الأخيرة
دروس من أزمة "كورونا"(2)
الاثنين 30 مارس 2020
5
السياسة
عبدالرحمن المسفررسخت أزمة" كورونا" من جديد حقيقة كفاءة العنصر الوطني الكويتي، وإمكانية الاعتماد عليه في أحلك الظروف لاداء مهمات ومسؤوليات قد يعزف عن تأديتها أوقات الرخاء، مثل قيادة الشاحنات والمركبات الثقيلة، والنزول إلى الميادين للمساهمة في أعمال التنظيم، وتوزيع المؤن والإعاشة على نزلاء المحاجر الصحية، وتحمل أعباء شاقة دعماً لأجهزة الدولة المختلفة المعنية بمواجهة تحديات وباء" كورونا" وتداعياته، ورأينا كذلك المرأة الكويتية تؤدي أدوارًا متنوعة في قلب الحدث، كالتمريض والطبابة والمعاونة الأمنية، والإشراف على مشاريع، هندسية وتجهيزية، تدخل في إطار توفير الاحتياجات الملحة والمتسارعة التي يستدعيها الموقف العام.وهذه ليست المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة التي يثبت خلالها المواطن الكويتي تفانيه في حب وطنه، واستجابته الفورية لنداء هذه الأرض الغالية، والغزو العراقي لدولة الكويت كان خير شاهد على تضحيات الشعب، بمختلف مكوناته في الداخل والخارج، وتماسكها وتوحدها في دفع العدوان وإعمار البلد بعد عودة شرعيته، ومسابقة الزمن في بناء وإصلاح ما أفسده الغزاة، من معالم ومساكن وطرقات ومنشآت حيوية، بما فيها إخماد ما يزيد عن 700 بئر نفطية مشتعلة بسواعد وخبرات كويتية أبهرت العالم.الكويتيون أنفسهم لفتوا نظر المجتمع الدولي في الإجراءات الاحترازية والوقائية حيال فيروس "كورونا"، بل وسبقوا دولاً متقدمة، طبيا وصناعيا وفكريا، في حزمة الخطوات المتخذة حتى حازوا موقعا تصنيفيا متقدما جدا وفقا لجهات دولية معتبرة.هذا كله يدعونا إلى إعادة النظر في استثمار الطاقات الوطنية وإيلائها أهمية قصوى في الهيكلة، والتنمية، والتحفيز، وإدارة الأجهزة التنفيذية في مختلف المهن والوظائف، ووضع برامج التأهيل الكفيلة ببناء منظومة تعليم وتدريب مؤهلة ومنتجة تستوعبها سوق العمل، ويكون بمقدورها المساهمة الفعالة في عمليات التنمية الشاملة والمستدامة، مع التركيز على الآتي:1- دعم قطاع المشاريع الصغيرة، والمتوسطة، ودفع الفئات الشبابية لخوض غمار العمل التجاري، والاعتماد على أنفسهم في ابتكار مشاريعهم، وتحسين دخولهم المالية، وتذليل الصعاب المعترضة لتحقيق طموحاتهم، سواء أكانت تشريعية أم إجرائية، أم مالية.2- الاستفادة من الخبرات التراكمية لدى قطاع المتقاعدين، خصوصا في الأعمال التي تحتاجها القطاعات الحكومية المختلفة.3- وضع خطط وبرامج للقضاء على البطالة وطوابير الانتظار بحثا عن العمل في الجهات الحكومية، من خلال تطوير جهاز الخدمة المدنية من جهة، وكذلك صياغة ستراتيجيات عملية، وواقعية تُحسّن من فعالية برنامج إعادة الهيكلة، وهيئة القوى الوطنية العاملة من جهة أخرى.4- إفساح المجال للكفاءات الشابة من الجنسين لتولي المناصب القيادية، وإدارة مفاصل الدولة، بعد الاطمئنان على خضوعها للتأهيل النوعي، وامتلاكها المقومات الإدارية، والفنية، اللازمة من باب ضخ دماء جديدة في شرايين الجسم الحكومي.5- العمل من اليوم على تصميم تصورات النهوض لما بعد أزمة "كورونا"، وتهيئة المجتمع ومؤسساته وقطاعاته لقيادة مرحلة الإفاقة من حالة التراجع والتصدعات الاقتصادية، على أن يتولى هذه المعادلة الصعبة أبناء البلد.6-مكافأة كل من أثبت جدارته في إدارة هذه الأزمة الوبائية بافساح المجال له لشغل المناصب القيادية والمسؤوليات العامة، وفي المقابل محاسبة المقصرين وعزلهم لإعلاء مبدأ الثواب والعقاب كمنهجية صارمة لضمان النجاح والإنتاجية والتميز.مستشار إعلامي