بمجرد أن تصبح إيران غير مقيدة ستزعزع الإقليم وتعزز قدراتها الدفاعيةستركز بعد رفع الحظر على المكابس الهيدروليكية العنصر أساسي في المتفجرات الخارقة توصيل "المكابس" للحوثيين سيجعلهم أكثر فتكًا ويمدهم بسلاح فعال سهل النقل تراعي دول مجلس التعاون الخليجي بعناية فائقة علاقتها بالصين وروسيا المخاطرة بطلب الولايات المتحدة بإعادة جميع العقوبات خيار غير محبذ لقادة الخليج فرض عقوبات على الشركات المتعاملة مع إيران عسكرياً قد يكون مُعوقاً مثل حظر الأسلحة التحرك لاستصدار قرار جديد للأمم المتحدة يحدُّ من المواد التي يمكن لإيران شراؤها وبيعها خيار يتطلب حنكة تجهيزات الحرب الإلكترونية مثل الصواريخ المضادة للرادار ستمنح إيران القدرة على إسقاط بطاريات "باتريوت" ستكون صواريخ أرض- جو مكسباً مغرياً لإيران ورفع الحظر سيؤدي لتدفق المزيد مما يشكل للطائرات إذا امتلكت إيران صواريخ كروز فسيكون الخليج كلُّه مكشوفاً وسيواجه سنوات حرجة هناك دول خليجية تنتقل بشق الأنفس بين خط الولايات المتحدة وإيران قد يتم وضعهم في حرج طالما ظلت طهران قادرة على استغلال التباين في المواقف بين أميركا وأوروبا فسوف تستمر في خرق القانون
أعد مركز "ريكونسنس للبحوث والدراسات" بالتعاون مع المجلس الأطلسي في واشنطن ورقة عمل حول تحركات واشنطن حيال الحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة على إيران، وما هو متوقع من دول الخليج تحديداً والعالم بشكل عام في حال تم رفع هذا الحظر في أكتوبر القادم.كتبت الورقة المتخصصة وبالتعاون المباشر مع عدة مصادر حكومية من الخليج و واشنطن، كيرستن فونتنروز عضو المجلس الاستشاري لمركز ريكونسنس في واشنطن العاصمة و مديرة مبادرة سكوكروفت لأمن الشرق الأوسط في المجلس الأطلسي و المديرة السابقة لشؤون الخليج في مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض. وأوضحت الورقة أن متخذي القرار في جميع أرجاء الخليج يتبادلون الآراء حول أسئلة السياسة الدولية الصعبة التي تواجههم، ومن ضمنها قرار رفع حظر السلاح الذي تفرضه الأمم المتحدة على إيران في أكتوبر المقبل، ورغم أن المتبقي فقط أقل من ستة أشهر، إلا أن النقاشات الخليجية تتركز أكثر حول الخيارات الأمريكية إزاء إبقاء الحظر لا على ماذا سيفعل الخليج حال رفعه، و يرى المحللون الخليجيون وجود ثلاثة خيارات أمام الولايات المتحدة. الخيار الأول: إقناع مجلس الأمن بتمديد حظر الأسلحة، أو المخاطرة بطلب الولايات المتحدة بإعادة جميع العقوبات التي رفعتها "خطة العمل الشاملة المشتركة الخاصة" وانهيار ما تبقى من الاتفاق النووي الإيراني، وليس من الضروري أن تظل الولايات المتحدة جزءاً من خطة العمل الشاملة لتشارك في الاتفاق وذلك بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2231. وإن كان ذلك الخيار غير محبذ لقادة الخليج نظرا للتعليقات الواردة لهم من باريس ولندن وعواصم أوروبية أخرى حول هشاشة ذلك الطرح.الخيار الثاني: هو العمل بشكل منفرد، من خلال فرض عقوبات على الشركات التي تنتج مكونات الأسلحة المصنوعة في إيران للتصدير، أو الأسلحة المصنعة في مكان آخر للتصدير إلى طهران، وقد يكون ذلك القرار معوقًا لإيران مثل قرار حظر الأسلحة، ومع ملاحقة كل شركة تساهم ولو في تصنيع مسمار واحد في بندقيات القنص عيار 50 وبذلك تتعطل سلسلة الإمدادات الدفاعية لإيران، فضلًا عن كونها سوف تبطئ عجلة الإنتاج في روسيا والصين المعتمدة على شبكة عالمية من البائعين. الخيار الثالث: التحرك لاستصدار قرار جديد للأمم المتحدة، يحد من المواد التي يمكن لإيران شراءها وبيعها، لكن هذا الخيار يتطلب حنكة سياسية عالية