منوعات
رجب: ناظر مدرسة السخرية "في نص كلمة"
الأحد 26 أبريل 2020
5
السياسة
رجب: ناظر مدرسة السخرية "في نص كلمة"إعداد – ريندا حامد: "يبكي الرجل عند مولده بلا سبب وبعد زواجه يعرف السبب"، "الحياة رجل وامرأة وشراكة بينهما... واحد شريك...والثاني شريك مخالف"، "، "يقال إن آخر وزير اتخذ قراراً من دون توجيهات هو الوزير الشجاع أمحوتب".هذه بعض الكلمات الساخرة للكاتب الساخر أحمد رجب، أحد أهم الكتاب الصحافيين، والذي ولد في 20 نوفمبر 1928 في محافظة الإسكندرية، وتوفي 12 سبتمبر عام 2014 عن عمر ناهز 86 عاما، ويعد من القلائل الذين استمروا في علاقة مع القارئ أكثر من أربعين عاما، ظل طوال هذه الفترة ناظر مدرسة فن السخرية، التي لا تقف عند "الإفيهات"، ولا تهدف لتسلية القارئ أو نفاقه، لكنها تقدم نقدًا سياسيًا واجتماعيًا. وعن طفولته التي يحكيها "رجب" في مذكراته، التي نشرت في كتاب "ضحكة مصر" يقول: "تعلمت في مدرسة رياض باشا الابتدائية، وكنت أحب حصة الموسيقى وأكره علم الحساب وبسببه قضيت طفولة سعيدة جدًا كلها ضرب في ضرب، وعندما كان المدرس الخصوصي يعلن أنني توصلت إلى حل مسألة جبر، كانت أمي تطلق الزغاريد وتوزع الشربات على الجيران".ومن فرط عشقه للموسيقى، قرر رجب الالتحاق بمعهد "جيوفاني" لتعلم آلة الكمان، التي يحبها، وبعد الدرس الرابع اشترط عليه الخواجة جيوفاني أن يشتري كمنجة إذا أراد الاستمرار في دروسه بالمعهد، عن ذلك يقول: "اتفقت مع والدي على أنني إذا نجحت في الجبر آخر السنة فسوف تكون الكمنجة هدية النجاح، ورحت أسهر الليالي في طلب المعالى، وطلب الكمنجة، حتى أصبحت نحيلًا شاحبا، كل شيء، في جسمي صار رفيعًا إلا مخي، فقد ظل تخينا لا يستطيع الجبر اقتحامه، فضاعفت الجهد لأحقق، في النهاية، تفوقًا رائعًا إذ تمكنت من الحصول على أعلى درجة للنجاح في الجبر أيامها: 4 على 20"، بعدها ترك رجب الكمنجة ليسلك طريقه الدراسي نحو كلية الحقوق، التي تخرج فيها، ثم عمل مراسلًا لدار أخبار اليوم من الإسكندرية، وكان يبعث بمقالاته إلى موسى صبري، رئيس تحرير مجلة "الجيل"، ثم عمل في مكتب "أخبار اليوم" في الإسكندرية، وانتقل إلى القاهرة.كان له مقالة ثابتة يوميا في صورة رسالة ساخرة مختصرة في جريدة الأخبار بعنوان "نصف كلمة"، وأصبح عموده هذا، الكبسولة الصباحية للقراء يوفر لهم من خلاله الابتسامة والسخرية في الوقت نفسه، كما اخترع عددًا من الشخصيات والنماذج السلبية، التي لا تزال تعيش معنا، برسومات الراحل مصطفى حسين في كاريكاتير الأخبار وأخبار اليوم منها "فلاح كفر الهنادوة"، و"مطرب الأخبار" و"عبده مشتاق" و"كعبورة"، و"الكحيت"، و"عزيز بيه" وغيرها الكثير، التي عبر خلالها عن معاناة الشعب أصدق تعبير.هذه الشخصيات يضرب بها الناس المثل إذا أرادوا التعبير عن أوضاع مقلوبة مثل المنافق عباس العرسة في الحكومة والسياسة، وعبد الروتين للبيروقراطية، وعبده مشتاق للسعي للمنصب بأي ثمن.للكاتب أحمد رجب نوادر لا تعد ولا تحصى، من بينها "الحلاقة فوبيا"، الأمر، الذي جعله يترك شعره دون أن يمسه مقص الحلاق لفترة طويلة كما يحكي: "ذهبت أحلق شعري وأنا في المدرسة الابتدائية فدخل رجل صالون الحلاقة، وفي يده ابنه في مثل عمري، فقص الرجل شعره وحلق ذقنه، وجاء الدور على الولد الصغير فأجلسه الحلاق على منضدة ليقص شعره، بينما ذهب الأب إلى الحانوت المجاور بعد أن نفدت سجائره، وجن جنون الأسطى رشوان عندما اكتشف أن الرجل ليس أبا الولد الصغير، وأنه اصطحبه من الطريق ليتركه رهينة عند الحلاق باعتباره ابنه، ويفر دون أن يدفع الأجرة.ويسرد رجب المشهد بابتسامة يقول: "لم يكتفِ الحلاق بضرب الولد المسكين، الذي لا ذنب له، بل أمسك بي أنا أيضا وهو يصيح: وأنت كمان أبوك فين يا ولاد النصابين؟ ولم أدرِ في مقاومتي أنني كسرت "قصرية" زرع فتحول الحلاق إلى القصرية المكسورة وتحولت أنا إلى الشارع أسابق الريح، ومن يومها أُصبت بما يمكن أن يسمى بـ"الحلاقة فوبيا".قدم "رجب" للقارئ كتبًا عدة من بينها "ضربة في قلبك"، و"الحب وسنينه"، و"أي كلام"، و"صور مقلوبة"، الذي قدم فيه نقدًا للكثير من الأوضاع الاجتماعية ورصد ظواهر لا تزال قائمة حتى الآن.