الاثنين 05 مايو 2025
30°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

دينار ... تاب لرؤيته الموتى

Time
السبت 02 مايو 2020
View
5
السياسة
إعداد - أحمد فوزي حميدة:

"عاشوا معظم سنوات حياتهم في ضلال بعيدا عن الإيمان وتمادوا في ارتكاب المعاصي واحتراف سرقة الناس وأكل حقوقهم ، وحينما أنار الله بصيرتهم وهداهم للإيمان استجابوا وتابوا وانقطعوا عن السرقة وزهدوا في الدنيا ومتاعها حتى نالوا درجة الولاية والاصطفاء والمحبة من الله عز وجل."

العيار الذي تاب لرؤيته الموتى


ذكر ابن قدامة المقدسي في كتابه "التوابين" قصة توبة أحد العيارين تحت عنوان "توبة دينار العيار عن المعاصي على يد والدته" معنى لفظ "العيار" هو الشخص الذي يؤذي الناس لتحقيق مكاسب مالية من أي مصدر كان ودون وازع من ضمير أو دين، مثل قاطع الطريق.
يقول ابن قدامة المقدسي: روي أن رجلاً كان يعرف بدينار العيار، كانت له والدة تعظه - تذكره بالآخرة وتدفعه لاكتساب رزقه من طريق حلال، وتحثه على التوبة والرجوع إلى الله، لأن ما يفعله لا يرضي الله ويسبب خوف الناس منه ونفورهم والهروب منه عند رؤيته - لكنه كان لا يسمع ولا يتعظ بما تقول له أمه، وذات يوم بعد أن انتهى من عمله في التربص وترويع الآمنين لاغتنام أموالهم مر بمقبرة كثيرة العظام، فإذا به يشعر بلين قلبه وتذكر الموت وأخذ يتفكر في مصيره حين لقاء الله سبحانه وتعالى،وأمسك من بين هذه المقابر عظما نخرا فتفتت في يده ففكر في نفسه وحاله، واسترجع أعماله وأفعاله التي أثارت سخط أمه والناس عليه وأخذ يلوم نفسه ويوبخها لما اقترف من خطايا، وقال لنفسه: "ويحك! كأني بك غدا بين هؤلاء الموتى وقد صار عظمك مثل هذا الرفات وأصبح هذا الجسم ترابا وأنا اليوم أقدم على المعاصي"، فندم وعزم على التوبة ورفع رأسه إلى السماء وقال: "إلهي! إليك ألقيت مقاليد أمري فاقبلني وارحمني"، ثم مضى نحو أمه متغير اللون منكسر القلب فقال: "يا أماه! ما يصنع بالعبد الآبق إذا أخذه سيده؟"، فقالت: "يخشن ملبسه ومطعمه ويغل يده وقدمه"، فقال: "أريد جبة من صوف وأقراصا من شعير وتفعلين بي كما يفعل بالآبق لعل مولاي يرى ذلي فيرحمني ففعلت ما طلب منها "، فكان إذا جنه الليل أخذ في البكاء والعويل ويقول لنفسه: "ويحك يا دينار! ألك قوة على النار؟ كيف تعرضت لغضب الجبار؟ وكذلك إلى الصباح". حتى صعب حاله على أمه فقالت له في بعض الليالي:"ارفق بنفسك" فقال: "دعيني أتعب قليلا لعلي أستريح طويلا يا أمي! إن لي موقفا طويلا بين يدي رب جليل ولا أدري أيؤمر بي إلى الظل الظليل أو إلى شر مقيل، إني أخاف عناء لا راحة بعده وتوبيخا لا عفو معه"، قالت: "فاسترح قليلا"، فقال: "الراحة أطلب؟ أتضمنين لي الخلاص؟"، قالت: "فمن يضمنه لي؟"، قال: "فدعيني وما أنا عليه كأنك يا أماه غدا بالخلائق يساقون إلى الجنة وأنا أساق إلى النار"، فمرت به أمه في بعض الليالي وهو معتكف مستغرق في قراءة القرآن حتى وصل إلى قوله تعالى: "فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ " (الحجر: - 92 — 93)، فسكت وأخذته حالة من السكون والتأمل والتفكر والتدبر في هذه الآية وبكى وجعل يضطرب كالحية حتى خر مغشيا عليه، فجاءت أمه إليه ونادته فلم يجبها فقالت: "قرة عيني أين الملتقى؟"، فقال بصوت ضعيف: "إن لم تجديني في عرصة القيامة فاسألي مالكا عني ثم شهق شهقة مات فيها"، فجهزته وغسلته وخرجت تنادي: "أيها الناس! هلموا إلى الصلاة على قتيل النار! فجاء الناس فلم ير أكثر جمعًا ولا أغزر دمعًا من ذلك اليوم".
آخر الأخبار