السبت 26 يوليو 2025
37°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

رسول محمد: لا مستقبل للثقافة في العراق ما لم نستعد قيمنا الإنسانية

Time
الأحد 11 يوليو 2021
السياسة
* مَن يقتل الشعب لابد أن يُقتل ويُحاكم ويأخذ جزاءه مثل صدام
* أتفق مع "الكتابة الأنثوية" والفلسفة تجعل ما نكتبه إنسانياً
* العالم العربي فقد تربية العقل كصوت إنساني مقابل صوت الموت
* بدايات الإسلام السياسي في العراق كانت جيدة


القاهرة – آية ياسر:

رسول محمد رسول فيلسوف وناقد أكاديمي عراقي متخصِّص في الفلسفة الألمانية، حصل على شهادة الدكتوراه في الميتافيزيقا من كلية الآداب، جامعة بغداد العام 1997، عمل أستاذاً للفلسفة في عدد من الجامعات العربية، وله إسهامات فكرية عدة وإنتاج أدبي ونقدي كبير؛ صدرت له 58 كتاباً فلسفياً وفكرياً وأدبياً، ولا تخلو كتاباته من قضايا فلسفية وإنسانية مُلحّة وهموم مجتمعه العراقي، والأمة العربية والإسلامية.
حول آخر أعماله "إدوارد سعيد.. تجربة الناقد الثقافي والناقد الراديكالي" وبعض محطات في مشواره الأدبي، أكد رسول في حوار مع "السياسة"أن الفلسفة لها علاقة وطيدة بالأدب إذ إنها تجعل ما نكتبه عن الوجود إنسانيا، مضيفا: "لا مستقبل للثقافة في العراق ما لم تحترم القيم الانسانية لذا دعوت إلى عودة الإنسان المفقود في الوطن العراقي، وفيما يلي تفاصيل الحوار:

ماذا عن محاور آخر كتبك "إدوارد سعيد.. تجربة الناقد الثقافي والناقد الراديكالي"؟
في الواقع هو كتاب صغير، ينقسم إلى فصول عدة، منها، المثقف والمنفي، وتجربة الناقد الثقافي، والطليعة النقدية، والمكبوت التديني، والسؤال عن الإنسية، إنها محاور شبه جديدة من نوعها في مجالها.
لماذا كتبت عنه؟
إدوارد سعيد رافقني على مدى أربعين سنة، كنتُ خلالها أقرأه لكني الآن وجدته ضرورة لنا كمثقفين، لا سيما العراقيين، فلم تعد الحاجة إلى المثقف بوصفه مثقفاً أو مجرد صاحب كتابة، إنما الحاجة إليه بوصفه جذرياً أو راديكاليا فاعلا، فالرفض مطلوب على نحو جذري وليس سطحياً مثلما البناء والتفكير، فكيف يمكنني أن أتعامل مع من يقتل شعبي؟ هل أقول له: أنت قتلت شعبي وحدها هكذا ببرود؟!
ما الحل؟
من يقتل الشعب لابد أن يُقتل ويُحاكم ويأخذ جزاءه مثل صدام حسين وبقيّة القتلة الذين جاءوا من بعده خلال سنة 2003 من الغرب ومن ايران المحتلة للعراق.
كيف جمع "إدوارد سعيد" بين النقد الأدبي والرؤى الفلسفية؟
في رأيي أنه لم يتوغّل كثيراً في التعامل مع الفلسفة حتى يكتب فيها، لكنه حقيقةً كان يناغيها ويتحرّش بها ليدسها في بحوثه تلقائياً، وأبسط شيء أنه كان يتناول فكرة الإنسان في كل حالاته، والإنسان فكرة فلسفية قبل كل شيء.
ما الفرق بين الناقد الثقافي والناقد الراديكالي؟
أرى أن كلاً من الناقد الثقافي والناقد الراديكالي يمضي مع الواقع، قد يكون الناقد الثقافي وصفيّا فحسب؛ أما الناقد الراديكالي فهو فاعل بعمق في اجرائيته، ذلك الذي لا يستهين بها بكل جوانبه.
ما أشكال الممارسة النقدية؟
كثيرة في تمثلها من مجرّد الكتابة عن الآخر إلى محاكمته نقدياً.
كيف يكتب الفيلسوف الأدب وما الذي تضيفه الفلسفة للإنتاج الأدبي؟
يعمل الفيلسوف الكاتب إنسانيته فيما يكتب، وما تضيفه الفلسفة إلى الأدب هو أن يكون ما نكتبه عن الوجود إنسانياً.

