الأربعاء 02 أكتوبر 2024
33°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الدولية

رابطة العالم الإسلامي تمدُّ جسور التفاهم والسلام بين الشرق والغرب

Time
الأحد 18 يونيو 2023
View
10
السياسة
نيويورك ـ "السياسة": انطلقت من مقرّ الأمم المتحدة بنيويورك مبادرة رابطة العالم الإسلامي "بناء جسور التفاهم والسلام بين الشرق والغرب"، التي دشّنها الأمين العام للرابطة رئيس هيئة علماء المسلمين الشيخ الدكتور محمد العيسى، بمشاركة رئيس الجمعية العمومية بالأمم المتحدة، سابا كوروشي، والأمين العام للأمم المتحدة ممثلاً في نائبته أمينة محمد، والمبعوث السامي لتحالف الحضارات ميجيل موراتينوس، والمستشار الخاص لتعدد الثقافات والأديان بالأمم المتحدة آرثر ويلسون، ووسط حضورٍ رفيعٍ لكبار قيادات الأمم المتحدة، وممثلي البعثات الدائمة للدول الأعضاء لدى المنظمة الدولية، والزعماء الدينيين من مختلف الأطياف والهيئات ومنظمات المجتمع المدني والأوساط الأكاديمية.
وأكد الدكتور العيسى في كلمته الافتتاحية أهمية تعزيز التحالف الحضاري، مع إدراك أن لكل حضارة هُوِيَّتَها الخاصةَ بها، التي لا بد من تَفَهُّم حقها في الوجود، مهما كان الخلاف معها، وقال: "عندما نتحدث عن هذا الموضوع نتحدث عن أهمية تعزيز تحالفنا الحضاري، وإذا تحدثنا عن ذلك تبرز حضارتا الشرق والغرب".
وتابع: "كلنا ندرك أن لكل حضارة هُوِيَّتَها الخاصةَ بها التي لا بد من تَفَهُّم حقها في الوجود مهما يكن الخلاف معها"، وعقَّب في هذا قائلاً: "ونقصد بالحضارة مجموعة الاعتقادات والأفكار والسلوك التي تُشَكِّلُ قناعة وتصرف العموم وليس قناعة أفراد معينين أو مجموعات أو تكتلات خاصة لا تمثل العموم، ومن ذلك المستجدات الفكرية والسلوكية التي يحصل النزاع حولها في الحضارة الواحدة".
وأضاف: "ما لم يكن ذلك التفهم فإننا سندعو الجميع إلى الأخذ بنظرية حتمية الصدام والصراع الحضاري، ومن ثم سيكون التعايش بين تنوعنا الإنساني مطلباً مستحيلاً، بل سندعو إلى استدعاء حلقات مظلمة ومؤلمة من تاريخنا البشري".
وأكد أمين رابطة العالم الإسلامي أن التواصل للتعارف والتعاون بين الأمم والشعوب نداء إلهي في كل الشرائع السماوية، وفي الإسلام تحديداً يقول الله تعالى: "وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا".
وقال: "لكل حضارة خصوصيتُها وحقُّها في الوجود، ولا يمكن الدعوة لانصهار الحضارات في حضارة واحدة، كما لا يمكن أن تتفوق حضارة على أخرى إلا بالحقيقة التي تمتلكها وليس بهمجية القوة، وإذا كان الأمر كذلك فليس أمامنا إلا احترام القَدَر الإلهي في التنوع والاختلاف الحتمي في هذه الحياة".
وتابع: "لا يزال التاريخ الإنساني (من حين لآخر) يزودنا بصور مؤلمة لنتائج صدام حضاريّ بين الشرق والغرب نشأ في بدايته عن تبادل النظرات والعبارات الحادة، بالرغم من القرب الشكلي من بعض، إضافة إلى استدعاء أحداث تاريخية سياسية ومادية لا تمثل حقيقة الوعي الروحي لأتباع الأديان ولا نقاء الأمم والشعوب، وإنما يتحملها أصحابها سواء صدرت عن بعض المحسوبين على الشرق أو الغرب، إضافة إلى عدم استيعاب حكمة الخالق في الاختلاف والتنوع، ولدينا في الإسلام نصوصٌ صريحةٌ تدعو لاحترام كرامة الآخرين، والتأكيد على أنه لا إكراه في الدين، مع الدعوة للإحسان للمُسَالِمِيْن أياً كانت هوياتهم".
