السبت 28 سبتمبر 2024
36°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
زرعت… قادت وسادت
play icon
كل الآراء

زرعت… قادت وسادت

Time
السبت 26 أغسطس 2023
View
85
السياسة

كلوروفيل

اختياري لتخصص علم النبات في اول التسعينات من القرن الماضي، جاء بدافع شخصي، وبتشجيع من والدتي، حفظها الله، فقد كنت محتارة بين طب الاسنان وعلم النبات، لكنها شجعتني أكثر على تخصص علم النبات في كلية العلوم.
وقد حاول أكثر من شخص، بعضهم من الأهل وبعضهم من الأصدقاء، التأثير على اختياري، وثنيي عنه، وأن هذا الاختيار لا يغني ولا يسمن من جوع، اذ إن دولتنا صحراوية، وشمسها حارقة، ولا يمكن أن تنجح بها الزراعة.
وأن المنتسبين لتخصص النبات أو الزراعة عددهم قليل، وإمكانية توظيفهم غير مرغوبة، وغير متاحة، وليس لها طلب في بلادنا.
لكن معروف عني أن "راسي يابس"، وكنت وقتها أقرأ كثيرا عن أهمية ومكانة الزراعة التي أدت الى ظهور الحضارات، وتقدم الأمم، والمجتمعات، والدول التي قادت ثم سادت، والسبب هو الزراعة وتأمين أمنها، المائي والغذائي، قبل العسكري.
بدأ حبي للزراعة منذ الثمانينات حين كنت انتظر حصة مادة العلوم الاسبوعية بفارغ الصبر للذهاب الى المختبر، والاطمئنان على طبقي الصغير الذي يحتوي على القطن وبذور الفول، وكيف أنها تحولت من بذرة ساكنة جماد الى كائن حي، بقدرة الله، ينمو ويكبر في ظل وجود الماء والهواء.
كنت دائما ما ابرر اختياري لتخصص علم النبات بنظرة مستقبلية لأهمية الزراعة، والأمن الغذائي، وعدم الاعتماد على الغير، وبخاصة بين أهلي، وللعلم أنني قد عانيت من تنمر شديد بسبب اختياري هذا، لكن الحمد لله، فالوعي المجتمعي حاليا أصبح أعمق بكثير عما كان عليه في السابق.
لابد أن نعي، ونعود بالذاكرة الى الوراء، لدور الحضارات التي كانت في الدول المجاورة، فقد ظلت الزراعة بالنسبة لها سببا في التحول والتطور الصناعي، من منتجاتها على مر العصور.
ولا يخفى على أحد أن الحضارات تطورت وازدهرت في ظل وجود الزراعة والمياه، وأينما وجدت المياه وجد التطور والازدهار.
الدول التي تزرع تعيش بأمان، فالاستقرار ليس أمنا عسكريا فقط، والأمن ليس كثرة المدرعات والذخائر، انما الأمن الحقيقي في الاكتفاء الذاتي المتوازن وفي الأمن المائي والغذائي.
قد يكون ذلك من وجهة نظري، لكن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، وان كنت اعتقد أن 99.9 في المئة من القراء وأصحاب القرار يشاركونني الرأي، ويتقاسمون معي هموم الأمن المائي والغذائي في دولتنا الحبيبة، وبخاصة ما مر على العالم في الفترة الأخيرة من المنغصات الثلاث، حروب، وكوارث، وأوبئة.
اليوم، وبعد أن أصبح المزارع والزراعة في جوهر العملية الاقتصادية، والزراعة جزء مهم في القرار السياسي، أتمنى الالتفات الى المزارعين، وتحقيق مطالبهم، والشد على أيديهم لمواصلة جهودهم المبذولة، وعلى الحكومة تشجيعهم وتحفيزهم نحو الاتقان والانجاز، فلا نكون نحن والظروف الجوية عليهم، والى مستقبل أخضر مثمر ان شاء الله.
كاتبة كويتية، دكتوراه بفلسفة النبات

د. ريم أحمد الهزيم

[email protected]

آخر الأخبار