الكتابة عن الجسد
هل تتفق مع مفهوم "الكتابة الأنثويّة"؟
نعم أرى أن كتابي الأنوثة السّاردة: قراءات سيميائية في الرواية الخليجية، يتفق مع مفهوم "الكتابة الأنثويّة"، إن كتابي هذا غير مقروء خليجياً حتى الآن بعمق، مع الأسف، واللواتي قرأنه يعرفن جيداً معناه ودلالاته؛ بل وقيمته النقدية.
ماذا عن تجليات فلسفة الجسد في السرد الروائي العربي؟
يعتبر كتاب "تجليات فلسفة الجسد في السرد الروائي العربي"، كتابي الأول في منطقة الخليج العربي عن الجسد، اجتهدتُ في كتابته كثيراً حول موضوع الجسد في الرواية والقصة القصيرة، وهو أيضاً الكتاب الأول لي نشر في العاصمة الإماراتية أبوظبي، بفضل الدكتور علي بن تميم، وهو الأول الذي يجد تطبيقاته على الرواية والقصة القصيرة الإماراتية، وبعض الأدباء الإماراتيين لا يعرفون حتى الآن قيمته رغم أنه صدر قبل عشر سنوات مضت.
كيف ناقشت قضية التعارف الثقافي والحضاري التي أثارها الوعي العربي المعاصر؟
ناقشت هذه القضية في كتابي"نقد العقل التعارفي"، الذي صدر في مطلع القرن الجديد، كان لا بد لي من التوقف عند فكرة التعارف نقديا والتعامل معها، فعلت ذلك بدافع النقدية التي لديّ، والكتاب سلس في أسلوبه، لاقى قراءة وقبولاً ومحبة حتى في العراق حيث اشتغل عليه المعنيون وكم أنا سعيد بذلك.

فقهاء السياسة
ما مفهوم العمل الإسلامي من وجهة نظرك؟
قدمت رؤيتي فى هذا الشأن من خلال كتابي "فقهاء وأمة"، عدت إلى مطالع القرن الثامن عشر حيث جذور العمل الإسلامى، توقفت عند القرن العشرين كثيرا حيث صرخاته،كنت أبحث حينها عن دور الفقيه في الوجود وكم كان عظيما ثم تناهى الى دور أيديولوجي تافه، فثمة فرق كبير بين فقهاء ثورة عشرين وقبلها وفقهاء التغيير بعد سنة 2003 فهؤلاء مؤدلجون، سرقوا العراق، نهبوا ماله، وقتلوا إنسانه مع الأسف.
هل من ارتباط بين "جذور العمل الإسلامي" في العراق الحديث وبين الصراع الطائفي وصعود التيارات الأصولية خلال العقد الأخير؟
كانت بدايات الإسلام السياسي في دولة العراق جيدة ونظيفة؛ لكنها سرعان ما اصطبغت بالفاعل الإيراني المؤدلج كما هو الحال بعد سنة 2003.
لماذا ظل الفكر الإصلاحي في الفكر العراقي الحديث أسير التغييب والتهميش؟
طبعت كتابي ثلاث طبعات تحت عنوان "نقد العقل الإصلاحي"، تنبّه له العراقيون وطبع في الدولة ؛ أما الدوائر الأكاديمية تحت الاحتلال الفارسي الإيراني العاملة في العراق تنكّرت له لأنه لا يروق لها لكونه عراقياً عميقاً جداً، بدليل أنهم لم يترجموه الى الفارسية لأنه يحمل فكراً إسلاميًا عراقياً راقياً دالاً لا يروق لا للخمينية ولا الخامنائية ولا أيديولوجيتهما إنما ينتمي الكتاب للعراقية النقية.
هل يمكن ترجمة "الفكر الفقهائي السياسي" إلى عمل ملموس في المجتمع؟
يعد الفكر الفقهائي السياسي الذي ظهر في مطالع القرن العشرين في العراق نتاجا للمجتمع،فهو ليس غريباً عنه ويوجد تطابق بينه وحركة المجتمع، كم كانت حركة الفقهاء مجتمعية يومها ؛ لكننا فقدنا أصالة تلك التجربة العراقية مع الأسف.

