منوعات
"زايا" ... صرخة المرأة العربية للتحرر من قيود المجتمع
الأحد 17 نوفمبر 2019
5
السياسة
تسلط رواية "زايا" للكاتبة السعودية ريم الصقر، الضوء على المصاعب والعقبات التي تواجه المرأة العربية المثقفة في مجتمعاتها المحلية، وهو ما يدفعها إلى محاولة الهروب من هذا الواقع إلى حيث القيود اقل وأكثر مرونة، فإن لم تفلح هذه الحيلة تعبر البحار لتحيا في مجتمعات غربية. رغم كل مظاهر معاناة زاهية بطلة هذه الرواية إلا أنها حاولت أن تجد في الحب مخرجا لها من أزمتها.الرواية، الصادرة عن مجموعة النيل العربية للنشر والتوزيع بالقاهرة، تعبّر عن وقائع كل بيت فككت عراه، الأم والأب والمجتمع، حين لا تمنهج الأم علاقتها بابنتها، فتتبدى لها بصورة الشر المطلق، وحين يصعر الأب خده حتى يتشيأ كأرجوحة الحدائق العـــامة تتمكن منها كل مؤخرة عابرة، ومجتمع لم يرأف بآت غريب.وتقول الكاتبة في روايتها "نمت ليلتي وأنا أشعر أن ثمة شيئا يتكسر بصدري وأنّ هناك من أطاح بأمنياتي وأحلامي التي بت أرتبها لزيارة كهذه بدأت تتهاوى، حتى مر يوم الخميس وأتى ظهر الجمعة وأنا قابعة بفردوس حرم الشيخ، وأمه أناولهما ما شق عليهما أخذه وأراوح بين صالتهم وبين المطبخ أتناوش مع أبي ما بقي لي من إحساس بالكرامة، قفلنا راجعين وفرحتي تتماوت تدريجيا، كلما تخيلت أن شرف مرافقتهم إنما لأن بنت الخادم تمسي خادمة ولو بعد حين".ثورة على السائدوتضيف ريم الصقر "عرفت أن هناك مخلوقا آخر غير الرجل والمرأة، رأيته سابحا في كوننا، وما إن اكتشفت أنه القلم، أدركت نورا جديدا، عرفت عظمة خالقي أن سمّى به سورة في كتابه، فجمعت ما كان في نفسي حيال مجتمعي ودونته، حتى تمثل لي كتابا قصصيا"."زايا" هو اسم بطلة القصة، وفي الأصل اسمها زاهية، لكن حين انتقلت إلى لندن صار الإنكليز ينطقونه "زايا". والرواية هي محاولة جادّة من مبدعة واعدة لتطويرالمفاهيم السائدة في مجتمع مازالت فيه المرأة لا تتمتع بكامل حقوقها، لذلك قرّرت الصقر أن تتحدّث عن هذا الموضوع، لأنها ضد أغلب المفاهيم الدارجة في حياتنا. وجاء على ظهر الغلاف "كنت مؤمنة بأنه لا يوجد في الحياة حب فاشل، ولكن هناك عشاقا لم يعتنوا بحبهم جيدا، فرحل الحب وتركهم، هكذا أقنعت نفسي، لم أدرك أن هناك حبا يمكن أن ينشأ في الظلام، وما إن يطاله النور حتى يحترق".وعن ظروف نشر الرواية، تقول الصقر "حقيقة لم أواجه صعوبة في نشر كتابي، ولكن المشكلة أني كنت مترددة في نشره، وكنت قلقة جدا عندما علمت أن روايتي البكر ستنشر ورقيا"، مبينة أن نقطة قوتها في الكتابة حين تتكلم عن وضع نفسي لأحد أفراد القصة، أما نقاط الضعف "ربما أن قلمي لا يتمتع بطولة البال ويقفز بالأحداث بصورة مختصرة"، وتشبه الكاتبة ريم الصقر نشر الكتاب الورقي بميلاد طفل جديد لعائلة شغوفة بالأطفال.حالة تشتتيلخص هذا الاقتباس من الرواية "أهلي وأنا نشبه من اقتلع نبتة من مكان، وحين جفت جذورها أعاد غرسها بمكان آخر، لم يتمكن أبي أن يزرعني في بلادي، رغم ميلادي بها، وصالح لم يستطع أن يغرسني بالإمارات، رغم أنها كانت أكثر يسرا وبحبوحة،ربما لأن كليهما كان أقل من أن يهديني حبا حقيقيا، لكني بالحب استطاع محمد أن يغرسني في بلاد الفرنجة كما يسميها ونضحك منها"، حالة الضياع والتشتت التي عاشتها البطلة في تنقلها عبر ثلاث دول واحدة منها غربية.وتطرح الرواية العديد من الإشكاليات العميقة لعل من أهمها مسألة الجنسية، فلماذا دائما ما يطرح سؤال: من أي بلد أنت؟ كما تناقش الرواية موضوع الهوية، خصوصا في ظل هذا الانفتاح على الآخر، والابتعاد عن العادات والتقاليد التي وسمت مجتمعاتنا العربية بقطع النظر عن اسم البلد.فالرواية من هذه الزاوية هي أبعد من مجرد تسليط الضوء على المصاعب التي تواجه المرأة العربية المثقفة، لتصبح المسألة أخطر من ذلك حين تترصد وتتتبع حياة البطلة "زايا"، وهي تتعامل مع ثلاثة مجتمعات غريبة عنها، هنا يبرز مفهوم الصدام الحضاري، وكيفية التعامل مع الآخر، ومكانة المرأة في المجتمعات العربية ونضالها الدائم من أجل الحصول على كامل حقوقها، أمام سيطرة ذكورية، تحولت في الكثير من الأحيان إلى أغلال ما فتئت تزيد في تقييد حريتها. يذكر أن ريم الصقر صدرت لها قبل هذه الرواية، مجموعة قصصية بعنوان "بنات النعمة"، وهي تكتب المقالات في عدد من الإصدارات والدوريات العربية.