رجال أحدثوا فرقاً في تاريخ الإسلام

محمد الفوزان

أمير المؤمنين وخليفة المسلمين عبد الرحمن الناصر ثامن حكام الدولة الأموية في الأندلس (277هـ- 350هـ) أول من تلقّب بالخلافة في الأندلس، وأحد أعظم بني أمية فيها، وأطول ملوك الإسلام عمراً، إذ حكم الأندلس 50 سنة وستة أشهر كاملة.
‏حين تولى الحكم لم يكن يملك عبد الرحمن الناصر من بلاد الأندلس سوى قرطبة، فقضى على الفتن والثورات في ولايات الأندلس، وأعاد  طليطلة وسرقسطة وبلنسية إلى حكم الدولة الأموية.
استطاع إخماد ثورات المتمردين، وعلى رأسهم المرتد ابن حفصون‏، وبلغ جملة ما افتتحه 70 حصنًا من أمهات الحصون و300 من الحصون الصغيرة والأبراج.
وحارب عبد الرحمن الناصر الفاطميين، ونجح في ضم سبتة وطنجة إلى بلاد الأندلس‏.
من أشهر غزواته غزوة ليون، استمرت سنتين كاملتين من الإنتصارات المتتالية، وغزوة موبش ضد جيوش ليون ونافار المجتمعة، واستمرت الغزوة ثلاثة شهور كاملة، وغزوة نافار، وضم إلى أملاك المسلمين مدينة بمبلونة عاصمة نافار‏، وغزوة أراغون، ونجح في فتحها، وكذلك ضم برشلونة، التي كانت قد سقطت منذ سنوات كثيرة .
بلغ عدد سكان قرطبة في عهده نصف مليون مسلم، وبذلك كانت ثاني أكبر مدينة في العالم بعد بغداد، كما شيد عبدالرحمن الناصر مسجد قرطبة الأعظم، ومدينة الزهراء التي تعد أعظم أعماله في مجال العمارة والبناء، وكانت أجمل مدن العالم.
أصلح الجيش، وبنى أسطولاً صار أقوى أساطيل ذلك العصر، وبلغ عدد أفراد الجيش الإسلامي في عهده 100 ألف مقاتل، ولم يوجد في بلاد الأندلس في عهده أسير مسلم في أيدي الكفار، وبلغت ميزانية الدولة في عهده ستة ملايين دينار ذهب، وكان يقسمها ثلث للجيش وثلث للبناء والمعمار والمرتبات وما إلى ذلك، والثلث الأخير للادخار لنوائب الزمن.
خضع له كل حكام أوروبا آنذاك (روما وألمانيا وفرنسا والصقالبة (البلغار) والقسطنطينية، وممالك إسبانيا النصرانية، والإمبراطورية الرومانية المقدسة والفاتيكان)‏، وقد توفي عبدالرحمن الناصر في اليوم الثاني من رمضان سنة 350هـ - 961 ميلادية.
وانظر إلى المفاجأة العجيبة التي قد تدهشك اندهاش عجيبا، فقد روى المقري في "نفح الطيب"أنه وجد بخط الناصر-رحمه الله- ورقة عد فيها الأيام التي مرت عليه دون حزن أو كدر فكانت 14 يوما فقط"، وهذا مثبت في مصادر عدة منها"نفح الطيب" للمقري، وموسوعة الإسلام في الأندلس لمحمد عبدالله.

إمام وخطيب