الأحد 04 مايو 2025
31°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

زهرة العلا... حسناء لم تعرف الابتذال في السينما

Time
الاثنين 11 أبريل 2022
View
5
السياسة
يوسف وهبي رفضها... وتوصية من أمينة رزق فتحت لها الطريق

قصة حبها لصلاح ذو الفقار في "رد قلبي" تحولت إلى حقيقة

تنوعت أدوارها بين الرومانسي والاجتماعي والوطني والديني

كسبت تعاطف الجمهور في "الوسادة الخالية"... واعتزلت بعد الحج


القاهرة - آية ياسر:

من لا يتذكر شخصيات "هنادي" في "دعاء الكروان"، "درية" في "الوسادة الخالية"، "عائشة" في "السُكرية"، "بهية" في "رد قلبي"، "نادية" في "أنا لا أكذب ولكني أتجمل"، كلها أدوار برعت في أدائها الفنانة زهرة العلا، ورغم كونها أدواراً مساندة، إلاّ أنها بأدائها جعلتها بطولة خاصة نالت بها إعجاب الجمهور الذي لم ينس قط تلك الشخصيات.
الفنانة زهرة لقبها الجمهور بـ"حسناء السينما"، وتميزت بهدوئها على الشاشة واستطاعت برقتها أن تدخل القلوب وتنال المحبة.
عُرفت زهرة العلا، المولودة في 10 يونيو 1934، بكونها من حسناوات الشاشة خفيفة الظل وأنيقة، اشتهرت بتجسيدها أدوار الشابة الرقيقة والطيبة التي يتعاطف معها الجمهور، لم تكن حريصة على البطولة المطلقة ولعبت العديد من الأدوار المساعدة خلال مسيرتها الممتدة إلى 55 عاماً، والتي أسفرت عن 120 فيلماً سينمائياً و50 مسلسلاً تلفزيونياً.
عشقت زهرة، التمثيل منذ نعومة أظفارها، وخلال طفولتها وقعت في حب ليلى مراد وحلمت بلقائها، وحين كانت في الثالثة عشرة من عمرها، ذهبت إلى كواليس مسرح فرقة "رمسيس" لتلتقي الفنان يوسف وهبي، الذي كان صديقاً لوالدها، لكنها بكت في هذا اليوم بعد رفضه انضمامها إلى فرقته لصغر سنها، ومع ذلك لم تستسلم وظلت تحضر البروفات لمدة عامين، ولحسن حظها تعاطفت معها الفنانة الكبيرة أمينة رزق، وقامت بإعطائها خطاباً للفنان زكي طليمات ليساعدها في الالتحاق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، فذهبت إليه، وبالفعل قبلها نظراً لوساطة الفنانة أمينة رزق، وكان ذلك استثناء غير مسبوق لصغر سنها الذي يتنافى مع قانون المعهد، لكنها كانت عند حسن ظنهما واجتازت اختبارات المعهد بتفوق.

"فتش عن المرأة"
توهج موهبتها جعل طليمات ينتدبها للعمل في فرقة المسرح الحديث، وأعطاها بطولة "المنقذة" وهي في السنة الثانية بالمعهد، وشاركت زهرة مع فرقة زكي طليمات في مسرحيات "حورية من المريخ، البخيل، مريض بالوهم، فتش عن المرأة، 7 فرخات وديك"، وساعدتها دراستها للتمثيل أكاديمياً بتشجيع من والدها، ثم تتلمذها على يد عميد المسرح يوسف بك وهبي، وعملها معه في مسرحه بعد أن رفضها لصغر سنها، على صقل موهبتها الفطرية، قبل أن تنضم لفرقة إسماعيل ياسين، ما فتح لها الطريق لدخول السينما.
كان الظهور السينمائي الأول لابنة الإسكندرية، زهرة العلا، كسنيد بعدما قدمتها الفنانة عزيزة أمير في فيلم "خدعني أبي" العام 1951، ولعبت فيه دوراً ثانوياً، وفي العام نفسه أيضا قامت بدور سنيد في فيلم "أنا بنت ناس" أمام فاتن حمامة، ليكونا هذان الفيلمان بمثابة انطلاقتها الأولى.
رغم جمالها الشديد وملامح وجهها الأوروبية، لم تعتمد زهرة العلا، على الجمال والمظهر الخارجي فحسب، لكنها حرصت على التجديد والتنوع في أدوارها، لتشارك في العديد من الأفلام، أشهرها "أنا بنت ناس، آمن بالله، يسقط الاستعمار، عائشة، ليلة من عمري، بنت الجيران، كابتن مصر، المال والبنون".

