القاهرة آية ياسر:تتلمذ على أيدي عمالقة ورواد الأدب العربي في الستينيات، يحيى حقي، نجيب محفوظ، طه حسين، وعاد إلى سورية وساهم في الحركة الثقافية السورية بكتاباته في الصحافة وأحاديثه في الإذاعة والتلفزيون. واشتهر برواياته المستوحاة من التاريخ، وكتاباته السردية السلسة والمميزة، تتجلى بقوة دمشق المعاصرة في أعماله الروائية، حاز جائزة أدب الأطفال الأولى في السبعينيات، شارك في تحرير دوريات عدة لوزارة الثقافة واتحاد الكتاب، له الكثير من الروايات،المسلسلات،والأفلام التلفزيونية.وحول روايته الأخيرة "المكتبة السرية والجنرال"، اجرت "السياسة"، هذا الحوار مع الأديب السوري خيري الذهبي، صاحب"ثلاثية التحولات وفخ الأسماء".
المكتبة الحقيقية إغواءٌ وسحرٌ يشعر فيها القارئ وكأنه أمام مغارة "علي بابا"لماذا تداخلت الأزمنة في روايتك "المكتبة السرية والجنرال"؟التداخل الزمني في الرواية عموماً تقنية يختلقها الكاتب ليجد آليات سرد مختلفة عن السرد التقليدي، لكل كاتب أسلوبه، لكل شيخ طريقته والشيوخ قلائل في عالم الرواية، يوجد من يستخدم التقنيات الروائية بشكل كثيف في أعماله لكنه لا يستطيع ضبط الزمن أو الشخصيات أو الايقاع فينفلت منه النص، يوجد من الكتاب الشيوخ في الصنعة من يمسك بتقنياته السردية كالقابض على تلالبيب القارئ، يجبره على القراءة بل ويشده من نومه، أحياناً ليجبره على تكرار القراءة مرة واثنتين.ما الفرق في الكتابة؟الكتابة مثل الراوي، يوجد من يعرف كيف يلقي نكتة و يوجد من يروي نكتة فيبخسها ويجعلها تبدو مملة معه، بالتالي العبرة ليست فقط في النص،انما في كيفية سرد النص، إذن التداخل الزمني في الرواية تقنية من تقنيات المونتاج الفني الذي أتبعه في أعمالي منذ عقود، في "المكتبة السرية" يوجد تداخل زمني بين عدة تواريخ، ربما هذا ما أعجب قراء الرواية كثيراً كما وصلني، فيها أيضاً تقنية نص داخل نص، رواية داخل الرواية، اعتبرها من أبدع التقنيات الروائية لدي، تقنية خطيرة من الممكن أن تفجر عمقاً جديداً للنص، يمكن أن تصيبه بمقتل.ما التقنيات الفنية التي اتبعتها؟لا يوجد تقنيات تختلف بين الشخصيات، بل يوجد واضع لهذا العمل، وهنا هو الكاتب، الذي هو أنا، هو من يفرض تقنيات سرده على جميع الشخصيات، لا يمكنني تفنيد جميع التقنيات الروائية التي استخدمتها في رواية المكتبة السرية و الجنرال، لأنها رواية معقدة و صعبة.هل تحب السرد الصعب؟لا أؤمن بالرواية السهلة، توجد رواية ذات حبكة بسيطة ورواية ذات حبكة معقدة، كليهما تتمتعان بسرد قوي ان كانتا جيدتان، أما الرواية السهلة فهي ذات بعدين فقط، كلما تعددت المجاهيل في العمل الفني باتت عملية اكتشافهم من قبل القارئ أمراً أكثر متعة و تشويقاً، المعادلات ذات المجاهيل الثنائية معادلات للصغار، محترفو القراءة يفضلون التحدي، لذلك يعي الكاتب ضرورة بناء عمل روائي يناسب دماغ قراء يتحدونه، القارئ والكاتب هما قطبان لعملية فنية مذهلة، لكن يجب بالضرورة في هذه المعركة أن ينتصر الكاتب، لأن انتصار القارئ خلل في الرواية، أي توقع ينجح فيه القارئ للعمل الفني يعد سقوطا للعمل، لذلك فالتقنيات المستخدمة في "المكتبة السرية والجنرال" كثيرة وبعضها يخفي سره ضمن صفحاتها.