الجمعة 20 سبتمبر 2024
34°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الافتتاحية

ديمقراطية الكويت... إلى أين؟

Time
الأربعاء 03 مايو 2023
View
10
السياسة
أحمد الجارالله

الوضعُ الَّذي انتهت إليه التجاربُ الماضية، يفرض علينا التحدث بصراحة فيما يتعلق بالديمقراطية التي أخذنا منها الشكل وليس المضمون، إذ من المُتعارف عليه أنها سلوك سياسي يؤدي إلى تطوير المجتمع.
لكن حين تكون ديمقراطية القبائل والطوائف، فهي تُصبح نوعاً من المُحاصصة التي تنتهي إلى مزيد من الأمراض الاجتماعية والسياسية، وتصيب عصب الإدارة بالشلل الناتج عن الفساد المُتولِّد من المُحاباة القبلية والطائفية والعائلية.
صحيح أنَّ العلة ليست في المجتمع، إنما في الأداء السياسي للنواب، ورؤيتهم، وسعيهم إلى تغليب مصلحة أتباع القبيلة والطائفة المُؤيِّدين لهم، وعلى هذا جرى بناء القوانين، والنظم، خصوصاً الانتخابات، فيما غابت البرامج الانتخابية الصحيحة، كما هو معمول به في ديمقراطيات العالم المُتحضر، التي تُعبِّر فيها الأحزاب عن رغبات شريحة معينة من الشعب في رؤيته إلى مصالح الأمة.
للأسف إن المجتمعات العربية التي قامت أساساً على الزعامة القبلية والطائفية، واحتكرت الأحزاب عبر شكل من أشكال التعبير عن الجماعة، لم تؤدِّ السلوك نفسه الذي سلكته الأحزاب في الدول العريقة بالديمقراطية، كأن تكون هناك أكثرية تحكم، وأخرى تعارض، كما هي الحال في فرنسا والولايات المتحدة وألمانيا، أو حتى كما في المملكة المتحدة، أعرق ديمقراطيات العالم، ذات الحكم الملكي الدستوري.
لهذا يمكن تسمية ما يجري في العالم العربي "فوضى بلباس ديمقراطي"؛ لأنها مبنية على حرية القول، والكيدية، كما هي الحال في لبنان، وهو ما أدى إلى فشل الدولة، أو في العراق بعد العام 2003، حين تسيَّدت الميليشيات المؤسسات، وفرضت بقوة السلاح وجودها على المجتمع.
في المقابل، هناك نموذج ينسجم مع الواقع الاجتماعي في الإقليم، وهو الدول الملكية المستندة إلى الآية الكريمة: "وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله..."، حيث ولي الأمر يمارس دوره من خلال أسلوب محدد، وهذه الدول عاشت العقود الماضية بأمن وأمان، وحققت أعلى مستويات التنمية والازدهار؛ لأنَّ بيوت الحكم فيها تعمل على جس نبض الناس من خلال المجالس المفتوحة.
اليوم بدأت المعركة الانتخابية في الكويت، وكما في كل مرة، تتكرر الوجوه والخطب الرنانة والشعارات، ويظهر المرشح كأنه سيُصلح الكون، وكما تقول العامة "يجيب الذيب من ذيله"، ويفرح الجميع بالعرس الديمقراطي، لكن ما إن يدخل قاعة عبدالله السالم كنائب يصبح إما مندوب معاملات لربعه، وإما سمسار صفقات سياسية، فيما يبقى حال المجتمع على ما هو عليه، بل يزداد سوءاً، ويبقى السؤال: ماذا استفدنا من ديمقراطية اللغو والهذرة والثرثرات؟
في الكويت اليوم نحو 15 هيئة رقابية، ورغم ذلك لا يزال الفساد يتفشى في المؤسسات؛ لأنَّ غالبيتها اتهمت، أو اتهم بعض مسؤوليها، بالفساد، والسبب أن هناك حماية نيابية وقبلية وطائفية وعائلية تهيمن على الإدارة، كما أن مجلس الأمة لم يعمل وفق المهمات المنوطة به، ليس فقط الرقابة، إنما المهمة الأساسية وهي التشريع، أي بمعنى آخر لم تُفدْنا ديمقراطية الشكل في شيء، فيما دول الخليج استطاعت أن تتجاوز الكويت بسنوات ضوئية في التنمية والاستقرار السياسي والاقتصادي، رغم بعض الأخطاء، لكنها أثبتت أنها خير من يصلحها وتستفيد منها في تطوير سلوكها، من دون معارك وهمية كما الحال في الكويت.
لهذا نسأل: هل تصلح الديمقراطية لشعوب لا يزال يشدها العصب القبلي والطائفي؟ وكم قرناً نحتاج إلى أن نصبح مثل الدول الأخرى التي استطاعت الديمقراطية تطوير مجتمعاتها، ورفاهيتها، واستقرارها؟
إنه سؤال مُوجَّه لمن ينبري اليوم كي يكون ممثلاً للأمة في الانتخابات المقبلة.

[email protected]
آخر الأخبار