"رد قلبي"
في أحد أجمل أدوارها، شاركت زهرة في فيلم "أيامنا الحلوة" العام 1955، مع النجوم فاتن حمامة وعمر الشريف وعبدالحليم حافظ وأحمد رمزي، بشخصية "سلوى هانم" التي تحب قريبها أحمد رمزي، لكنه لا يبادلها نفس الشعور، وتكتشف حبه لبطلة الفيلم فاتن حمامة ولأنها شابة نبيلة تضحي بسعادتها لإسعاد الحبيبين وتحاول إنقاذ حياة حبيبة قريبها بدفع تكاليف العملية الجراحية، ورغم صغر حجم الدور إلاّ أنه طبع في ذاكرة الجمهور.
كما يعتبر فيلم "رد قلبي" الذي عرض في 1957، للمخرج عز الدين ذو الفقار أحد العلامات الفارقة في تاريخ زهرة العلا وحياتها الشخصية، وجسدت فيه "بهية" ابنة خالة علي وزوجة حسين ابن الريس عبدالواحد، إلى جانب شكري سرحان ومريم فخر الدين وصلاح ذو الفقار وحسين رياض وهند رستم، وهو الفيلم الذي تم تصنيفه في المركز الثالث عشر ضمن أفضل 100 فيلم في مصر.
وكانت المفاجأة التي أدهشت الجمهور أنه أثناء تصوير الفيلم، اشتعلت شرارة الحب بينها وبين الفنان صلاح ذو الفقار، ليتحول مشهد زواجهما في الفيلم إلى حقيقة خلال العام نفسه، وشهد على عقد قرانهما الفنان شكري سرحان، ومخرج الفيلم، لكن زواجهما لم يستمر أكثر من عام وسرعان ما تم الطلاق واستمرت صداقتهما.
لم تكن هذه هي الزيجة الأولى للفنانة زهرة، إذ تزوجت قبل ذو الفقار مرتين من أقربائها أحدهما كان ابن عمها، وفي كل مرة كان ينتهي الزواج بالطلاق لرفض الزوج الأول ثم الثاني عملها في التمثيل، رغم كونها لم تبتذل نفسها يوماً في أدوار رخيصة.

"إسماعيل يس في الأسطول"
لعب الفنان إسماعيل يس، دورا كبيرا في رحلتها السينمائية، حيث قدمها معه في العديد من الأفلام، وكانت بداية تعارفهما من خلال المسرح، حينما انضمت إلى فرقته، ولأنه آمن بموهبة زهرة اختارها للاشتراك في بعض أفلامه، فظهرت معه للمرة الأولى بدور سنيد، مجسدة "هدى" ابنة البطلة "فاطمة" في فيلم "آمنت بالله"، الذي عرض العام 1952، ولاجادتها الدور وخفة ظلها، اختارها لتلعب معه بطولة فيلمه "بحبوح أفندي"، مؤدية دور "الأرملة نعمات" التي تعمل في الملهى لتسديد ديونها، وفي النهاية تتزوج من "بحبوح"، كذلك لعبت زهرة العلا دوراً مساندا في فيلم "كابتن مصر" الذي شاركه بطولته المطرب محمد الكحلاوى، مجسدة دور "زهرة" ابنة الجيران التي يحبها الكابتن محمد، ثم أشركها معه العام 1956 بفيلمه الكوميدي "إسماعيل يس في البوليس"، لتلعب دور "سنية" خطيبة العسكري "زكي" التي تحاول أمها إبعادها عنه، وفي العام التالي شاركته بطولة "إسماعيل يس في الأسطول" مؤدية دور "نادية" ابنة عمه، كما ظهرت معه بشخصيتها الحقيقية في "إسماعيل يس في الطيران"، واشتركت معه في بطولة أفلام أخرى منها "ملك البترول، أبو عيون جريئة، زواج بالإيجار" علاوة على فيلم "المجانين في نعيم"، وكان معهما الفنان رشدي أباظة.
في كل هذه الأفلام سواء مع إسماعيل يس أو غيره، استطاعت زهرة أن تجسدها ببراعة، ورغم أنها لم تكن من بطلات الصف الأول من النجمات، إلا أنه بمجرد عرض فيلم تشارك فيه فإنها سرعان ما تحصد الجوائز عن دورها بدلاً من بطلته.
يبقى فيلم "الوسادة الخالية" الذي عرض العام 1957، للنجم الراحل عبدالحليم حافظ، ورغم أن الفنانة لبنى عبدالعزيز، لعبت دور البطولة أمامه بشخصية "سميحة" حبيبته التي تخلت عنه لتتزوج غيره، إلاّ أن الجمهور تعاطف أكثر مع زهرة العلا، التي لعبت الدور النسائي المساند، مجسدة "درية" ابنة رئيس الشركة التي يعمل بها عبدالحليم ثم تزوجها رغم حبه لسميحة، وهي تكتشف قصة الحب الأول لزوجها فتطوي القلب على الجرح حتى تدهمها آلام الوضع قبل موعدها بشهرين، ولكن يموت الجنين ويتم إنقاذ حياة "درية"، فيختفي طيف الحبيبة الأولى وتحل محلها الزوجة.
معروف أن الفيلم السياسي "جميلة" الذي عرض العام 1958، للمخرج يوسف شاهين، نجح في حشد التضامن الواسع مع المقاومة الجزائرية من جميع أنحاء العالم العربي، وكان له دوره في تبرئة المناضلة جميلة بوحيرد ونجاتها من الإعدام، ويُحسب للفنانة الراحلة زهرة العلا، مشاركتها فيه إلى جانب النجمة ماجدة، بدور الفدائية "بوعزة"، التي تشترك مع "جميلة" وزملائها في عملية فدائية ضد الاحتلال الفرنسي قبل أن تتعرض للاعتقال.