الحبكة البوليسيةلماذا تعمدت بناء بنية سردية متاهية تشبه الحبكة البوليسية في"المكتبة السرية والجنرال"؟الحبكة البوليسية واحدة من أجمل الحبكات في تاريخ الأدب في العالم، حبكة ديدنها التشويق، الترقب، والانتظار، تلك العناصر الثلاثة من أجمل الصفات التي يعشقها القارئ في النص.لماذا؟أفترض نجاح الحبكة البوليسية وبكامل عناصرها، لأنها تمنح للنص ايقاعاُ قوياً و تدفع المضامين نحو الأمام برفقة الشخصيات، الحبكة البوليسية صنعة عظيمة، ظلمت كثيراً في الأدب العربي، ربما لأن الكتاب العرب لا يحبونها، أو لأنها كانت منتشرة على أنها روايات للفتيان، أو لارتباطها بأميركا و بالتالي بالرأسمالية، لا أدري، لكن الحبكة البوليسية صنعة عظيمة تحتاج لمن يعيد الاعتبار إليها.هل من يستخدمها حاليا؟استخدمها أمبرتو ايكو في روايته، استخدمها كذلك نابوكوف، هاروكي موراكامي،وأخرون كثر، استخدمتها في"المكتبة السرية والجنرال"، لأنني تفاجأت بحجم الاثارة التي تولدت أمامي، اعتبرها واحدة من افضل رواياتي وأكثرها نضوجاً.هل الكاتب أم الناقد من يحدد نجاح النص الأدبى؟تجربتي ككاتب في تصاعد دائم، لا تخضع لمنعطفات، لا أقبل انحداراً في المستوى مطلقاً، من يحدد هذا الأمر هو رضاي الشخصي على العمل، كم الجهد، المسودات، والفهارس التي تنتج عنه.هل يمكن اعتبار "المكتبة السرية" اسقاطاً على الحرب الحالية في سورية؟إنها جزء أساسي من الحضارة الانسانية، في السابق وقبل اختراع الكمبيوتر كانت المكتبات خزان المعلومات في كل مدينة، كلما كبرت المكتبة كبر حجم استيعاب العلوم والثقافات داخل المدن، بالتالي الدول، تماماً مثلما نتحدث اليوم عن كمبيوترات بقدرات استيعاب هائلة تختزن معلومات البشرية كلها، كذلك كانت المكتبات التي تختزن معنى الأمم وأصول ثقافتها، فلسفتها، أدبها،وعلومها. المكتبة ليست مبنى فقط كما أصرت حكومات العرب أن تبني وتنشأ، المكتبات لها معنى يتمحور حول انفتاح العقل، لا يهمني ان كانت المكتبات ذات عمارة عظيمة ولا أجد فيها من الكتب سوى المعقم،المختصر،والمسموح به، لان المكتبة أفق ممتد من الماضي إلى الحاضر إلى المستقبل، لا يحمل إلا وعياً و تحضرا.القارئ الجيد حين يرى مكتبة حقيقية يشعر وكأنه أمام مغارة "علي بابا" بنفائسها كافة، المكتبة اغواء وسحر، والعلم هو النشوة، المعرفة هي الرغبة، يوجد من حرمها على شعوبنا، لما كانت الهوية مضطربة و يراد لها أن تدخل في القمقم، كان لا بد من أن تكون المكتبات سرية.ما المكتبة الحقيقية من وجهة نظرك؟هي تلك التي نبحث عنها طويلاً قبل أن نجدها، لقد أحرقوا مكتبة دار الحكمة في بغداد، وبنوا بدلاً عنها "مكتبة" تناسبهم، يريدون قتل الوعي، أحرقوا مكتبة الاسكندرية وبنوا بعدها مكتبات بنصف وعي، أحرقوا مكتبات الشرق كلها وأخفوها، لذلك لا بد من ايجاد المكتبات السرية التي استترت من كارهيها.كيف نبنى تلك المكتبات من جديد؟لدى كل مثقف عربي نواة المكتبة التي يحلم بها، بيوت المثقفين الكبار لديهم عشرات الألوف من الكتب، وبذور المكتبات موجودة تحتاج من يزرعها لتزهر من جديد، في مكتبات أصدقائي ادوار خراط،صنع الله ابراهيم، غالب هلسا، يوسف الشاروني، خيري شلبي، وهاني الراهب، كتبا محرمة وممنوعة، منها الممنوع باسم الدين،باسم السياسة، وباسم الأخلاق، دمشق ليست استثناءً، لقد خضعت لأكبر درجة من المنع والقسر في التاريخ، ربما لا يشابهها بذلك سوى كوريا الشمالية، لكن المثقف فيها رفض وقاوم، منهم من رفع عقيرته، المثقف الحقيقي لا يبيع نفسه.