الجمعة 27 سبتمبر 2024
31°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
كل الآراء   /   الأخيرة

دول "مجلس التعاون" الخليجي قادرة على الاستقلال بعُملتها ورسم مسارها

Time
الخميس 25 مايو 2023
View
8
السياسة
خلف أحمد الحبتور

في الاقتصادِ العالميّ المترابط اليوم، قوة العملات النقدية والقرارات الفردية التي تتخذها بعض الدول لها تأثير كبير على العالمِ بأسره.
غالباً ما تضع هيمنة دولار الولايات المتحدة في سوق الصرف البلدان الأُخرى "على كفِّ عفريت". أتساءل، ألم يحن الوقت بعد للاستقلالِ بسياساتنا النقدية؟
اقتصاداتنا مُرتبطة ارتباطاً وثيقاً سلبياً في الغالبِ من الأوقات، بدولةٍ تخطُّ المسار الاقتصادي والمالي للعالمِ أجمع بناءً على مصالحها الخاصة، وقراراتها الفردية، ولا أصف هذه التبعية بـ"السلبية" من فراغ، بل استناداً على سياساتِ "الفيدرالي الاميركي"، وطريقة تعاطيهِ مع الأزمات المماثلة.
تلحقُ دول العالم مرغمةً بركبِ مجلس الاحتياط الفيدرالي الاميركي، وتتبع السياسة النقدية ذاتها مع علمها المُسبق بالأضرارِ التي قد تصيب اقتصاداتها، وبخاصة اخيراً بعدما ارتفع معدل التضخم إلى نحو 5 في المئة. في أميركا؛ ورفع البنك المركزي الأميركي الفائدة عشر مرات خلال 14 شهراً، لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ نحو 20 عاماً،(وفقاً لهيئة الإذاعة البريطانية"BBC").
من ناحية أخرى، نجدُ أنَّ دول "مجلس التعاون" الخليجي أثبتت تفوّقها وثُقلها، الاقتصادي والسياسي، على المستوى العالمي، عدا عن موقعها الستراتيجي كنُقطة محورية جغرافياً، فهي لاعب أساسيّ على الساحةِ العالمية، اقتصادياً وسياسياً، سواء على صعيد التجارة النفطية المكتسحة للسوق العالمي، أو المبادلات التجارية غير النفطية الذي تجاوز حجمها على سبيل المثال بين دولة الإمارات ومجموعة الدول الخليجية 281 مليار درهم خلال عام 2022، بنمو 14 في المئة، مقارنةً مع عام 2021 (وفقاً صحيفة "البيان" الإماراتية).
استناداً على هذه الحقائق، أجد أنّهُ آن الأوان لدولِ "مجلس التعاون" الخليجي تولي دفّة القيادة على أكملِ وجه، وبالتحديد على الصعيد الاقتصادي، بإنشاء عملة موحدة لدول الخليج، ويمكن دعوة جمهورية مصر العربية، والمملكة الأردنية الهاشمية للانضمام اليها.
مثل هذه الخطوة من شأنها أن تقلل من التبعية، وتوفر استقلالية أكثر في تشكيلِ السياسات النقدية، بالإضافة إلى تعزيزها للاستقرار الاقتصادي، وتوطيدها للتكامل الإقليمي.
كما أنها ستبرز من مكانةِ الإمارات والسعودية كقادة عالميين، بفضل بنيتهما التحتية المُجهزة على أساس متين اقتصادياً، اجتماعياً، وسياسياً.
لا بدّ من ذكر أنّ نموذجاً كهذا ليس من وحيِ الخيال، فهناك تجارب ناجحة مثل "تحالف البريكس" (الذي يضم كلا من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا)، حيث تسعى الدول الأعضاء بينها إلى إنشاءِ عملتها الخاصة لحماية أنفسها من تقلباتِ الدولار وتأثيره، ولتحظى بمزيدٍ من السيطرة على اقتصاداتها وسياساتها النقدية. ووفقاً لألكسندر باباكوف، ستُنشأ عملة الـ"بريكس" الموحدة على أساس ستراتيجيّ، وليست قائمة على الدولار أو اليورو، وتأمينها سيكون بالاعتمادِ على الذهب والسلع الأخرى، مثل المعادن النادرة.
وفي أوروبا ظهرَ اليورو كبديلٍ قوي ومثال ناجح للتحررِ من قبضةِ الدولار. اعتمدت منطقة اليورو (المكونة من 19 دولة عضوا في الاتحاد الأوروبي) اليورو كعُملة مشتركة. قدّم اليورو لهذه الدول استقلالية أكبر في قراراتِ السياسة النقدية، مما قلل من اعتمادها على الدولار، وسمحَ بمزيدٍ من السيطرة المحلية على العوامل الاقتصادية، رغم التحديات والتفاوتات الاقتصادية العرضية داخل منطقة اليورو، إلّا أنهُّ يقف كبديل قابل للتطبيق للدولار، ويعرض إمكانية التحرر الناجح من هيمنةِ الدولار.
تجربة التكامل الاقتصادي بين دول "مجلس التعاون" الخليجي تعدُّ من أهم التجارب في التنظيم الدولي، والأكثر نجاحاً حتى اليوم.
يجب أن نسعى الى ان نتحرر من أغلالِ الدولار وتقلباته، وأن نملك وحدنا القرار في مصيرنا ومصير اقتصاداتنا، فالسياسة تخطّ الاقتصاد، تؤثر عليه وتتأثر به، وفي ظلِ كل ما يشهدهُ العالم اليوم، يلزم المشهد الاقتصادي العالمي الحالي إعادة تقييم، تحديداً للسياساتِ النقدية والاستقلالية الاقتصادية للدول.
إن دول "مجلس التعاون" الخليجي، ببراعتها الاقتصادية وأهميتها الجيوسياسية، لديهم القدرة على قيادةِ الطريق في هذا المسعى لاتباع عملة موحدة بالتعاونِ مع مصر والأردن، تمكنهُا من صياغةِ سياساتها النقدية وتنفيذها، وتمنحها المرونة للاستجابة بشكلٍ أكثر فعالية للظروفِ الاقتصادية العالمية والمحلية.
كما أنها ستعززُ الشعور بالهوية الجماعية والوحدة بينَ دولِ "مجلس التعاون" الخليجي، وترمّز إلى رؤية مشتركة، وأهداف مشتركة مع الدول الشقيقة، وتسهل تدفقات التجارة والاستثمار السلس بين الدول، وتشجِّع النشاط الاقتصادي عبر الحدود، وتعزز التعاون الوثيق في مجالاتِ السياسة المالية.
عملة موحدة غير مرتبطة بالدولار الأميركي، تدلُّ على التزامِ دول "مجلس التعاون" الخليجي بالاستقلال الاقتصادي والاعتماد على الذات.
وتبعثُ برسالة قوية إلى المجتمع الدولي مفادها أن دول "مجلس التعاون" الخليجي قادرة على رسمِ مسارها الاقتصادي وتقليل اعتمادها على العوامل الخارجية.

رجل أعمال إماراتي
آخر الأخبار