"دعاء الكروان"
في رائعة د.طه حسين "دعاء الكروان" الذي عرض أواخر خمسينات القرن الماضي، أدت زهرة في الفيلم دور لا يُنسى صنع شهرتها كفنانة، وجعل دموع الجمهور تسيل تعاطفاً معها رغم قصر مدته، مجسدة دور البدوية "هنادي" شقيقة البطلة "آمنة"، التي جاء بها خالها لتعمل خادمة عند مهندس الري، وتقع في حبه لكنه يعتدي عليها ويسرق شرفها؛ فتُقتل "هنادي" أمام شقيقتها "آمنة" على يد خالها لتطهير عارها، ويدعي أن هنادي "أخدها الوبا"، بينما تسعى أختها للانتقام لها، وبسبب روعة دور زهرة العلا، اشتهرت بعده باسم "هنادي".
وفي أحد أجمل أدوارها كسنيد شاركت الفنانة زهرة، بفيلم "في بيتنا رجل" الذي عرض بداية الستينات مع النجوم عمر الشريف، رشدي أباظة، زبيدة ثروت، حسن يوسف، وأدت دور "سامية" شقيقة الطالب الجامعي "محي" الذي يأوي في بيتهم صديقه الثوري الذي قتل رئيس الوزراء الموالي للاستعمار الإنكليزي.
كذلك يعد دور "عائشة"، الذي جسدته في فيلم "السكرية" وعرض العام 1973، للمخرج حسن الإمام، والمأخوذ عن ثلاثية الأديب نجيب محفوظ، محطة مهمة في تاريخها الفني، رغم كونه شخصية ثانوية، لا ينسى الجمهور "عائشة" الجميلة بأحزانها التي لا تنتهي، فبعد أن رفض والدها زواجها من الرجل الذي حلمت به وزوجها من آخر، لكنها فقدت زوجها خليل، ثم أبناءها "محمد وعثمان" وتبحث "عائشة" عن يوم تفرح فيه فلا تجده.
خلال خمسينات وستينات القرن الماضي توالت أعمالها للسينما، ووقفت أمام كاميرا أهم مخرجي السينما، أبرزهم صلاح أبو سيف، نيازي مصطفى، عاطف سالم، هنري بركات ويوسف شاهين‏، وقدمت معهم أفلاماً كثيرة، ليس هذا فحسب بل أن اسمها أصبح مدرجا ضمن المشاركين في قائمة أفضل 100 فيلم فى السينما المصرية بستة أفلام هي "أيامنا الحلوة، رد قلبي، جميلة، دعاء الكروان، فى بيتنا رجل، وسواق الأوتوبيس".
كما حرصت الفنانة الحسناء عبر رحلتها الفنية على تنوع أعمالها؛ فبجانب مشاركتها في العديد من الأفلام الرومانسية والاجتماعية، نجدها تشارك في أفلام كوميدية من بينها "سر طاقية الإخفاء، إسماعيل يس في الأسطول، إسماعيل يس في البوليس، إسماعيل يس في الطيران"، وأيضاً في أفلامٍ وطنية مثل "يسقط الاستعمار" الذي سلط الضوء على جرائم الاحتلال الانكليزي وصولاً إلى اتفاقية الجلاء، و"في بيتنا رجل" الذي يدور حول المقاومة الشعبية للاستعمار البريطاني، وفيلم "جميلة" الذي تناول قصة حياة المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد ومقاومتها الاحتلال الفرنسي، كما شاركت في أعمال فنية دينية منها فيلم "الله أكبر"، وإن كان هذا اللون تعددت فيه مشاركتها بصورة أكبر في الدراما التلفزيونية، حيث شاركت في مسلسلات "شهيد كربلاء، على هامش السيرة، محمد رسول الله، القضاء في الإسلام، الإسلام والإنسان".

