السبت 28 سبتمبر 2024
33°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
كل الآراء   /   الأخيرة

ديوان حكومي لكل مظلوم

Time
الاثنين 29 مايو 2023
View
16
السياسة
أحمد الدواس

نشرت الصحف المحلية خبرا في 21 مايو الماضي، مفاده ان الحكومة استحدثت منصة "ديوان مظالم" إلكتروني باسم "تواصل" لتلقي الشكاوى من أي موظف، حكومي أو مراجع، يعتقد أنه مظلوم، بحيث ستتابع الحكومة والوزراء شكواه.
هذا أمر طيب ولا شك، فالظلم حرمه الله لأنه يترك جرحا عميقا في النفس لا يندمل.
فهناك الظلم الوظيفي الذي يتعرض له الموظف الكفء، فمن بين القصص الواقعية، قصة موظفة في وزارة "الأوقاف" كانت تعمل بكفاءة وأحق بالترقية، لكن الوزارة تخطتها في ذلك، وأعلنت بقرار ظالم ترقية 60 موظفا وموظفة، وأهملت شأنها.
ما حدث وصفته المحاكم بأنه فساد القرارات الحكومية، وتعسفها في استخدام السلطة، فرفعت الموظفة قضية ضد الوزارة أشارت فيها إلى أنها من أفضل الموظفين، وأنها الأحق والأجدر، وكسبت القضية بإبطال قرارات الترقية.
من الأمثلة الأخرى على الظلم، قصة سمعتها من مواطن كويتي يذكر فيها انه كان يمتلك مطعما فيه أحد العاملين العرب، لكن هذا العامل كان يختلس من نقود المطعم من حين الى آخر، وبمرور الوقت استطاع هذا العامل ان يبني عمارة في بلده، ثم فوجىء بالعامل، وهو في بلده يرجوه ان يسامحه، فقد ابتليت ابنته بمرضٍ خبيث هدد حياتها، وأخذ يرجو صاحب المحل أن يعفو عنه، لكن هذا الأخير طلب منه استرجاع النقود أولاً.
وكانت هناك ربة منزل تمسك برأس خادمتها وتضربه بالحائط، فحملت هذه الزوجة ووضعت طفلاً مصاباً بمرضٍ في رأسه.
وهناك ظلم رؤساء الدول، فقبل ثلاثمئة عام تفشى الجوع بين الفلاحين الفرنسيين فاقتحموا قصر ملكهم الفرنسي، وهالهم المنظر العجيب للثريا الكريستال، واكتساء حوائط القصر بالحرير.
وثار شعب رومانيا ضد الديكتاتور الشيوعي نيكولاي تشاوشيسكو، الذي نهب خلال حكمه ثروات البلاد، بينما كان شعبه يرزح بالفقر، وفي 1989 خرجت مظاهرات أيدها الجيش فارتفعت الروح المعنوية للثوار، وقبض عليه بعض الفلاحين وسلموه للسلطة التي عقدت له محاكمة سريعة، هو وزوجته، استغرقت ساعتين أمام كاميرات التلفزيون، وحكم عليه بالإعدام، وكان قبل وفاته قد بنى قصراً فيه ألف غرفة، وحتى يبني هذا القصر هَدم مناطق بأكملها في العاصمة بوخارست.
لكن ما يؤثر بي كثيراً الظلم الشخصي، فقد كان هناك أحد الديبلوماسيين يعمل مع أحد السفراء، وكان السفير غليظ الطبع يجرح مشاعر وكرامة هذا الموظف كل يوم، يُهينه أمام العاملين في السفارة بسلوك مشابه لسلوك هتلر في إطلاق الألفاظ وتقطيب الوجه، وقح التعامل.
فيما هذا المسكين يتحمل لطيب أخلاقه، أما كان الأفضل ان يستمع لشكواه ويساعده على حل مشكلته بدلا من التعامل الفظ؟ ويمر الزمن فيُخطىء السفير في عمله في دولة أوروبية، فـتغضب عليه حكومته، ويُنقل من مكانه الذي أحبه إلى بلد آسيوي مكروه مكتظ بالسكان، فيتصدى له أحد العاملين فيها ويٌهين السفير أمام الموظفين.
وهنا نقول كما قال آخرون: إذا ظلمك أحد فلا تنتقم منه، بل راقب من بعيد وسترى القدر، فالقدر يبدع دائماً في تصفية الحسابات، يمهل ولا يهمل.
لا شك ان القارئ الكريم قد سمعَ أمثلة مشابهة لما ذكرناه عن أشكال الظلم وعاقبته، فالله يوازن كل شيء، فهناك ليل ونهار، وصيف وشتاء، ونور وظلام، وهكذا، فطالما لا يوجد خلل في الكون إلا في سلوك الإنسان، لذلك تقوم هذه القدرة الإلهية بتحقيق التوازن في تصرفات الناس، فتكافئ الطيب وتحرم السيئ، وتقتص من الظالم وتنصف المظلوم.
لا يوجد في الحياة ما يُسمى عامل الصدفة، لكن هناك قانون إلهي لا يمكن أن يُخطئ، وهو عدل الله وحكمته، وقدرته التي لا حدود لها، والجزاء الرباني في هذا الكون القائم على العدل والميزان الذي لا يميل ولا يحابي أحدا.

سفير كويتي سابق

[email protected]
آخر الأخبار