تربية العقل
هل تعتقد أن الإسهامات الفلسفية الكبرى قابلة لإعادة النَّظر التفكري والتأويلي؟
نعم أرى أن الإسهامات الفلسفية قابلة لإعادة النَّظر التفكري والتأويلي لأن الإطار الفلسفي يقر بذلك.
ماالمقصود بـ"التفلسف النقدي"؟
هو مشروع الفيلسوف الألماني كانط، ونقديّة كانط تعني الجمع بين العقل ومجريات الواقع بشكل لا يمكن الانفصال عنهما، فهو فيلسوف ليس واحدياً كما غيره من الفلاسفة في تفكيره.
كيف أسهمت الفلسفة "الكانطية" في نشأة علوم "الميتافيزيقا"؟
الفيلسوف "إيمانويل كانط" كان يفكر بنظرية المعرفة والميتافيزيقا معا على نحو جذري في تفكيره؛ ففي بناء المعرفة كان فيلسوفاً نقديًا وفي بناء المعرفة الميتافيزيقية سعى لأن يكون نقديًا أيضا لكنه فشل في تحقيق ذلك.

الإنسان المفقود
كيف يمكن إحياء صوت العقل الإنساني المتفكِّر نقدياً من جديد؟
إحياء صوت العقل الإنساني المتفكِّر نقدياً موضوع يتصل بتربية العقل، في الوقت الراهن العالم العربي فقد تربية العقل على أنه صوت إنساني لصالح صوت الخراب والموت عبر القتل والاغتيال؛ فلم نعد بصدد عقل عربي نقدي، إنما عقل انتقامي يقتل الإنسان ويبدّد طاقاته نحو سفاسف الأمور، لذا فإن إحياء العقل الإنساني لابد يتم بالعلاقة الحقيقية مع الإنسان فلا بد أن لا يغادر منطقة الإنسان وبذلك نضمن لهذا العقل أن يكون إنسانيا.
هل يمكن للفلسفة أن تحل الأزمات التي تعصف بعالمنا العربي؟
نعم، أرى أن للفلسفة القدرة على تحقيق ذلك؛ لكننا الآن لا نؤمن بالفلسفة باعتبارها قدوة ومصباح نحل بهما مشاكل ما نعيشه والأزمات التي تعصف بعالمنا العربي، ترانا نؤمن بالخرافة والخداع وعدم قيمة الإنسان، نحن لم نعد نؤمن بالإنسان وتلك هي المشكلة.
كيف ترى مستقبل الثقافة في العراق الجديد في ضوء تجربة الماضي؟
للأسف لا مستقبل مشرف في العراق، لأن الإنسان كائن مسحوق ومبتلى بمشكلات كثيرة؛ فالإنسان العراقي في زمن صدام حسين كان يُهان ويُقتل وفي زمن ما بعد صدام يُهان ويٌقتل، ودولة الحكم الشيعي هي دولة للأكاذيب، والنخبة العدوانية وإعلامها قمعي، وسيفها حاد ولا مستقبل لها في هذا العراق، دولة لا تحترم التخصص ولا تحترم الإنسان، ولذلك دعوت إلى العودة إلى الإنسان المفقود في الوطن العراقي.
أخيرا لو تحدثنا عن أهم الأعمال التى أصدرتها، ماذا تقول عنها؟
كثيرة هى أعمالي والتي تعدت الخمسين كتابا، منها، "الحضور والتمركز: قراءة في العقل الميتافيزيائي الحديث"، "المعرفة النَّقدية: مدخل إلى نظرية المعرفة"، "ما الفيلسوف؟ إنسان التنوير ومفكِّر صباح الغد"، "الفلسفة للناس، نشوة الماوراء"،"الميتافيزيقا في ذائقة الفيلسوف الإنجليزي"، "الغرب والإسلام: استدراج التعالي الغربي"، "محنة الهوية: مسارات البناء وتحوُّلات الرؤية"، و"الإسلام السياسي في العراق الملكي"، "نقد العقل التدميري"، "فُقهاء وأمة: جذور العمل الإسلامي في العراق"، "الإسلام السياسي في العراق العثماني" وغيرها.
آخر الأخبار