منوعات
"رجل من مهد الذهب.. هلال بن فجحان المطيري.. دراسة وثائقية"
الثلاثاء 08 ديسمبر 2020
10
السياسة
صدر حديثا كتاب "رجل من مهد الذهب.. هلال بن فجحان المطيري.. دراسة وثائقية" الكتاب من اعداد فريال الفريح واشراف عادلة مساعد الساير والمرجعية التاريخية للدكتور يعقوب يوسف الابراهيم. يقع الكتاب في 649 صفحة من القطع المتوسط. ويمثل الكتاب بعض المحطات المهمة في حياته في أحد عشر فصلاً.تستعرض الفريح السنوات الاولى من حياة هلال المطيري، فمن بيئة صحراوية بدوية جافة قليلة الحركة، إلى بيئة حضرية تجارية بحرية مفتوحة على ضفاف الخليج، نشأ فيهما "ابن مهد الذهب".تلك البيئة شهدت ظاهرة نزوح كثير من أبناء بادية جزيرة العرب الى اقصى السواحل الغربية للخليج، للعمل في مهنة الغوص لدرجة أن 90 في المئة من مجموع الغاصة في الكويت كانوا من البدو، ومن هؤلاء نبغ عدد من "المطير" في أعمال الغوص على اللؤلؤ، وصاروا من مشاهير الغاصة، ومنهم من أطلق عليه "ملك اللؤلؤ" وهو هلال بن فجحان المطيري، الذي هاجر في النصف الثاني من القرن التاسع عشر من وسط شبه الجزيرة العربية، ومن "وادي مهد الذهب"، وكان يتيم الأب والأم.وعن النشأة ينتمي هلال الى قبيلة مطير، والتي خضعت لسيطرة اشراف مكة منذ عام 1500م، ثم انتقلت القبيلة الى شرقي شبه الجزيرة واستقرت بجوار قبيلة "حرب" بين "السمر"، وحتى الكويت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي، الى ان انقطعت الصلة بين مطير الشرق ومطير الغرب.وكانت الكويت اختيار "هلال"، ومعه شقيقته حيث تحمل مسؤوليتها بكل ثقة، وكان ذلك عام 1867م تقريباً، قاصداً بيت خاله (نقلا عن رواية لطيفة رومي الفهد) الذي سبقه اليها ضمن هجرات (دياحين) المطير، بدأ بممارسة صيد الطيور، وهي مهنة أخذها من خاله، دون أن يطلب مساعدة من أحد، ثم عمل في جمع نوى التمر، وبيعه لأصحاب حظائر الماشية كعلف لحيواناتهم.وعن علاقته بالغوص تقول الروايات ان اول علاقة نشأت بينه وبين البحر والغوص على اللؤلؤ كانت عن طريق النوخذة "خليفة بوربيع"، وهناك من يقول انه تعرف على النوخذة "سالم بوقماز" وكانت بداية عمله على ظهر السفن كانت عام 1876 وقادته تلك المهنة الى التعرف على النوخذة يعقوب النشيط، ليعمل في مهنة "سيب"، وكان مردودها المالي ضئيلاً جداً، فانتقل مساعداً لـ"الطواش" جاسم العصفور، وهنا اكتسب المعرفة والخبرة لعمليات البيع.وكان يشتري سحاتيت اللؤلؤ من كبار الطواويش، ويبيعها بسعر أعلى بقليل، وأخذ في التقرب من كبار الطواويش، بل شاركهم في العمل، وحصل على بعض الارباح.وتمر الأيام وقد شكلت الحياة ذاك المهاجر البدوي الصغير في رحلة البحث عن النجاح والأرباح التي قاربت عقودا ثلاثة، وفي هذه الرحلة تزوج لأول مرة، وقد تعدى الأربعين من العمر، واستأجر بيتاً صغيراً متواضعاً في "فريج المطبة" بالحي الشرقي من مدينة الكويت، ثم نتيجة تعدد زوجاته وزيادة ثرائه قام بشراء أرض قريبة ليضمها الى بيته في ذاك الحي.لكن الجيران تذمروا من البناء الجديد، ورفعوا الأمر الى الحاكم الشيخ محمد بن صباح، الذي اناب شقيقيه مبارك وجراح لتولي أمر الخلاف، وأخبراه بعدم البناء للبيت الجديد. ويذكر بندر بن هلال المطيري ان والده كان يملك ثلاث خزائن حديدية، واحدة بمنزله الموجود بـ"شرق" في غرفته الخاصة، والثانية في بيته بأراضي اللقطة بالبصرة والثالثة بالمعامر. وحول ثرائه نسجت العديد من الأساطير والحكايات الشعبية التي تداولها عامة الناس.لقد رافقت مرحلة صعوده وانتمائه لطبقة كبار التجار في الكويت فترة قلاقل واضطراب في الأوضاع الداخلية، أفضت في نهاية الأمر الى احداث عصيبة مرت عليه وغيره من التجار. فقد تزامن موسم الغوص عام 1910 م مع فرض المزيد من الضرائب، دفع بثلاثة تجار كبار باللؤلؤ الى مغادرة الكويت، ومعهم ما خف حمله وغلا ثمنه دون علم المسؤولين في الامارة، وهم الطواويش الثلاثة، هلال بن فجحان المطيري، وشملان بن علي آل سيف، وإبراهيم بن مضف.هذا الثلاثي كان يشكل ثقلاً اقتصادياً لا يستهان به، بما يملكونه من سفن وثروة، هي في الواقع شريان الاقتصاد الكويتي، حيث قدر ما يملكون من رأسمال نقدي بنحو ثلاثة ملايين روبية، ويتبعهم اكثر من خمسة آلاف رجل، أحدثوا وضعاً جديداً معارضا لزيادة الضرائب. ويورد الكتاب قصة الهجرة السرية الى البحرين والأحساء بشكل تفصيلي والرسائل المتبادلة ودور المعتمدية البريطانية في ذلك، ثم الوفود التي ارسلها الشيخ مبارك لإتمام الصلح وإقناعهم بالعودة، وكذلك قيام الشيخ مبارك مع اصدقاء هلال بزيادة البحرين وإنهاء الخلاف، وبالفعل عاد "هلال" بنفسه على متن اشهر سفينة، وهو "السنبوك" والمسمى "ضرمان"، بقيادة النوخذة جاسم العماني، ووصل في أغسطس 1911، واستقبل بكل تقدير وتكريم واحترام من قبل الشيخ مبارك الصباح، وسارت الامور بينهما على خير ما يرام.وأفرد الكتاب فصلا خاصاً عن علاقته بحكام آل صباح، حتي تكتمل سيرة هذا الرجل لابد من التوقف عند مرحلة مهمة جداً في حياته، تخطت حوالي الأربعين عاماً، وهي علاقاته مع السلطة السياسية بأعلى مستوياتها، فمنذ استقراره في الكويت حتى وفاته عاصر ستة حكام من آل صباح، وهم على التوالي: الشيخ عبدالله الثاني بن صباح آل صباح (1866-1892) ثم الشيخ محمد بن صباح آل صباح، والشيخ مبارك بن صباح آل صباح (مبارك الكبير) والشيخ جابر بن مبارك آل صباح، (جابر الثاني) والشيخ سالم بن مبارك آل صباح، والشيخ احمد الجابر بن مبارك آل صباح (1950-1921).