باب الاجتهادما مدلولات مشهد الغرفة السرية للمكتبة التي تجلس فيها الهياكل العظمية لـ "مديرو المملكة السلطانية" على الكراسي تضع العمائم والخوذات؟في بلادنا يحكمنا الأجداد منذ ألاف السنين، لا زلنا نتصارع ونقتتل على خلاف جرى بين ابني عم منذ خمسة عشرة قرناً، في بلادنا يتم تحديد الجيد من السيء بناء على قوانين وضعها أجداد أجدادنا، اذن نحن لا نفعل شيئاً في الحياة إلا الاصغاء لمجلس الادارة المكون من هياكل عظمية يدير حياة مستقبلنا، علومنا قديمة، فنوننا قديمة،وكتبنا قديمة، نحن حائرون دون أن نقدر على اجتراح حاضر علمي، فكري، هندسي،وفيزيائي جديد، نحن شعوب متعلقة بالماضي، نفتخر بأجدادنا ويكفينا ذلك، كل فشلنا ابتدأ منذ أغلقنا باب الاجتهاد، الاجتهاد هو الجهاد، هو فتح فلسفي ربما، فتح أدبي، دعوا الطلاب يمارسون جنونهم في كل شيء، لا تقمعوا المتظاهرين، لا تقمعوا النساء، لا تقمعوا من يقدم فكرة جديدة، دعوه يفشل، لكن لا تحبطوا الابداع في الأرحام قبل أن يولد.إلى أي مدى تأثرت بالمذاهب الفلسفية؟يجب على الكاتب ألا يتمترس خلف نظرية فلسفية واحدة، لأنه حينها سيجبر شخوصه،أمكنته،وأفكاره على الدخول في "سرير بروكرست"، فالروايات الوجودية، كتابها يقحمون مصائر الشخصيات وأقدارهم ضمن تلك النظرة الوجودية، ولا مناص من أن تفلت شخصية بمصير عبثي مثلاً.هل يجب ان يكون الكاتب حرا في ما يكتب؟بالتأكيد، إن كان يريد أن يكتب رواية عظيمة، يجب أن يكون حرا من كل شيء حتى من الفلسفة، يجب عليه أن يستجمع كل ما قرأه و يبدأ بفكره الانساني تشكيل عالم جديد، عظيم،أقل سوءاً من العالم الذي نعيش فيه.كيف عالجت تزييف السلطة وإعلامها للوعي الجمعي؟المكتبة هي وعي الشعوب المختزن والمتراكم في الادراج و الرفوف، لذا فنتيجة لغياب المكتبات غاب الوعي، غياب الوعي يترك خلفه فراغاً لابد لأحد ما أن يسده، حاول الدين سده طويلاً عبر الأحزاب الدينية، الحلقات الدراسية في الجوامع ولدى السيدات القبيسيات كما في دمشق، لكن السلطة انتبهت أن هناك من ينازعها على سدة الوعي، فبدل أن تعمد إلى آليات توليد الوعي الحقيقي ودعمها وتطويرها كما في دعم الجامعات،المراكز البحثية،المدارس، الاعلام،والصحافة، ضخت فكرا مسيّسا غبيا ومحدودا لا هم له إلا تربية المواطن ليكون دمية في يد السلطة وفقط، يأكل،ويشرب، وينام مع زوجته من دون أي وعي أو تطور.ما توصيفك لهذا المواطن العربي؟انه مريض فقر الدم الذي لا بد أن نساعد جسده على تقديم خلايا جديدة لدمه، فتم تزويده بالدم من أكياس خاصة جلبتها بمعرفتها، ياله من بؤس الذي تعيشه الأمة العربية وجوارها المتأثر بالعروبة، من ترك، فرس، أحباش، باكستانين، وأفارقة، كلنا بؤساء، كلنا مساكين، سبب ذلك هو غياب الوعي، تعميم الجهل، استبدال الجهل بالمعرفة المنقوصة، التي هي أشد بلاء، كرب،ونكبة، من الجهل.لماذا اخترت أن تبدأ روايتك "الإصبع السادسة" بمشهد غرائبي غارق في الرعب؟