الاثنين 28 أبريل 2025
30°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

دخول الإسلام إلى أفريقيا شكل بداية العصور التاريخية للقارة

Time
الاثنين 06 مايو 2019
View
80
السياسة
إعداد - محمود خليل:


لا يعلم كثيرون أن أفريقيا جنوب الصحراء التي لم تصل إليها جيوش الفتح الإسلامي قامت بها دول وممالك إسلامية كان لها دور بارز في نهضة الإسلام والدفاع عنه في مواجهة الهجمات التي كانت تسعى للنيل منه، في هذه الحلقات نستعرض عددا من تاريخ أهم الدول والممالك الإسلامية في أفريقيا جنوب الصحراء، مواقفها من دول الاحتلال الأوروبية دفاعا عن الأرض والدين.

في أواخر الدولة الأموية وبسبب اضطهاد بني أمية، هاجرت قبائل «الزيود» اليمنية، بعد مقتل زيد بن علي زين العابدين، سموا بعد ذلك بالزيدية، إذ استقروا على الساحل الصومالي، أصلحوا الأراضي وزرعوها، نشروا الإسلام بين قبائل «بنادر»، «أنهار جوبا»، «شبيلي» و»الجالا»، أصبح الكثير من أبناء هذه القبائل فقهاء ووعَاظا، ساهموا في نشر الإسلام بين القبائل الأخرى.
نتيجة لهذه الهجرات، ظهر مجتمع السواحلية، الذي يضم الأفارقة المتحدثين بلغة «البانتو»، مع العرب المهاجرين من الجزيرة العربية، الشام وفارس، فنشأت اللغة السواحيلية، أصبحت اللغة الرسمية ولغة المعاملات التجارية، كانت تكتب بالأبجدية العربية، تعتبر أحد التأثيرات الثقافية العربية على المنطقة وسكانها، إذ لم تعد اللغة الجديدة ذات تأثير ثقافي فقط، بل اتخذت بعدا دينيا إسلاميا.
لم تقف الصحراء الكبرى حاجزا لمنع المسلمين من الوصول إلى الشاطئ الغربي الأفريقي، بل زادوا من علاقاتهم التجارية مع جميع القبائل والممالك التي كانت قائمة آنذاك، كما وصلت علاقاتهم مع المغرب عن طريق ساحل المحيط الأطلسي، فيما كان المسلمون وصلوها عبر ساحل البحر المتوسط.
مهد سقوط مملكة غانا على أيدي المرابطين عام 1076م، لانتشار الإسلام في مناطق غرب أفريقيا ووسطها، مثل، غانا، مالي، سنجاي، الكانم، البورنو وغيرها، اتخذت الإسلام دينا والعربية لغة، ولتشهد أفريقيا لأول مرة دولة مركزية، لها مقومات الدولة بدلا من النظام القبائلي قبل ذلك.
كما سلك الدعاة المسلمون – بعض التجار بعد ظهور الإسلام – طرقا كثيرة إلى القارة الإفريقية لإعلاء راية الإسلام، ما يؤكد أن الإسلام وصل هناك من دون فتوحات أو غزو، بل من خلال مجموعة من الزهاد والعباد، الذين حملوا كلمة حسنة، خلقا حسنا، إيمانا كبيرا بتعاليم دينهم، فبشروا به الأفارقة، ما كان له أثر كبير في نشر الإسلام بسرعة، بين القبائل الوثنية.
يعتبر دخول الإسلام إلى أفريقيا بداية العصور التاريخية للقارة السمراء، بروزها على الساحة الحضارية العالمية، بعد دخول نظم الحكم الحديثة، الدواوين، القضاء، العملة، الجيش... الخ، ما جعل الأفارقة يتشبهون بالمسلمين، يفتخرون أنهم من العرب، «المولدين»، أي نتاج التزاوج العربي الأفريقي.
