رمضان بلا ديوانيات... الضرورات الصحية تغير العادات والتقاليد

سالم الكندري
غلق الديوانيات برمضان أيّده الكل لمحاصرة انتشار الفيروس



أحمد بن برجس
الدواوين تقرّب العلاقة بين الحاكم والمحكوم وهي
من تراث الكويت


خولة العتيقي
غلق الديوانيات خلال هذه الفترة فرصة للاجتماع العائلي



الابراهيم: يمكن أن تتم التهاني من خلال الهواتف وليس وجهاً لوجه


تحقيق - ناجح بلال:


امتناع المواطنين عن الديوانيات في هذا الشهر المبارك بسبب اجراءات فيروس "كورونا"، هل يؤدي للتقارب الاجتماعي داخل الأسرة الكويتية؟ وهل الغاء مظاهر الاحتفال بقدوم شهررمضان هذا العام له تبعاته السلبية على المواطنين؟ ولماذا الديوانيات تاريخيا؟
هذا الاسئلة وغيرها طرحتها "السياسة" على عدد من الفعاليات المختلفة حيث أكدوا جميعهم على أن غلق الديوانيات بسبب الحجر المنزلي جاء فرصة للم شمل الأسرة بالفعل، خصوصا وأن الكثير من الرجال كانوا يذهبون يوميا للديوانيات على حساب الاسر، لافتين الى أن التهنئة بدخول الشهر المبارك يمكن أن تكون من خلال الهواتف دون الحاجة للذهاب للديوانية.
واليكم التفاصيل:
بداية، تقول الخبيرة التربوية خولة العتيقي أن جلوس الرجال في البيوت بسبب غلق الديوانيات خلال هذه الفترة نتيجة إجراءات الحظر ساهم بالفعل في لم شمل الاسرة عن ذي قبل، حيث إن هناك الكثير من المواطنين لديهم شغف دائم على الذهاب للديوانيات خاصة في شهر رمضان المبارك، لكن إرادة الله سبحانه ردت الأوضاع لطبيعتها.
وبينت العتيقي أن الامتناع عن الديوانيات لم شمل الأسرة من اولها الى آخرها في هذا الشهر المبارك، وأضفى المزيد من أجواء الألفة وفتح عيون الكل على أشياء جميلة كان الجميع يغفل عنها.
ومن جانبه، يقول الباحث في شؤون التراث الخليجي أحمد بن برجس أن الديوانيات تعتبر من اساسيات المجتمع الكويتي منذ القديم حيث يجتمع فيها الكويتيون من اجل تدارس اوضاع البلد في ذلك الوقت ومعرفة حالة السوق، وكانت احدى وسائل التواصل الاجتماعي والسياسي والاقتصادي في ذلك الوقت فمن خلالها يتعارفون ويعرفون اخبار بعضهم البعض. فالبعض من الكويتيين كان مشتركا في بعض الصحف والمجلات العربية فينقل ما فيها من اخبار العالم الى رواد الديوانية.
وتابع بن برجس: ويضاف الى الديوانية المقهى ومن اشهر المقاهي في ذلك الوقت مقهى بوناشي ومقهى التجار وهذا الأخير يحرص حاكم الكويت آنذاك التواجد فيه ليستمع لشكاوى الناس وحلها ويبلغ ما يريد من أوامر وقرارات الى المتواجدين وهم بدورهم ينقلونها للناس وهذا يوضح اهمية الديوانية الكويتية.
وذكر أنه خلال هذه الأيام وجانحة "كورونا" لا يزال اصحاب الدواوين غير متأقلمين مع هذا المنع القسري الذي فرضته المصلحة العامة والخوف من انتشار هذا الوباء، لكن الجميع متفق أن هذا المنع هو لمصلحة الجميع ولأول مرة بتاريخ الكويت تخلو الدواوين من الرواد سائلا الله أن تختفي هذه الغمة عن الناس لتعود الدواوين تؤدي دورها كما كانت في السابق.

عادة أصيلة
وقال الباحث الاكاديمي في العلوم الاجتماعية بالهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب د. محمد الابراهيم إن الديوانيات من الظواهرالتراثية الاجتماعية الكويتية الأصيلة التي وجدت مع تأسيس الكويت حيث كان حكام الكويت الاوائل يجتمعون مع المواطنين للتباحث في أمور حياتهم، وكان من خلالها يتم اصدار قرارات الدولة كما تعود الشعب الكويتي على زيارات حكام الكويت للكثير من الديوانيات في الشهر المبارك حتى اصبحت عادة رائعة تقرب العلاقة بين الحاكم والمحكوم. ومع الوقت بدأت الديوانيات تنتعش وتكثر الى أن زادت وبقوة مع دخول عصر الرفاهية بعد اكتشاف النفط حيث اتجه الكثير من المواطنين لتأسيس ديوانية داخل بيوتهم.
ولفت د. الابراهيم الى أن امتناع المواطنين عن ديوانيات الشهر الفضيل حاليا جاء نتيجة اسباب قهرية الكل يعلمها وهذا المنع ربما يكون فرصة للتقارب الاسري ولم الشمل، خصوصا وأن السلبية الوحيدة التي تؤخذ على الديوانيات أنها كانت تمنع جلوس الآباء مع أسرهم في شهر رمضان بسبب الذهاب الى الديوانيات يوميا. وذكر أن الديوانيات بما أنها كانت وسيلة للتهاني بين المواطنين بقدوم شهر رمضان ولكن يمكن أن تتم التهاني من خلال الهواتف وليس وجها لوجه.
وبين المحامي سالم الكندري أن المجتمع الكويتي اشتهر بالديوانية التي هي عبارة عن مكان مخصص لاستقبال الضيوف من أهل وجيران وأصدقاء ويتم فيها تبادل الاحاديث حول الموضوعات العامة ويتم فيها كذلك اتخاذ بعض القرارات المهمة التي تتعلق بالاشخاص والعائلات.
وأيد الكندري امتناع المواطنين هذه الفترة عن الذهاب للديوانيات في شهر رمضان المبارك بسبب انتشار فيروس كورونا، حيث إن هذا الاجراء لصالح المواطنين والمجتمع ككل، ولذلك فمن شروط القضاء على هذا الوباء التباعد الاجتماعي وعدم التجمع في الاماكن المغلقة حتى يتم القضاء على هذا الفيروس في اقرب وقت وهذه الاجراءات دعت اليها منظمة الصحة العالمية.
ولفت الكندري إلى أن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم قال عن الطاعون: "اذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه واذا وقع بأرض وانتم بها فلا تخرجوا فرارا منه". كما قال الرسول الكريم أيضا: "فليس من أحد يقع الطاعون في بلده صابرا محتسبا يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له إلا كان له مثل أجر شهيد ". ويقول الله تعالى: "ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة واحسنوا إن الله يحب المحسنين".
واشار الكندري الى أن الامتثال لرأي الطب بالحجز المنزلي هنا من اجل صحة الناس عملا بالاحاديث النبوية والآيات القرآنية يعد فرضا وواجبا، ولذلك فالاخذ بأسباب الوقاية من هذا الوباء واجب شرعي على الكل.