الثلاثاء 20 مايو 2025
39°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

روائيون وكتّاب: الأدب قادر على تغيير المجتمعات

Time
الاثنين 08 نوفمبر 2021
View
5
السياسة
حين نبدأ بالكتابة لا يكون الدافع الرئيس التأثير في القارئ بل تحقيق متعة القراءة

الشارقة ـ جمال بخيت:

أكد أدباء عرب وأجانب في جلستين حواريتين ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب الأولى بعنوان "أثر الكتابة" والثانية بعنوان "نحو الانسان" أن مهمة الكاتب أن يكتب لإيصال رسالة يحاول أن تكون مفهومة، لكنها قد تكون مبهمة أحيانا إلا أن الأدب على المدى البعيد يمكن أن يغير المجتمعات، لا فرق في ذلك بين الأدب القديم أو المعاصر.
أضافوا من الغرور أن يعتقد الكاتب مسبقا أنه سيؤثر في جمهوره، مشيرين إلى أن هدف الكتاب أن يخبروا القراء بما يجول في خواطرهم، وأن يستمتعوا معاً بالقراءة، وفيما يلي التفاصيل:
الجلسة الأولى، بدأتها الروائية منصورة عزالدين قائلة: "إن الكاتب يريد من خلال الكتابة إيصال رسالة يحاول أن تكون مفهومة، ولكنها قد تكون مبهمة أحياناً، لأن الكتابة تنبع من الأوهام، والكاتب بدوره يحولها إلى حقيقة".
أضافت: "من الغرور أن يعتقد الكاتب مسبقاً أنه قادر على التأثير، فالكاتب لديه حلم قبل أن يبدأ بالكتابة، وهو يعلم أنه قد لا يتحقق، فهناك كتّاب "ذهبوا أدراج الرياح"، مبينة أن "الكتابة أشبه بتمرين متواصل على الأسف، وبالتالي فإن الكاتب الطبيعي يشعر دوماً بأنه أقل من الطموح، بعكس الكاتب النرجسي الذي يعتقد أن كتاباته ستغيرالعالم، والنجاح الأكبر للكاتب هو جعل القارئ قادراً على اكتشاف الغرابة والتناقض في أشياء كان يعتقد أنها عادية".
من جهته، اعتبر الكاتب خالد خليفة، أن الإجابة الواسعة عن مدى تأثير الكتابة في القارئ، مرتبطة بالأزمنة، أما الجواب المباشر فهو إن الكاتب لا يستطيع فعل شيء آخر سوى الكتابة، مضيفا: "أنا في كل عام، ومع كل كتاب، أزداد جهلاً بالكتابة، وأسوأ لحظاتي هي حين أنتهي من الكتاب ويذهب للطباعة".
وقال: "كلما تقدمنا في الكتابة، أصبحنا أكثر هشاشة وأقل ادعاءً، وكل كاتب يعتقد أن معركته هي مع التاريخ، ولكنهم يرحلون دون أن يشاركوا فيها، وهناك كتاب عظماء ماتت أعمالهم بموتهم، وأنا شخصياً لا أعتقد أني غيرت حياة أحد، ولكن الكاتب يمكن أن يضيف شيئاً إلى حياة القارئ".
من جانبها، اعتبرت كارين ميلي جيمس أن العلاقة بين الكاتب والقارئ مسألة متشعبة للغاية ولا يمكن حصرها في سياق وحيد، مضيفة: "أنا مثلاً، أول ما دفعني إلى الكتابة هو التحدث عن مشاكلي الشخصية، وحين كبرت، أردت أن أحول ذكريات عائلتي إلى كلمات مقروءة، ولاحقاً بدأت أناقش كيف يمكن أن يعيش الإنسان مغامراته ويتشاركها مع قرائه".
وتابعت: "حين نبدأ بالكتابة، فإن الدافع الرئيسي لا يكون التأثير في القراء، بل إن الهدف منها هو أن نخبر القراء بما يجول في خاطرنا، ونستمتع معاً بالقراءة"، مختتمة بالقول: "الكاتب يدخل عالماً آخر حين يكتب، وينغمس مع قرائه في رحلة، وهنا يكمن التأثير، وعلى سبيل المثال، هناك كتّاب حاولوا التأثير في الحياة السياسية، ولكن تأثيرهم برز في النواحي الاجتماعية عكس ما أرادوا".

