إعداد - رحاب أبو القاسم: شهر رمضان، تفتح فيه أبواب الجنات، وتضاعف فيه الحسنات، جعل الله صيامه أحد أركان الإسلام، فيه ليلة خير من ألف شهر، لذلك يغتنم المسلمون هذا الشهر للتقرب من الله وتطهير النفس وتهذيبها، فيتسابقون إلى الطاعات والعبادات والخيرات، إنه بحق شهر الفضائل.
فرض الله سبحانه وتعالى على المسلم عددا من العبادات التي بني عليها الإسلام، وتتكون من مجموعة من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة، ومن فضل الله على عباده أن لهذه العبادات أثرا في الفرد المتمثل في تقويم أخلاقه وترقيتها وتوجيهه إلى الطريق الصواب الذي يقوي صلته بربه وتطهره من الغرائز التي تضره، وأثر آخر على الجماعة ويأتي من خلال دعم الروابط وبناء علاقات على أسس راسخة من العدل والإخاء والإحسان، وبناء مجتمع قوي متماسك قائم على العدل والمساواة، والتعاون على جلب الخير، ودفع الضرر.ومن هذه العبادات التي لها أثر على الجماعة الزكاة، كعبادة موسمية شرعها الله للمسلم، لمساعدة الفقراء والمحتاجين وفك كربهم وإسعادهم، ومساهمة منه في إصلاح المجتمعات. وهي الركن الثالث من أركان الإسلام الخمسة، وقد فرضها الله سبحانه وتعالي في عيد الفطر لارتباطها بشهر رمضان المعظم، عن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا.تجب زكاة الفطر على كل مسلم مقتدر أي يملك قوته وقوت أبنائه وما يزيد عنه وعن باقي الحاجات الأصليّة في يوم وليلة عيد الفطر، وهي زكاة عن الأفراد وليست زكاة عن المال، بحيث يؤديها المسلم عن نفسه وعن كل شخص مسئول عنه، وتقدر قيمة الزكاة بشكل سنويّ تبعاً للأسعار في كلّ عام. أما عن وقت تقديمها، فهي قبل العيد بيوم أو يومين، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما، وفيه: وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين. وشرعت الزكاة، تطهيرًا للصائم من الذنوب والمعاصي وما يصدر عنه من لغو وخلافه، عن ابن عباس رضى الله عنه قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم، زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات". كما أنها تطهر الأنفس من أمراض البخل وتعلو بالأخلاق، كما تحمي من الوقوع في الحسد والحقد لما يشاهدون المحتاجون في المجتمعات الغنية، ففيها توسعة على من تجب عليهم الصدقة من الفقراء والمساكين وغيرهم، وحماية للمجتمعات من صراع الطبقات والمساهمة في حل معضلة الاقتصاد، ويأتي كل هذا تعبدًا لله وشكرًا له من القادرين على ما رزقهم به من خيرات لا تحصى.ومن فضل الزكاة على المسلم أنها تزكى صاحبها وترفع حسناته ودليل قوي على قوة صلة العبد بربه وتقربه إليه وحبه في طاعته، لقوله صلى الله عليه وسلم: الصدقة برهان، وقال تعالى: خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم والله سميع عليم.وقد وعد الله من يخرج الزكاة من ماله وينفقها على المحتاجين لمساعدتهم بالخير الكثير وبجنة الخلد، قال تعالى: "الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون". عن أبي أيوب أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أخبرني بعمل يدخلني الجنة قال: تعبد الله ولا تشرك به شيئًا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم.