دلق سهيل

د. ريم أحمد الهزيم

نسمع كثيرا مصطلح"دلق سهيل"، وقد لا يعرفة أبناء العشرينات، لكن نحن الأربعينيين والخمسينيين نعرفه عز المعرفة. فكيف لا ونحن ننتظره لنفترش الأسطح وننام ونتحازى ونقص القصص مساء تحت النجوم طوال الليل، واذا دلق سهيل نهاية أغسطس وبداية سبتمبر نجلس في الحوش، أو الليوان لنتناول وجبة الافطار(الريوق)، والتي يعقبها "جاي الضحى" مع الضيوف والجيران نستمتع بهبات ونسائم الهواء البارد. "دلق سهيل" لمن لا يعرفه هو عبارة عن كلمتين الأولى"دلق"يلفظ حرف القاف باللهجة العامية جيما قاهرية، وباللغة العربية الفعل دلق تعني خروج الشيء من مكمنه بسرعة أو فورا، ولم نقل خرج أو طلع أو بدأ، لكن قلنا دلق كناية ودلالة على السرعة، وعنصر المفاجأة.، والكلمة الثانية هي"سهيل" باللغة العربية، "كانوبوس" باللاتيني، وهو اسم ثاني ألمع نجم ساطع في السماء أبيض مصفر اللون، يظهر أولا في الجنوب وتحديدا في اليمن ثم يأتي جهة الخليج والكويت،ويظهر في سماء الكويت نهاية أغسطس وأوائل شهر سبتمبر، وظهوره ينم عن بداية التغيير الفصلي وانتهاء ريح السموم وموسم الحر والقيظ. عمره قصير مقارنة بالنجوم الأخرى اذا يبلغ 27 مليون سنة تقريبا، وسهيل تصغير لكلمة سهل، ومفرد لكلمة سهول، وهي الأرض المستوية الممتدة، وتقال كذلك للرجل السهل المعاملة الطيب المعشر، أي أن هذا الرجل هين لين وسهل. نجم سهيل وعند اندلاقه تستبشر العرب بانجلاء وانخفاض درجات الحرارة، واقبال الربيع والمطر تباعا، وتغيير الأحوال الجوية الى الأفضل بدءا بالماء حيث قيل قديما بالأمثال الشعبية "اذا دلق سهيل...تلمس الماي بالليل" أي برودة الماء.
وقيل كذلك" اذا دلق سهيل...تلمس التمر بالليل" دلالة على نضوج التمر، يتم استقبال "سهيل" كالضيف العزيز بحب ووله، وتغنى به قديما بسامرية يقول مطلعها" بردك يجي نسناسي... يا سهيل يالجنوبي... ويداعب الاحساسي...يذكرني بمحبوبي"، وللعرب أيضا أقوال كثيرة في نجم سهيل حيث إن موسمه وقدومه مفرح. دلق سهيل لينذرنا بأنه لا بد من تنظيف الأسطح، والمناهيل، والبواليع تحسبا لموسم الأمطار، والاستعداد للشتاء وترك عنصر الربكة والمفاجأة جانبا، فها هو موسم الأمطار على الأبواب.
دلق سهيل يلطف حرارة الجو ويساعدنا على تكثيف الزراعة واشراك المجتمع وتلافي سلبيات الموسم المنصرم، وعدم رمي الحمل والاعتماد على المنتج الزراعي المستورد، فالظروف جيدة ومواتية، ولا بد من التحسب لموجة أخرى من أي طارئ، وأي عنصر مفاجئ...والى مستقبل أخضر مثمر باذن الله.

دكتوراه فلسفة في علم النبات
[email protected]