الثلاثاء 01 أكتوبر 2024
33°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
كل الآراء

رسالة إلى قيادات التعليم من قبل ومن بعد

Time
الثلاثاء 18 يوليو 2023
View
9
السياسة
د. حمود الحطاب

قال عمي بو محمد: "قبل سنوات عدة، لما عادت احدى ابنتي من الدراسة العليا في بريطانيا في تدريس اللغة الانكليزية، مررت معها صدفة يوما على وزارة التربية في الشويخ، واريتها من بعيد المبنى الذي كانت تقع فيه التواجيه الفنية؛ وقلت لها هنا كان مكتبي يوما، وأنا غير آسف على تركه؛ فقالت بعد أن قرأت كلمة "وزارة التربية" على مبنى رقم واحد، والذي يقبع فيه الوزراء المتعاقبون، ابي: هذه وزارة "التغبية"، وليست وزارة التربية. ضحكت وقلت لها: هل انت اصبحت أيضا ناقدة تربوية كأبيك؟ فقالت إن طريقة التعليم، او طريقة التربية في المدارس التي تتبعها وزارة التربية ربما تجعل المتعلمين اغبياء؛ عندما درَّستُ اللغة الانكليزية في المرحلة الثانوية بعد تخرجي من بريطانيا في الدراسات العليا دخلت عندي يوما إحدى موجهات اللغة، لا اتذكر اسمها، الصف؛ ورأت طريقتي في تدريس الانكليزية للطالبات؛ فطلبت مني تغيير طريقتي كما تعلمناها في بريطانيا، في الدراسات العليا، واقتنعنا بتأثيرها الايجابي، فرفضتُ أن استجيب لها، وقلت ان الطريقة التي تريدينني ان ادرس المتعلمات من خلالها لا تحترم قدرات المتعلم العقلية؛ وتفرض عليه ان يتلقن، ولا تقنعه بما يتعلم، ولا كيف يتعلم؛ بل تطلب منه الحفظ الاصم حتى في تعلم اللغة الانكليزية، ولا تساعده في التعلم عبر النشاط المصاحب لعملية التعلم.
فقالت المفتشة إنه يجب عليك وجوبا اتباع طريقة وزارة التربية؛ فرفضت ابنتي، واصرت على خطأ ما تقوله المفتشة، وبعدها بفترة قصيرة قدمت ابنتي الشجاعة استقالتها من التعليم؛ وانا اليوم بعد كلامها سميت عملية التوجيه عملية تفتيش، فالتوجيه والحالة تلك اصبحا تفتيشا بفرض تخلف التعليم حتى على من يحمل مؤهلات عليا، وكانت ابنتي، وهي مثال ضربته هنا مدرسة اللغة الانكليزية خريجة التعليم الحديث البريطاني، واراد التفتيش تحويل علمها وخبراتها الحديثة وسيلة واداة قديمة لتحفيظ المتعلمين، وليس تربيتهم على التعلم الذاتي على الاقل.
فعملية التفتيش، ايا كانت لا تستحق ان تسمى توجيها، بل تفتيشا يثبت روتين الوزارة، ولا يسمح بالحوار بينه وبين المدرسات والمدرسين، الذين ربما كان بعضهم الاكثر كفاءة من العديد من المفتشين.
وما ينطبق على تدريس وتفتيش اللغة الانكليزية انطبق على كل المواد التعليمية وتفتيشها، فالتلقين والحفظ يتم من خلاله بناء اجيال لم تتعلم كيفية التعلم الذاتي؛ بل تلقنت وحفظت، ثم قطعت الكتب بعد انتهاء فترة التعلم.
وقد قلت لكم في مقالة سابقة ان حفيدتي، وهي ابنة هذه المدرسة قد سألتني بعد انتهاء امتحاناتها؛ اذا كنت اريد من كتبها شيئا؛ كتب الصف الثالث الثانوي؛ وقالت لأني أريد تقطيعها والتخلص منها؛ مثلها مثل معظم المتعلمات والمتعلمين.
صدقت ابنتي: ان عملية التعليم الحالية والماضية عمليات تجهيل للمتعلمين في التعلم الذاتي على الاقل؛ فهي والحال هذه وزارة "تغبية" وليست تربية، كما وصفتها الابنة.
وشكرا لكل معالي وزراء التربية على تقديم استقالتهم من التعليم، ومن غير ابداء اي سبب؛ وحذار يا حكومة، يا واعية، يا رشيدة، حذار من المستقبل التعليمي، والفتنة التي قد تنطلق من مؤسسة التعليم وزارة التربية.
احسنوا انتقاء قيادات التعليم، واختاروا الاشخاص المؤهلين للتعليم، واياكم وتسييس التعليم، واختيارات الغفلة للعديد من القيادات، وربما ومن غير قصد في اختيار غير المؤهلين، او حتى في اختيار المتطرفين، فكريا وثقافيا، في قيادة أي جزئية من التعليم، صغرت أم كبرت، من المدرس في الابتدائي وحتى اعلى جهة قيادية في وزارة التربية.
وللحديث إن شاء الله عن التعليم بقية تطول وتطول.

كاتب كويتي

[email protected]
آخر الأخبار