على وقع إحدى عشرة أغنية وطنيّة ووجدانيّة، أبحر عشّاق الطرب واللوّن الغنائيّ اللبنانيّ في أمسيةٍ موسيقيّة عابقةٍ بالتراث والأصالة بمسرح مشروع الأندلس، بما يجسّده من قيمةٍ فنيّةٍ وثقافيّةٍ تاريخيّة عاد نبضها مع مشروع الأندلس. ووسط حضورٍ حاشدٍ لأبناء الجالية اللبنانيّة وأهل الكويت، استعادت أكاديميّة لوياك للفنون "لابا" أولى احتفالات سينما الأندلس في ستينات القرن الماضي، والتي أحياها حينها الفنان اللبنانيّ الكبير وديع الصافي وفرقة الأنوار اللبنانية في المكان نفسه.وتحت عنوان "ذاكرة الافتتاح"، انطلق الحفل الغنائيّ وصدح صوت الفنان جورج الصافي، نجل الراحل، مسترجعا أيّام الزمن الجميل وسط تفاعل الجمهور وتصفيقه، فالأمسية التي غنّى فيها الصافي الأغنيات ذاتها التي أنشدها والده في ذلك الوقت، مكرّرا البرنامج نفسه، ولامس عبرها قلوب محبّي الفنّ الأصيل وأثار حنينهم إلى بلاد الأرز، وأعاد إحياء ذكرياتهم وسط محطّاتٍ من الفرح والدموع. وترافق الحفل مع دبكةٍ لبنانيّةٍ بلباسٍ فلكلوريّ تقليديّ، واختزل بتفاعل الحاضرين، من لبنانيّين وغير لبنانيّين، حرقة الغربة ولوعة الاشتياق للوطن، خصوصا في ظلّ ما يشهده لبنان من أزمةٍ معيشيّةٍ خانقة، فكان أن عبّروا بتصفيقهم وحماستهم ودموعهم عن تعلّقهم وعشقهم للبنان.أقيم الحفل الغنائيّ بمواكبة فرقة "لابا" الموسيقيّة تحت قيادة المايسترو يوسف بارا وفرقة "لابا" للرقص بقيادة الكوريوغراف اللبناني إبراهيم مزنّر، يأتي استكمالًا لفعاليّات "ذاكرة الأندلس"، وذلك ضمن سياق التعاون المشترك مع شركة "أجيال" العقاريّة الترفيهيّة، ويهدف التعاون إلى إحياء ذاكرة الأندلس، بما تختزنه من نكهةٍ وأهميّةٍ خاصّة في تاريخ الكويت والجمال العمراني، أضف إلى استعادة ذاكرة المكان من خلال ذكريات سينما الأندلس، التي انطلقت في الستينيّات، كأوّل سينما وأهمّ مسرح بالكويت. وإذ استذكر جورج الصافي، عطاءات والده وسجلّه الفنيّ الحافل، أعرب عن ارتياحه واطمئنانه "لما تبديه دولة الكويت على الدوام، من حرصٍ على تقدير الفنّانين العظماء". وفي لفتة شكرٍ وامتنان، غازل الصافي الجمهور الكويتي، قائلاً: "بنوركم أحلى"، قبل أن يحرّك مشاعر الكويتيّين وعشقهم لوطنهم، من خلال دمجه المناطق الكويتيّة في وصلةٍ غنائيّةٍ لاقت الصدى الكبير. وكان حفل "ذاكرة الافتتاح" الذي عاد وأطلّ بعد قرابة ستّة عقودٍ من الحفل الأساسيّ، أتاح لجمهور اليوم أن يحظى بباقةٍ من أجمل الأغنيات التي قدّمها وديع الصافي آنذاك، ولا تزال راسخة في ثنايا ذاكرة معاصري تلك الحقبة الزمنيّة. وبأداءٍ رائع، أبدع نجل الراحل في تأدية برنامجٍ غنائيّ متنوّع، استهلّه بـ"رقصة الأباريق" و"بتْرحلك مشوار" و"لوين يا مروان عمهلك"، إلى أغنيتيّ "بالساحة تلاقينا" و"لبنان يا قطعة سما"، مرورا بـ"جنّات ع مدّ النظر" و"حسنك يا زين" و"أنا وهالبير" و"عاللّومة اللّومة"، وصولًا إلى "طلّوا حبابنا" و"جايين يا أرز الجبل". وتخلّل الأمسية أربع لوحاتٍ استعراضيّة للفنان إبراهيم مزنّر، في حضور الرئيس التنفيذي لشركة "أجيال" عبدالعزيز الخترش ونائب الرئيس التنفيذي للشركة عبدالوهاب العريفان والفنان جورج خباز ورئيسة مجلس إدارة "لابا" فارعة السقاف.وفي تصريحها، أشادت السقاف بـ"الأمسية الأصيلة التي شكّلت مشهديّة ساحرة عادت بنا إلى ربوع الأغاني الطربيّة والتراثيّة لكبار الفنّانين الذين تخلّدت أصواتهم وكلماتهم وألحانهم في الذاكرة اللبنانيّة والعربيّة". وقالت: "في غضون ساعاتٍ قليلة، عاد بنا جورج الصافي إلى الستينيّات، وتحديدا 19 يونيو 1962، حيث شهد هذا المكان أولى الاحتفالات بالأعياد الوطنية على مسرح سينما الأندلس، والتي أحياها حينها الفنان الراحل وديع الصافي، في حضورٍ كريمٍ للشيخ صُباح السالم الصباح، نائب رئيس الوزراء وممثل حضرة صاحب السمو أمير البلاد آنذاك. كما شاركت في الحفل فرقة الأنوار العالمية للدبكة، التي تكوّنت ممّا يزيد على مائة شاب وشابّة. وكان المسرح حينها يعجّ بالحضور". وتابعت: "اجتمعنا اليوم لنحاكي نفس الحدث مع ابنه ووريثه الفني جورج الصافي. وعلى وقع ألحانٍ إيقاعيّة ألهبت الحاضرين، من لبنانيّين وغير لبنانيّين، استرجعنا لحظاتٍ تاريخيّة سطّرها حينها الكبير وديع الصافي، واحتضنها مسرح الأندلس، بما يمثّله من عظمةٍ ووجهٍ حضاريّ وثقافيّ وفنيّ لبلادنا".

الاستعراض رافق الحفل بمسرح الأندلس