"رحلة بدينار ونص"... واقعية ومباراة كوميدية

كتب - مفرح حجاب:


دعا الفنان الكبير عبدالرحمن العقل وأبطال مسرحية "رحلة بدينار ونص" الصحافة ووسائل الإعلام، إلى عرض خاص بمسرح الفنان الراحل عبدالحسين عبدالرضا، قبيل بدء عرضها الجماهيري أول أيام عيد الأضحى على المسرح نفسه، وسط حضور فني كبير جاء خصيصا لمشاهدة العرض تقدمه المطرب الشعبي خالد الملا، ولد الديرة، أحمد إيراج، محمد الحملي، خالد المظفر، وغيرهم، ورحب الفنان العقل وزملاؤه بالجميع في كواليس المسرحية، التي يشارك في بطولتها كل من خالد العجيرب، شهاب حاجية، فرحان العلي، ريم ارحمه، رانيا شهاب، نورا وغيرهم، من تأليف الكاتب محمد الكندري وإخراج عبدالعزيز صفر.
أجواء المسرحية تظهر ملامحها منذ الولوج إلى الكواليس، حيث لا يتوقف شهاب والعجيرب عن إطلاق "الإفيهات"، كما سادت روح جميلة من المنتج الفنان عبدالرحمن العقل، الذي استقبل الجميع بحفاوة وعمل على راحتهم واستمتاعهم بالعرض.. المسرحية تدور حول رب اسرة بخيل لديه ابنتين "أماني وتهاني" تزوجتا من "حليم وجميل" ظروفهما المادية متوسطة ما عدا ابو البنات البخيل الذي لديه اموال، لذا لم يسافروا مطلقا في الصيف وظلت "اماني وتهاني" وتجسدهما ريم ارحمه ورانيا شهاب تلحان على "حليم" عبدالرحمن العقل و"جميل" خالد العجيرب من اجل السفر مثل كل الناس في الصيف، وحاول الزوجان بيع هواتفهما النقالة والحصول على قرض من اجل السفر، لكن ابو البنات يصر ان يسافر على نفقتهم، وبالفعل سافروا الى الهند، فتسرق أموال الأب البخيل، التي كان يخفيها، ويتعرضون الى ظروف صعبة ولم يجدوا معهم أموالا بسبب المظاهر وتقليد الآخرين.
المسرحية رغم كم الكوميديا الجميلة إلا انها تحاكي الواقع وتكشف زيف ما يحدث في "السوشيال ميديا"، فالزوجة "اماني" تحاول تقليد "الفاشينستات" وتصوير حياتها بأنها مسافرة الى اماكن جميلة وتطلب من زوجها الذهاب الى مطاعم جيدة لتصوير الطعام وافتعال أشياء لنشرها في"سناب شات" لإيهام المتابعين بأن حياتها مخملية، بينما تسكن بفندق في الهند غرفه بلا أبواب وتتجول في أماكن شعبية، ما خلق حالة في العرض تجعل المتلقي يفكر فيما يدور حوله ويشاهده في "السوشيال ميديا" من مظاهر كاذبة.
قدم الثلاثي الفكاهي العقل وحاجية والعجيرب مباراة حقيقية في الكوميديا، والمسرح لم يهدأ من الضحك بسبب مرارة الأحداث وانكشاف المستور، لذا فإن الجمهور سيخرج من العرض وهو يعيد التفكير في الأمور، اهمها "ان تمد ريولك على قد لحافك" لأن المظاهر قد تنقلك الى مكان غير متوقع وستكشفك سريعا، كما ان عناصر التمثيل كانت أكثر من رائعة لاسيما الفنانة نورا، التي جسدت شخصيات الخادمة والمضيفة والطقاقة، وظهرت جرأتها وثقتها في نفسها، والمسرحية تضم شباب متحمس للعمل المسرحي ما جعل العرض حيويا، ويحسب للمخرج عبدالعزيز صفر تحويل المسرحية الى مجموعة من اللوحات، برع فيها الفنان فرحان العلي بدور الراوي وكذلك الكراكترات التي قدمها، واللوحات كان يسبقها استعراض يوضح رسالة العرض.
يبقى ان الفنان الكبير العقل قرأ الساحة المسرحية جيدا وقدم عملا كوميديا، لأنه يدرك تماما ان المسرح في الكويت هو واجهة للترفيه أولا، لكنه اختار موضوعا مهما ودمج بين ما يحدث في السوشيال ميديا وبعض السلوكيات الاجتماعية والمظاهر، التي تسبب الكثير من المشاكل للأسرة سواء مشاكل مادية من قروض وديون أو طلاق وانفصال وغيرها وهذا هو الأهم، كما ان اختياره لنص المؤلف الشاب محمد الكندري كان اختيارا موفقا، لأنه يكتب عن الأحداث الآنية، ما يعني انه يواكب ما يحدث في الحياة.