وأضاف: "ونحن من هذا المنبر الأممي وبحضُور نُخَبٍ دينيةٍ وفكرية وسياسية وإعلامية ومجتمعٍ مدني، نخاطب عقلاء عالمنا لأن يُدركوا بحكمتهم أهمية تعزيز التفاهم والتعاون والسلام بين الأمم والشعوب واستلهام مواعظ التاريخ التي تؤكد لنا خطورة الصدام الحضاري، وخطورة محاولات فرض ثقافة على أخرى (كلاً أو بعضاً) بعيداً عن الحقيقة التي تؤهلها لذلك وفق القناعة الوجدانية"، ودعا الجميع إلى تمحيص التاريخ الإنساني وقراءته قراءة صحيحة والتنبه إلى ما في بعضه من تزوير أو مبالغة أو تحليل خاطئ أو متطرف.
وأكد أن رابطة العالم الإسلامي "حرصت من خلال وثيقة مكة المكرمة التي أمضاها أكثر من ألف ومائتي مفتٍ وعالم من جميع المذاهب والطوائف الإسلامية، على إبراز حقيقة الإسلام تجاه أتباع الأديان والحضارات وعددٍ من القضايا المُهمَّة في عالَمِنا".
وقال: "أشير إلى أن التحالف الحضاري بين الأمم والشعوب، مع تفهُّم خصوصيةِ كُلِّ حضارةٍ، وعدمِ التدخُّل في شُؤونِها أو الإساءة لأتباعها، يُعد ضرورةً مُلِحَّة لسلامِ عالَمِنا ووئامِ مجتمعاتِهِ الوطنيةِ، وهذا ليس خياراً نقبله أو لا نقبله، بل هو تحديد مسار وكتابة مصير".
وتابع: "لذا من المهم أن ندعو الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لتبني اقتراح على الجمعية العمومية لتخصيص يوم عالمي للتحالف الحضاري بين الشرق الغرب، وذلك لتحفيز أمم وشعوب الشرق والغرب نحو مزيد من الثقة المتبادلة والتفاهم والتعاون الفاعل في مواجهة المحرضين والمستفيدين من تصعيد الأفكار المتشائمة لنظرية الصدام الحضاري، وكذلك في مواجهة تعميم الأحكام والانطباعات على الجميع بناء على خطأ فردي أو خطأ مجموعات متطرفة، وكذلك دعوة الدول الأعضاء لتعزيز قيم السلام والوئام بين الأمم والشعوب في مناهجها التعليمية".
من جانبه، قال رئيس الجمعية العمومية بالأمم المتحدة، سابا كوروشي: "إننا نثمّن لرابطة العالم الإسلامي وللدكتور محمد العيسى جهودهما القيّمة والمشهودة"، مضيفاً: "ما يربط بين جميع المنظمات والجمعيات الإيمانية قدرتها الرائعة على التأثير الإيجابي في الأوساط الاجتماعية المختلفة. هناك حاجةٌ ماسةٌ لهذه المنظمات والجمعيات في كثيرٍ من المناطق في العالم التي تعاني".
وأكد أن "أكثر ما يقلقنا هو تأثّر الأطفال بخطاب الكراهية المبثوث عبر الإنترنت"، لافتاً إلى أن هذه الكراهية المنتشرة في وسائل التواصل الاجتماعي قد تُفرز نزعات عنفٍ وتفرقة في المستقبل، لذا يجب من الآن مكافحة هذا الخطاب وهو في مهده. وتابع: "ونلاحظ اليوم انتشار خطاب الإسلاموفوبيا وتبعاته على الأقليات المسلمة في العالم".
