رحل عبدالمحسن الدارمي

أحمد بن برجس

رحل عبدالمحسن الدارمي هذا الانسان البسيط في تعاملاته مع اهله، ومعارفه، واصدقائه، الشديد على المخالفين والمتجاوزين حدود العمل، الذين ظهر منهم ما يسيء للعمل او الوطن، او لكليهما، فقد كان حازما وعازما على كل ما من شأنه ان يعلي شأن العمل الذي انيط به.
رحل الدارمي الذي زاملته لفترة طويلة، ورأيت به نعم الزميل ونعم الاخ، ونعم المسؤول، والرجل.
سافرت معه ورأيت به نعم الرفيق في السفر، والاخ في الحضر.
كنا ذاهبين مرة انا وهو الى العمرة، فظهر عليَّ التعب من طول الطريق، فاجبرني على التوقف، وكانت الساعة تشير الى الثانية بعد منتصف الليل، وقال: "عليك ان ترتاح، وتنام قليلا"، ولكنني نمت ولم اشعر الا بحرارة الشمس فنهضت ورأيته جالسا في ظل السيارة والساعة تشير الى التاسعة صباحا فقلت له يا ابا فراس: "لماذا لم توقظني، وانت جالس بظل وحر الشمس فوق راسك".
فقال عليه رحمة الله: "رأيتك غارقا في النوم من التعب فما احببت ان اوقظك"، اي اريحية هذه تلفحه شمس الضحى وحرارتها من اجل ان لا يوقظ رفيقه في السفر. رحل عبدالمحسن، ورحلت معه ذكريات حياة مليئة بحب الوطن والتفاني من أجله، وصدق بخدمته الذي لم يساوم عليه مرة في حياته، الى ان توفاه الله.
رحل الدارمي، ورحل قبله اخوه عبدالله الذي كان له موقف مشرف في الغزو، فقد قاوم الغزاة وكان قاسيا معهم، لم ينالوا من عزيمته وحبه للكويت واهلها، حتى استشهد بعزيمة واصرار، وفخر، وعبدالله نعم الرجل ونعم الابن البار للكويت واهلها، عامل الغزاة بشدة وعنف، وقد هزمهم باستشهاده شامخ الرأس مرفوع الهامة، عليه وعلى اخوانه الشهداء رحمة الله ورضوانه.
رحل عبدالمحسن الدارمي هذا الرجل طيب المعشر لطيف الأحدوثة، نظيف القلب، الشديد على الخارجين على القانون ومقتضيات الصالح العام، وكان يردد "الكويت مثل الام اي مساس بها يجب التصدي له بكل قوة وعنف، حتى تبقى عزيزة شامخة". رحل الدارمي وترك لنا اثرا في نفوسنا لا ينسى ولا يمحى من الذاكرة، عليه رحمة الله ورضوانه، رحل عن دنيا الفناء الى دار البقاء، نرجو من الله ان يتجاوز عنه ويعفي عنه، ويسكنه الجنة مع الشهداء الذين اخلصوا لله العمل برجاء رضوانه ومغفرته.
رحمك الله ابا فراس، وغفر لك، وعفا الله عنك.
عظم الله أجر ولديه فراس وأوس، وعظم الله اجر محبيه واصدقائ، وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان.

عضو معهد المؤرخين

[email protected]