وسوف يستغرق وقتاً لتنفيذه، والجزء الأصعب فيه هو إقناع روسيا والصين اللتين تنتظران قرار رفع الحظر للاستفادة من بيع منتجاتهم لإيران، بعدم استخدام حق الفيتو لعرقلة ذلك المشروع، وهو ما قد يقبلون به إذا كانت المواد المقيدة بفعل ذلك القرار لا تدخل في نطاق المواد التي يعتقدون أن لديهم الفرصة لبيعها، فعلى سبيل المثال بدأت إيران في السنوات الأخيرة في إنتاج أنظمة الدفاع الجوي متوسطة المدى الخاصة بها، وعليه فستكون اقل اهتماما بشراء هذه الأنظمة كما كانت قبل قرار حظر 2007.وتراعي دول الخليج وبعناية فائقة علاقتها بكلا من الصين وروسيا، كما أنهم يتوقعون طلبا من الولايات المتحدة بالمشاركة الدبلوماسية في دعم قرار الحظر، وقد أوضح أحد كبار الدبلوماسيين الإماراتيين لكاتبة هذه الورقة: إن الخليج لم يعد يمتلك النفوذ الكافي على صعيد السياسية الدولية للتأثير على مثل هذا القرار. خيارات الاستحواذ الإيرانية يتجاهل بعض المحللين الأميركيين التقليديين قرار نهاية حظر السلاح على إيران في أكتوبر المقبل، معتبرين أن إيران لا تمتلك لا المال ولا الرغبة الحقيقية في امتلاك نظام تسليح ضخم، وعليه فهي لا تمثل تهديدا كبيرا على المصالح الأمريكية، وهذا التصور يتجاهل ثلاث نقاط، الأولى أن إيران حاولت من قبل التفكير بشراء أحد أنظمة الدفع الصاروخي المتطورة S-400s او S-500s، والثانية أن العماد الأساسي لسياسة إيران الخارجية هو نشر عملاء مسلحين، وتسليح وتجهيز تلك الميليشيات يحتاج لأسلحة وأنظمة قتالية مضطرة لتهريبها الآن، ورفع الحظر عنها سوف يمكنها من الحصول عليها ونقلها لعملائها بسهولة ويسر، أما الثالث فهو أن إيران تعتمد على تطوير أنظمة التسليح الحالي بدلاً من الحصول على أنظمة جديدة، لذلك قد لا تكون الاستراتيجية المقصودة هي شراء أنظمة كبيرة ولكن بتطوير ما يملكونه وبإدخال تقنيات أحدث عليه. ولعل أحد الأسئلة التي تستحق الانتباه هو ما إذا كانت إيران سوف تستغل نهاية الحظر لتطوير "جيش الجمهورية الإسلامية" الذي تم تجاهله لسنوات أو "الحرس الثوري"؟ الفتى المدلل للنظام الإيراني الذي استمرت طهران في تفضيله واعتباره أولوية قصوى، حتى أثناء أحلك فترات الضغط الأمريكي عليها، وإذا استمر هذا النهج، فبمجرد أن تصبح إيران غير مقيدة حتى وإن ظلت تعاني نقصا في التمويل، فستعمل على زعزعة الاستقرار في الإقليم وفي نفس الوقت تعزز من قدراتها الدفاعية، وهنا يجب طرح موضوع "جيش الجمهورية الإسلامية" بجدية أكثر، والوقوف حول ماهية مصالح قادتهم؟ وحول ماذا إذا قررت إيران خوض غمار القتال مع الولايات المتحدة عبر الأساليب الحديثة، وتم استدعائهم للخطوط الأمامية بدون تجهيز جيد. من المتوقع أن تنصب استحواذات إيران بعد رفع الحظر عن الأسلحة على المكابس الهيدروليكية وهي عنصر أساسي في المتفجرات الخارقة للدروع، التي كانت تعتبر السلاح المفضل لقاسم سليماني قائد فيلق القدس قبل إخراجه من ساحة القتال، وتلك المقذوفات هي المسؤولة عن الإطاحة بجنود ومدنيين في بلدان عدة في الإقليم، وعليه فإن توصيل تلك المكابس الهيدروليكية للمتمردين الحوثيين في اليمن مثلا سيجعلهم أكثر فتكًا، ويعقب على ذلك الأمر شون روبرتسون مستشار الذخائر العسكرية لدى "مركز وكسفورد للدراسات العسكرية" قائلا: إن القلق من وجود المتفجرات الخارقة للدروع في أيدي إيران وبالتالي أيدي وكلائها، هو أنه سيكون لديهم مرة أخرى سلاح سهل النقل يصعب اكتشافه، وفعال للغاية ضد المركبات المدرعة للولايات المتحدة أو قوات التحالف، فضلا عن أنه لا يمكنك رؤيته أو منعه، وعليه فقد نشهد زيادة كبيرة في الضحايا بأي مكان يتم نشرها فيه. أيضا تجهيزات الحرب الإلكترونية مثل الصواريخ المضادة للرادار التي تستهدف أنظمة الدفاع أرض- جو ستمنح إيران القدرة على إسقاط بطاريات "باتريوت" وأنظمة "ثاد" في الضربة الأولى، ثم تحلق فوقها بنفس الصواريخ المستخدمة لمهاجمة منشآت النفط السعودية في مدينة البقيق في سبتمبر 2019، أو طائرة مثل SU-30 التي قيل أنهم مهتمون به، كما أن تسليم الصواريخ المضادة للرادار سيغير طبيعة اللعبة في سورية، وهو ما يفترض أن يجعل الأتراك أكثر اهتمامًا بخطورتها من الخليج.