الحركة الأولى من السيمفونية هي أهم حركة، تلك التي تمسك بأذن المستمع، الحركة الأولى في لعبة الشطرنج، هي من تمنح اللعبة كل خياراتها الممكنة فيما بعد.المشهد الأول من الفيلم هو من يفتح باب الايقاع، كذلك فالمشهد الأول من الأصبع السادسة التي كان لا بد من رفع مستوى غرائبيته لأعلى الدرجات ليمنح المعنى لغرائبية الاسم الممنوح للرواية، التي تسبح في أفلاك التخييل، الأقاويل،المسموح،والممنوع، العادات الغريبة والقسوة الممنوحة من المجتمع تجاه من يختلف عن المجموع.ما مكانتها لديك؟واحدة من أحب الروايات إلى قلبي لأنها تلقي باسئلة فكرية لطالما شغلتني في بركة سكون الفكر العربي، بحثت فيها عن أجوبة للجنس، الهوية،العلاقة مع الدين،والخرافة. أذكر حينما كنت صغيراً قوة الجهل المسيطر على المجتمع، من ثم الحي والعائلة، للجهل سطوة و قوة، وسياطه جامحة، لديه ألسنة تطال الجميع، حذار من زهرة تنبت في الجدار، لأن المجتمع لا يقبل لها إلا أن تنبت في مكانها، أخذ مكان الخالق، المجتمع المضلل يقرر للجميع أمكنته ومصائره، تخيلوا مصير من يشذ عن رأي العشيرة في عالم لا إعلام فيه كما اليوم، كم سيتحمل، تخيلوا لو كانت أنثى، كم سيكون مصيرها مؤلما.هل ناقشت ذلك في الرواية؟الرواية صوت أولئك، جادلت الفكر الكسيح لأولئك الذين رفضوا ابراهيم باشا ومغامرته في طرد المجمدة العثمانية من سورية، واحلال فكر الثورة الفرنسية محلها، القليلون يرون تمثال" سليمان باشا الفرنساوي" في الميدان المسمى على اسمه في القاهرة، الكثيرون لا يعرفون أنه كان ممثل الثورة الفرنسية في مصر، تلك الثورة التي جعلت من مبادئها نشر المعرفة لتثوير العالم النائم تحت خرافات القرون، كان سليمان باشا كما أطلق عليه محمد علي باشا هرب من فرنسا جائعا،عاريا، محروما من كل تنفيذ لحلمه في تثوير العالم وادخاله في الحضارة التي يستحقها. الغريب أن محمد علي وهو رجل أمي كان يؤمن، ويعرف ان الشعوب يجب ان تنتصر على الحكام المماليك، وإن لم يكن قد بقي واحد منهم بعد مذبحة القلعة التي أنهى فيها كل تأثير لهم في مصر، من ثم بدأ في صناعة حلمه ان تكون مصر حرة قوية بعد إخراج نابليون من مصر، أضفت إلى المشهد ان جعلت من محمد علي باشا مودعا لبونابرت في الاسكندرية بعد ان رحلوه عنها وحيدا ليبدأ نقض أوروبا ونفضها وهي المستسلمة للماضي المهيمن على المستقبل والحاضر.هل كان بونابرت رسول الثورات إلى العالم؟ربما، فالله يضع سره في أضعف خلقه، لقد جعلت من بونابرت الذي ثوّر فرنسا بعد أن حولها الثوريون"اللغويون فقط "مستعمرة للثرثرات، فكان ان هاجم بونابرت أوروبا كلها بلدا إثر بلد باذرا فيها بذرة الحرية، ثم كانت الهزيمة واعتقال بونابرت وارساله معتقلا الى جزيرة البا وائدا الحلم كما ظن البريطانيون المنتصرون عليه،ناسين ان العالم واسع عريض فيه على الجانب الأخر من البحر بلد عظيم مكتف موثق بالخرافة اسمه مصر.ما سبب تداخل الأزمنة والأمكنة في روايتك "رقصة البهلوان الأخيرة"؟