الجلسة الثانية
في الجلسة الثانية بعنوان "نحو الإنسان" أكدت نخبة من الروائيات أن الأدب يمكن أن يغير المجتمعات، لا فرق في ذلك بين الأدب القديم أو المعاصر، وعلى الدارسين أن ينظروا إلى الأدب القديم بعين التحليل والدراية والفهم العميق، حيث تحفل نصوصه بالمبادئ الأخلاقية والإنسانية التي ترتقي بالمجتمع وتنهض بأفراده.
شاركت في الجلسة الصحافية والروائية العراقية إنعام كجه جي، ودوناتيلا ديبيترانتونيو، الروائية الإيطالية الفائزة بجائزة كامبيللو وجائزة نابولي والدكتورة ليلى العبيدي، أستاذة الأدب القديم بقسم اللغة العربية، في كلية الآداب بجامعة الشارقة، وأدارت الجلسة ليلى محمد.
في البداية، أوضحت إنعام كجه جي خلال الجلسة أن الكتاب هو أحد العوامل التي أسهمت في تربيتها وتنشئتها، إضافة إلى جهود والديها في ذلك، لافتة إلى اتجاهين ينبغي النظر إليهما بعين الاعتبار الدقيق عندما يتم الحديث عن الإنسان، فالإنسان في ظل السلام والعدل والانفتاح، يختلف اختلافاً كلياً عن إنسان الحروب والمآسي التي تعصف بالكثير من البشر هنا وهناك.
وذكرت أن روح الفكاهة التي تحفل بها كتب الأدب والتراث القديمة، يمكن أن تغير من الإنسان، وذلك عندما ينظر إليها السياسي ورجل الدين والمعلم، ويتعرف من خلالها على شخصيات تراثية، من قادة وحكماء، ومع ذلك فإنهم كانوا هينين ليني المعشرمع القريب والبعيد، وهذا يعد من مؤثرات الأدب والتراث في حياة الإنسان المعاصر.
بدورها، قالت دوناتيلا دي بيترانتونيو: "إن للكتب قدرة قوية على تحسين المجتمع للأفضل، وأن تعزز من واقعه، لكن هذا لا يتطلب من الكاتب أن يضع التغيير نصب عينيه حينما يكتب، فالكاتب يطرح الأسئلة المهمة والصعبة التي من شأنها أن تحدث ثورة في حياة الناس، وتلهب فيهم المشاعر التي يمكنها أن تسهم في التغيير".
وأشارت دوناتيلا إلى أنه على الكاتب، وخصوصا الأديب، أن يسبر أغوار أماكن معينة في البناء البشري، وهذا عام في كل ثقافات العالم، وقالت: "إن الأدب الناجح والمؤثر هو الذي ينهج منهج الموازنة بين الروح والجسد، والماضي والحاضر"، مؤكدة أنها خطوة صعبة في الكتابة إلا أنها من الأهمية بمكان للوصول إلى مرحلة التغيير.
وحول فكرة الجلسة، أكدت الدكتورة ليلى العبيدي أن الإنسان تتجاذبه ثنائيات عدة، كالحب والكراهية، والخير والشر، والظلم والعدل، والفرح والحزن، وهذا ما يدفعنا إلى عدم إطلاق الأحكام على الإنسان بالمطلق، ومن هنا كان نوع الكتابات التي ترتقي بالإنسان وتمس واقعه، ثم تصنع له مستقبله.
وحول دور الأدب القديم في الإسهام في تغيير حياة الإنسان، أشارت العبيدي الى أنه ينبغي أن ننظر إلى التراث القديم من الأدب بعين التحليل والدراية، وكيف يمكن أن تنهض نصوصه بالإنسان في حياته ومجتمعه، مؤكدة أن القول بأن الأدب القديم هو مجرد بكاء على الأطلال ولا تأثير له على حياتنا المعاصرة قول بعيد عن الصحة، إذ بإمكاننا أن ننفض الغبار عن النصوص وقراءتها قراءة حديثة وإلباسها لباساً جديداً،فكتاب مثل كليلة ودمنة، رغم تأليفه منذ مئات السنين، إلا أنه يحفل بالأخلاقيات التي تنهض بالأجيال والمجتمع.


ليلى العبيدي


دوناتيلا دي بيترانتونيو


إنعام كجه جي
آخر الأخبار