المحلية
رئاسة المجلس... واقعية التجديد تفرض نفسها على حُمّى التغيير
السبت 12 ديسمبر 2020
5
السياسة
كتب - رائد يوسف :رغم التأييد الواسع لترشيح النائب بدر الحميدي لمنصب رئاسة مجلس الأمة عبر إعلان 40 نائبا عن دعمه، غير أن الهدوء اللافت الذي يسيطر على منافسه المفترض مرزوق الغانم – والذي لم يعلن قراره من الترشيح من عدمه حتى الآن – يثير الكثير من السيناريوهات والتكهنات التي لن تنجلي قبل جلسة الثلاثاء المقبل التي ستشهد الافتتاح الرسمي لأعمال الفصل التشريعي السادس عشر لمجلس الأمة وانتخاب الرئيس ونائبه وأمين السر والمراقب واللجان البرلمانية.من المهم الإشارة إلى أن حمّى تغيير الرئيس الحالي تأتي ترجمة لحملة ممتدة منذ سنوات في وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة ضد مرزوق الغانم من دون تقديم دليل حسّي واحد يدينه ويجعل من مسألة استمراره في رئاسة البرلمان مزيدا من التدهور في البلاد «بحسب ما يرد في حملات التشكيك».وبغض النظر عمن سيختاره أعضاء المجلس للرئاسة الثلاثاء المقبل، سواء بدر الحميدي الذي يمثل «التغيير»، أو مرزوق الغانم الذي يتشبث بحقه وخبرته الطويلة في إحداث التوازن المطلوب بين السلطتين، فإن عدم إعلان الأخير عن ترشحه للرئاسة حتى الآن يضع خيارات عدة، فهل قرر الغانم فعلا عدم الترشح هذه الدورة، أم أنه يحضّر لمفاجأة ما تتشابه مع مفاجأة مجلس 2016 عندما اكتسح منافسيه عبدالله الرومي وشعيب المويزري بأغلبية كبيرة؟إذا قرر الغانم الترشح فإنه حتما يملك الأغلبية التي تمكنه من الظفر بكرسي الرئاسة مجددا، وهو يريد أن لا يقل عدد أصوات النواب المؤيدين له عن أصوات منافسه الحميدي، حتى لا يقال إن الغانم نجح بأصوات الحكومة، وإن كان هذا حقا دستوريا.أما إذا قرر الغانم عدم الترشح فهذا من شأنه تحقيق الكثير من المكاسب السياسية، علاوة على أنها استراحة محارب في نظر مؤيديه الذين يرون فيه الشخصية الفريدة التي نجحت في ضبط علاقة السلطتين، وخفض سقف الانتقادات المنطلقة من حسابات معروفة وأخرى وهمية إلى السلطة حيث تصدى بنفسه لهذه الانتقادات والاتهامات والاشاعات أحيانا كثيرة ليمنع شظاياها من الوصول للسلطة، بينما يرى معارضو الغانم أن عدم ترشحه فرصة لتصويب إخفاقات الماضي ومنها أن الغانم السبب الرئيس في تعطيل القوانين والملفات المستحقة وعلو كعب الحكومة على مجلس الأمة وتجاوز الدستور وعدم الحيادية بحسب ادعاءاتهم.لكن ماذا يعني عدم ترشح الغانم للرئاسة؟ باختصار شديد فإنه سيعطي المواطنين الفرصة للوقوف على ما يمكن أن يقدمه الرئيس الجديد من ايجابيات أو مكاسب عجز الغانم عن تحقيقها، وحينها فإن الغانم بنفسه سيصفق لهذا الرئيس إن تمكن من تقديم ما عجز عنه سلفه.وكذلك فإن عدم ترشح الغانم سيضع حدا للمطالبات والدعوات إلى ترجله عن الرئاسة، وسيتابع الجميع ما سيقدمه الرئيس الجديد، كما سيراقب الغانم عن بعد ما سيتم في المرحلة الجديدة أو العهد الجديد كما يحب أن يسميه خصوم الغانم، ولسان حاله «لتعرف قيمتي جرب غيري»، وفي حال لم يوفق الرئيس الجديد في القيام بما كان يفترض عليه القيام به، فإن هذا يعني حتما صداما بين السلطتين لا يرغب فيه أحد، لكنه خيار قائم، وبالتبعية سيتم حل المجلس، ويعود الغانم للترشح مجددا للمجلس الجديد وللرئاسة بعد أن يكون نجح في إيقاف الحملات الموجهة ضده وعدم كفاءته للرئاسة، لأن الجميع تابع نتائج إقصاء الغانم عن الرئاسة، وما الذي حققه فعليا مجلس رفع السقف تجاه الملفات والقضايا المستحقة، لا سيما ما يخص العفو الشامل الذي ما زال خطا أحمر لدى السلطة، ولم يحقق ما كان مأمولا منه، كما سيكتشف الناخب أن التغيير من أجل التغيير فقط لن يكون ذا جدوى ما لم يكن مقرونا بالواقعية في التعامل مع كل القضايا التي تتم إثارتها في الانتخابات وما بعدها ومن ضمنها الصراع على الرئاسة.وبالنظر إلى معطيات الايام الفائتة، ونتائج الاجتماعات التنسيقية كافّة، فإن فرص ترشح الغانم الذي يمثل واقعية التجديد وعودته إلى سدة الرئاسة أكثر ترجيحا من تنازله لمنافسه الحميدي الذي جاء تحت ضغط حمّى التغيير من أجل التغيير فقط.