فيما جاءت كلمة الأمين العام للأمم المتحدة، وألقتها نيابة عنه نائبة الأمين العام أمينة محمد، متضمنةً الشكر للأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، على هذه المبادرة، مؤكدة أن الحوار بين الثقافات يدعم الاحترام المتبادل بين الشعوب، قائلةً: "عالمنا اليوم يواجه عدة مشكلات معقدة مثل المناخ وأزمة الغذاء وعدم المساواة بين الأفراد، وكل هذه المشكلات لها دور مهم في تهديد التماسك المجتمعي".
بدوره، قال المبعوث السامي لتحالف الحضارات ميغيل موراتينوس: "أنا سعيد جداً بأننا ندعم اليوم هذا الحدث المكرس للحوار بين الحضارات والأديان كأداة لبناء جسور التفاهم والسلام بين الشرق والغرب".
وأضاف: "يسعد القلب أن أرى أنه بعد 18 عاماً من تأسيس تحالف الأمم المتحدة للحضارات تعترف الجهات الحكومية وغير الحكومية بشكل مزداد بالقوة المؤثرة للحوار بين أتباع الأديان والثقافات كأداة حيوية لبناء مجتمع متضامن ومنسجم؛ مجتمع يغنيه التنوع؛ مجتمع قوي بتنوعه واحترامه لكل فرد دون تفريق لأسباب دينية أو لون أو عرق أو جنس؛ مجتمع عادل في حمايته لجميع مواطنيه بشكل متساوٍ وبلا تمييز. ذلك هو أساس بناء مجتمع مطمئن، من الصواب أن نصِف هذا المجتمع بالمجتمع النموذجي".
وتابع: "ولكن للأسف، أصدقائي الأعزاء، ذلك ليس العالم الحقيقي. إن ازدياد خطاب الكراهية حول العالم وعدم التسامح خلق عدم الثقة بين الناس، وأدى إلى تهميش مجتمعات بأكملها".
وأكد وجود زيادة غير مسبوقة للأنشطة السيبرانية وانتشار للمنصات الإلكترونية التي استخدمها تجار الكراهية لتجنيد الناس عبر العالم، وتفاقم النازية الجديدة وحركات تفوق العرق الأبيض التي اكتسبت أيضاً قوة وأصبحت مهددة للأمن في بلاد عديدة.
وأضاف: "لا يجوز ربط التطرف العنيف والكراهية بالدين؛ فالدين يجب أن يكون قوة إيجابية في مجتمعاتنا وحياتنا، وعلى القادة الدينيين أن يلعبوا دوراً مهمّاً في حشد المجتمعات لزيادة الاحترام والفهم المتبادل".
وفي السياق ذاته، قال المستشار الخاص لتعدد الثقافات والأديان بالأمم المتحدة، آرثر ويلسون: "أتقدم بالتهنئة إلى صديقي الدكتور محمد العيسى على قيادته لهذا الحدث الكبير وإثرائه لهذا النقاش الهادف، نحن هنا في الأمم المتحدة نؤمن بأن على كل شخص أن يُعامِل الآخرين كما يُحب أن يُعامَل، هذه الفكرة مبثوثة في جميع الديانات الكبرى، وهي القاعدة الذهبية التي وضعتها الأديان لضبط التعامل بين البشر".
وتابع: "لقد أكّد التاريخ أن تجاهل هذه القاعدة الذهبية يُفضي إلى العنف والصراع، ونتجَ عن هذا ارتكاب كثير من الفظائع باسم الدين، والدين منها براء".
وأكد أن الأمم المتحدة تضم صوتها إلى صوت رابطة العالم الإسلامي وتدعو لتعزيز السلم الحقيقي والشامل بين الشرق والغرب من خلال جسور التفاهم، علينا أن ننتقل من القول إلى الفعل ونباشر إطلاق البرامج التعليمية والمبادرات الاجتماعية في كل حيٍّ وكل بيت حتى نصل إلى الجميع.

جانب من مؤتمر مبادرة رابطة العالم الإسلامي "بناء جسور التفاهم والسلام بين الشرق والغرب" (خاص السياسة)

آخر الأخبار