كما ستكون صواريخ أرض - جو اكتسابًا مغريًا آخر لإيران، فهم تمكنوا من توريد هذه الأسلحة إلى وكلائهم على الرغم من الحظر، لهذا من الممكن أن يؤدي رفع الحظر إلى تدفق المزيد من هذه الأسلحة إلى وكلائهم، مما يشكل تهديدًا مباشرًا لطائرات الولايات المتحدة وحلفائها حال عدم وجود قيود على امتلاكها، وهنا يتعين على وزارة الدفاع الأمريكية أن تعيد التفكير في بصماتها العسكرية في المنطقة، لأن انتشار صواريخ سام بين الميليشيات المدعومة من إيران سيضع حتى طائرات الشحن التي تزود قواتنا في خطر واضح وقائم، وإذا امتلكت إيران صواريخ كروز التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، فإن دول الخليج ستواجه سنوات حرجة قبل أن يتمكنوا من تسلم أنظمة جديدة للدفاع عن أنفسهم ضد هذا التهديد الجديد. فالخليج كله سيكون مكشوفا لخطر الهجوم الإيراني. كما إن التقدم السريع في أنظمة الطيران بدون طيار يعني أن إيران سيكون لديها مجموعة متنوعة من محركات الطائرات عالية الجودة، والعدسات الحديثة التي تمكنها من تحسين قدرتها على التقاط الصور عالية الجودة، والماكينات الصناعية المستخدمة في تصنيع مكونات الطائرات. يشير أندي دريبي الخبير بشركة Red Six Solutions، وهي شركة استشارية تساعد الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في اختبار أنظمة مضادة لأنظمة الطائرات بدون طيار، أن توسيع السوق الذي يمكن لإيران الشراء منه سيجعل من السهل عليهم إخفاء مصادرهم. وأنه إذا كان على أجهزة الاستخبارات الآن النظر إلى الصين فقط بحثًا عن مصادر التوريد لإيران فإن رفع الحظر سيصعب المهمة، فالعالم كله سيكون موردا محتملا لإيران.تشير تحرشات الحرس الثوري الإيراني لسفن البحرية الأمريكية في شمال الخليج العربي في منتصف أبريل الماضي إلى الخطر المحتمل على الأمن في مضيق هرمز حال نجاح إيران في الحصول على ألغام حديثة مضادة للسفن، وحتى من دون الحصار فإن الإطار الزمني المتوقع لتطهير الخليج من الألغام البحرية التي وضعتها إيران قد يتجاوز عاما كاملاً، ولقد واجهت الولايات المتحدة صعوبة في حث الشركاء الأوروبيين على الانضمام إلى تحالف لمواجهة إيران في المضيق بعد اجتماع وارسو 2019. وتخشى أوروبا من أن مثل هذا التحالف سيثير إيران.على الأرض سيوفر اقتناء الألغام المضادة للدبابات لإيران قدرة مضادة للدروع كافية لإتاحة الفرصة لأفراد المليشيات للعمل ليس فقط ضد الدبابات ولكن أيضا ضد المركبات من أي نوع، كما ستقلل هذه الألغام من وقت التدريب وعدد الأفراد الذين تحتاجهم إيران لإلحاق الضرر بخصومها الإقليميين سواء أفراد الجيش أو المدنيين.