيح.
مثال أن يوقع شخص إيصال أمانة ضماناً لتأجيره شقة، أو لأي علاقة تجارية، فهنا ينتفي ركن التسليم لعدم استلام الشخص أموالا حقيقية من المجني عليه، وتقع جريمة خيانة الأمانة من وقت طلب الشيء المؤتمن عليه، ويُحسب مدة سقوطها من وقت المطالبة لأن قبل المطالبة كانت اليد على المؤتمن عليه يدا أمينة أما بعد المطالبة أصبحت يدا مغتصبة.
أما جريمة خيانة الائتمان تتمثل في قيام الشخص المؤتمن على الورقة الممضاة على بياض بالكتابة في البياض الذي فوق الختم أو الإمضاء بسند دين، أو مخالصة، أو غير ذلك من السندات التي يترتب عليها حصول ضرر لصاحب الإمضاء نفسه أو الختم أو لمالــــــــه، وفي حال ما إذا لم تكن الورقة الممضاة، أو المختومة على بيـــاض مسلمة إلى الخائـــــــن، إنما استحصل عليها بأي طريقــــة كانت، فأنه يُعد مزوراً ويُعاقب بعقوبة التزوير، ولابد أن تتوافر ثلاثة شروط لقيام جريمة خيانة الائتمان وهي؛ وجود ورقة ممضاة أو مختومة على بياض، وأن تكون الورقة قد سُلمت إلى الجاني على سبيل الأمانة، وأن يكون فعل الخيانة بالكتابة فــــــي البياض مع توافر القصد الجنائي في الجريمة، فعلينا بالنهاية أن نحفظ الأمانة وأن نُطيع أوامر الله في تأديتها لأصحابها وإذا حكمنا بين الناس أن نحكم بالعدل.

محام وكاتب
آخر الأخبار