تحضر تقنيات"ألف ليلة وليلة" في بناء البنية الروائية، اذ قصصت سيرة عائلة بدءاً بالأجداد الأقدمين، مخبراً كل حكاية على اعتبارها حلقة منفصلة عن الحكاية التالية، لا تتقاطع معها إلا في شيئين، نعمة الجمال، وشكل خيانة العهد لحامل هذا الجمال، في هذه الحكايا المنفصلة-المتصلة، يكون الزمن لولبياً مغلقاً في كل منها، لكنه في تراتبيتها المتشظية، إن جاز القول، زمن مفتوح إلى الأمام في مستوى الذاكرة الكلي، فالقص هنا شكل فني مرتبطٌ بالفعل-السردي المتخيّل الذي يسير من الماضي إلى لحظة الحاضر بحثاً عن غاية الوصول إلى تكوين السيرة الشخصية لـ"راضي" بطل الرواية، فينتهي القص الأدبي مع إتمام حلقة"راضي الخاروفي"، وكشف خيانته للعهد.ابداع القاهرةإلى أي مدى أثرت دراستك للأدب العربي على أيدي يحيى حقي ونجيب محفوظ وطه حسين تجربتك الأدبية؟في زمن دراستي في مصر، كانت القاهرة تتوهج ابداعاً وتألقاً بفعل وهج حضاري قادم من تفاعل المجتمع واحساسه أنه يسير في طريق صحيح، كان في القاهرة عقولا وقامات لا ولن تتكرر، طه حسين عميد الفكر الاجتهادي في مصر والعالم العربي، ومنه تعلمت كيفية عدم قبول المسلمات، كنا نستمع إليه مثل المنومين مغناطيسياً، كان رجلاً ذو حضور مذهل، وثقافة تقرب الاعجاز، كان ملماً بكل شيء كما خيل إليَّ حينها، صادماً بأفكار تهز الشباب من جذور كيانهم، لدرجة تثير الارتياب، كالعادة اتهموه بالخيانة والعمالة، أما نجيب محفوظ فقد كان انساناً عظيماً، كاتباً كبيراً، وحكاءً مدهشاً، لا يمكن أن تتوه عن طاولته لشدة التفاف الناس حولها وتفاعلهم معه، ومع حكاياته ورؤيته للأمور و تبسيطه لكبريات القضايا.ما تقييمك للمشهد الثقافي السوري الحالي؟متعب ومنهك مثل كل مفاصل البلاد، منقسم كما كل سورية، بين مشهد ثقافي لسوريي الداخل متيبس من هول الحرب، القهر، والخوف، ومشهد سوريي الخارج متعب من الغربة، الوحشة، الارهاق، والخوف من المستقبل ايضاً، لكن بوادر الأمل بدأت بالازهار لدى سوريي الخارج الذين تخلوا عن الخوف، الرقابة، التسييس، وفتحوا صدورهم للفن على أقصاها، منهم من غرق في أوهامه، منهم من استطاع مخاطبة العالم وهم كثر.ما دلائل ذلك؟السوريون يغزون العالم بالمسرح، بالسينما، الفن التشكيلي، الروايات السورية تترجم بشكل مطرد إلى اللغات الأوروبية، تدخل جوائز عالمية، الفنانون السوريون في الخارج ينافسون أترابهم في العالم نداً لند، كانوا سابقاً يخشون من ندوة نقدية تقام في القاهرة، كسر الخوف عنصر أساسي لبناء نهضة فنية وهي قادمة لا محال.ماذا عن دور النشر السورية؟دور النشر السورية باتت تحرز تقدماً لا مثيل له في تاريخ النشر السوري، الرواية السورية رواية متميزة على الصعيد العالمي، يمكن قراءة درر فنية في روايات كتاب سوريين أحياء منتشرين في العالم، وفي سورية،مشكلة الرواية السورية أنها لا تسوق كمنتج عصري، بل يقوم السوريون أنفسهم بوأد نتاج بعضهم، نحتاج مثلاً لجائزة للرواية السورية، حرة وغير مسيسة، نحتاج لمجلس لطباعة أعمال روائيي سورية المغيبين قسراً عن المشهد الابداعي، مثل هاني الراهب وفارس زرزور وغيرهما، نحتاج لوزارة ثقافة في سورية المستقبل، تحتضن الرواية السورية وتقيم لها مجلساً ومتحفاً. نحتاج أن نسمي شوارع المدن السورية بأسماء كبار مبدعينا، ما الضير من تسمية أكبر ساحات طرطوس باسم هاني الراهب، ما الضير من تسمية أكبر شوارع حلب باسم عمر أبو ريشة، كذلك في دير الزور، حماة، ادلب، الحسكة، درعا، والسويداء.

'البحث عن الرواية'

رواية 'الاصبع السادسة'