وفي الجو، ربما تكون إيران قد بلغت نهاية التطوير الذي يمكن إجراؤه على هياكل الطائرات المتوافرة لديها، وقد يكون الحديث عن قدرتها على استنساخ هياكل الطائرات الأمريكية المتقدمة مبالغ فيه، وفي هذه الحالة، يمكن أن تسعى طهران للانتهاء من التفاوض مع روسيا لشراء طائرة SU-30، التي يقال إنها تتفوق على الطائرات المقاتلة السعودية والإسرائيلية وتستطيع حمل صواريخ كروز. نقص الأموال لا يعيق الشراء حقيقة أن إيران مرفوضة في الأسواق المالية الدولية تبعث على الاطمئنان في الخليج على مستوى واحد ألا هو صعوبة حصول طهران على التكنولوجيا العسكرية المتطورة من دون الكثير من الأموال، لكن على صعيد أخر نجحت إيران في حماية برامجها بالوكالة والصواريخ البالستية من المجاعة البطيئة التي عانت منها قطاعات أخرى خلال الأزمة الاقتصادية الناجمة عن العقوبات الأمريكية، لهذا فقد يُفاجأ المجتمع الدولي بمستوى التمويل الذي يتجلى في شراء الأسلحة عندما تكون إيران حرة في صنعهم.أزمة الدولارات التي تواجه إيران قد لا تكون عامل حسم في منع بيع السلاح الروسي والصيني إليها، فبشكل عام يمنع الدستور الإيراني (مادة 146) الدول الأجنبية من إقامة قواعد عسكرية داخل حدود إيران، وقد انتابت الجماهير الإيرانية موجة غضب عام 2016 حينما سُمح لروسيا باستخدام الأراضي الإيرانية لشن غارات جوية على سورية، ولكن هل يمكن دعوة وحدات من موسكو لإيران تحت غطاء ثانوي مثل التدريب على رفع القدرات القتالية مقابل حصول إيران على أسلحة روسية بأسعار مخفضة؟ حيث أن إيران فعلتها من قبل في 2019 حين دعت الصين للمشاركة في مشروع ميناء تشابهار البحري، وقد علق أحد المحللين الكويتيين البارزين أخيراً في حديثه مع كاتب هذا المقال على تلك النقطة قائلا: "لا أحد في المنطقة يقر بأن أي شيء تفعله إيران مع الصين، يتم لأغراض عسكرية." كيف يتصرف الخليج؟ حتى من قبل أكتوبر، فإن النقاش قائم حول إذا ما كان السماح برفع حظر الأسلحة عن إيران سيؤدي إلى وضع دول الخليج في موقف حرج أم لا؟ وهناك دول مثل عُمان وقطر والكويت الذين يتنقلون بشق الأنفس بين خط الولايات المتحدة وإيران، قد يتم وضعهم في موقف حرج يُطلب منهم فيه الإدلاء ببيانات داعمة أو رافضة لرفع الحظر. أما قطر التي عززت علاقاتها في السنوات الأخيرة بالولايات المتحدة، وأطلقت حوارًا ستراتيجيًا في عام 2018، وضخمت البنية التحتية الخاصة بالقوات الأمريكية في قاعدة العديد الجوية، ومع ذلك سيضعها سؤال رفع حظر السلاح بين شقي رحى، وهي النقطة التي علق لي عليها دبلوماسي قطري مازحا: لن تكون هذه هي المرة الأولى التي يُطلب منا فيها اختيار جانب بين إيران والولايات المتحدة".أما الحكومة اليمنية، فموقفها واضح من الحظر ومتمسكة به بلا مواربة وقد صرح السفير أحمد بن مبارك، ممثل اليمن في واشنطن أن "رفع حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على إيران سيكون له آثار كارثية على استقرار منطقة الشرق الأوسط وسيؤدي إلى تفاقم الأوضاع هناك. هذا وتشير العديد من التقارير الدولية إلى أن إيران هي المورد الرئيسي للأسلحة إلى الجماعات المتطرفة في لبنان واليمن والعراق، بما في ذلك المنظمات المدرجة في قائمة المنظمات الإرهابية مثل حزب الله، و بالقطع رفع الحظر سوف يرسل رسالة خاطئة للجميع في اليمن. وتعرضت الإمارات لضغوط للحد من التوترات مع إيران في ضوء جائحة كورونا، وعلى الرغم من أن القادة الإماراتيين يتحسسون بتؤدة طرق القيام بذلك، إلا أنهم يوضحون أن المساعدة الإنسانية التي يقدمونها لإيران لا تعني قبول تصعيد إيران لأنشطتها، مشيرين إلى إن الإمارات لن تتخذ أي إجراء من جانب واحد حتى إذا تم رفع الحظر وسوف تتعاون مع الولايات المتحدة والشركاء الآخرين. وعلى الرغم من تباين مواقف الحكومات الخليجية من إيران وأنشطتها، إلا أن هناك شيئًا واحدًا يتفقون عليه ألا وهو ضرورة أن تصل الولايات المتحدة وأوروبا إلى قرار موحد بشأن الحظر وبشأن التحركات الإيرانية بالوكالة خارج حدودها، مؤكدين على أنه طالما ظلت إيران قادرة على استغلال التباين في المواقف بين أمريكا وأوروبا فسوف تستمر في خرق القانون الدولي.