شهدت أفريقيا تطورا كبيرا في القرن الحادي عشر وحتى القرن الرابع عشر، إذ استطاعت الممالك الإسلامية الجديدة صنع تاريخ أفريقيا الجديد، صارت تلك الممالك مراكز إشعاع لباقي المناطق الأفريقية في الجنوب، انتعشت الحركة التجارية هناك بعدما صار البحر الأحمر بحيرة إسلامية، كما سيطر المسلمون على التجارة في المحيط الهندي، ما ساهم في انتعاش الممالك الإسلامية في أفريقيا اقتصاديا.
تأثر الأفارقة في تلك الممالك الإسلامية بالمسلمين فارتدوا ملابسهم، تحدثوا بلغتهم، تدينوا بدينهم، تأثروا بالولاة المسلمين، فكانوا يخرجون في مواكب لأداء فريضة الحج، تبادلوا العلاقات الثقافية مع مدارس فاس، مكة والقاهرة، ازداد عدد طلبة العلم الوافدين إلى مصر، حتى أصبح لهم رواق خاص باسمهم يسمى «رواق التكرور» كما أصبحت المراكز الثقافية في الممالك الأفريقية وسيطا بين طلاب العلم الأفارقة والمراكز الرئيسة في مصر، المغرب والعراق.
اشتهرت طرق عدة في أفريقيا - تربط بين الممالك الإسلامية هناك- تجاريا وثقافيا مع باقي مدن الخلافة، مثل، طريق سجلماسة - ولاته، منه إلى السنغال وأعالي نهر النيجر، طريق غدامس - بلاد الهوسا عن طريق جات وأهير، طريق طرابلس - بورنو ونهر تشاد مارا بفزان وكوار، طريق برقة - واداي عن طريق الكفرة، بخلاف ما لم تسجله المصادر التاريخية والجغرافية.
يصف ابن بطوطة في كتابه «رحلات ابن بطوطة» هذه الطرق بقوله: عند وصولنا إلى سجلماسة، ملتقى جميع من ينطلق من الغرب الأقصى نحو الجنوب، اشتريت بها الجمال، وعلفتها أربعة أشهر، وأما القافلة فكانت توضع تحت إمرة قائد، كما هو ربان السفينة، وعند انطلاق القافلة فلا يحق لأحد التأخر أوالتقدم خشية فقدان الطريق، وقبل أن تصل القافلة إلى المدينة المعينة بعشرة أيام، ترسل مبعوثها إلى المدينة المقصودة فيحمل الرسائل إلى أصحابها، ليكتروا لهم الدور ويخرجوا للقائهم بالماء على مسيرة أربع. دخلت القارة الأفريقية منذ القرن الخامس عشر عهدا تاريخيا جديدا لم تشهده من قبل، بعد احتلال الأوروبيين لها، إذ احتل البرتغاليون سبتة، بالمغرب الأقصى، بعد سقوط الأندلس، إذ تبدأ حقبة تاريخية جديدة بتنافس دول وممالك أوروبا على احتلال أفريقيا وطرق التجارة العالمية التي يسيطر عليها المسلمون.
بدأ الضعف يدب في جسد الممالك والدول الإسلامية، ليس في جنوب الصحراء فقط، بل على امتداد الوطن العربي كله، بل والإسلامي، بسبب السيطرة البرتغالية على طرق التجارة العالمية، ما أدى إلى انقطاع التواصل بين أفريقيا جنوب الصحراء وامتدادها في الشمال، بل مع مراكز الحكم الإسلامية في بغداد، دمشق، القاهرة، والأماكن المقدسة في مكة والمدينة.
لم يستسلم المسلمون لهذا الغزو والاحتلال، بل بدأت المقاومة، ففي سلطنة عمان في منتصف القرن الثامن عشر الميلادي، تمت مهاجمة البرتغاليين وطردهم، لكن البرتغاليين أعادوا الكرة مرة واحتلوا الساحل بسبب الآفة التي يعاني منها العرب، الطمع في كرسي الحكم.
آخر الأخبار