زوج العمر
رتب القدر للفنانة الراحلة زهرة العُلا أن تُؤدي في العام 1962، بطولة الفيلم الكوميدي "جمعية قتل الزوجات" مع طليقها الفنان صلاح ذو الفقار، مجسدة شخصية الزوجة "بهية"، لتتعرف إلى الرجل الذي سيغدو حب عُمرها وزوجها، كان هذا الرجل هو مخرج الفيلم الشاب حسن الصيفي، ويبدو أن حظها مع الحُب والزواج قد ابتسم لها أخيراً، حين تزوجت منه وكان الرابع والأخير، ليبقيا معاً طيلة 45 عاماً حتى وفاته، وينجبا ابنتيهما، المخرجة منال الصيفي وأمل الصيفي المتزوجة من شقيق الفنانة إلهام شاهين.
كانت ذروة النشاط الدرامي للفنانة زهرة العلا في الخمسينات، لكنها ابتداءً من العام 1963 بدأت تقلل من أفلامها السينمائية لعدم وجود أدوار مناسبة لها، فاعتذرت عن الكثير منها، فمثلا لم تقدم في العام 1963 سوى الفيلم الكوميدي "المجانين في نعيم" مع إسماعيل يس.
ومع مرور السنوات ارتضت زهرة، بالأمر الواقع بعد أن هجرتها أدوار البطولة رغم النجاح الكبير الذي حققته في أعمالها، فرضخت لرغبة المخرجين الذين وضعوها في أدوار السنيد، وكعادتها تألقت فيها، حتى بعد أن تحولت من مرحلة أدوار الشابة والزوجة إلى أدوار الأم التي قدمتها في الثمانينات، مثل دورها في فيلم "أنا لا أكذب ولكني أتجمل" والذي يعد واحدا من أهم الأفلام المصرية، وجسدت فيه شخصية "نادية" زوجة الكاتب "رفيق حمدي" ووالدة الطالبة الجامعية "خيرية" التي تقع في حب زميلها المريض بالكذب، وقد أبهرت الجميع فيه بتجسيدها دور الأم الحكيمة الوقورة والأنيقة.
عندما تجاوزت زهرة، الخمسين من عمرها اتجهت بسبب قلة أعمالها في السينما إلى دراما التلفزيون، فقدمت العديد من المسلسلات، علاوة على بعض الأعمال السينمائية القليلة والتي كان آخرها فيلم "أرض أرض"، الذي عرض في 1998، مجسدة شخصية ثانوية هي أم بطل الفيلم "رمضان إبراهيم"، ويعيشان معاً في حارة بحي شعبي، بينما تقع في حبه فتاة مسيحية. وبعد تقديمها لهذا الدور آثرت زهرة العلا، الابتعاد عن الوسط الفني وكانت في الرابعة والستين من عمرها تقريبا، وسافرت إلى السعودية لأداء فريضة الحج، ثم قررت بعد عودتها اعتزال الفن وامتنعت عن الظهور في أي مناسبة فنية أو حتى تكريم، لاسيما أنها لم تعد تجد أفلاماً بقيمة ما قدمته في الزمن الجميل.
في أواخر أيامها انتقلت إلى الإقامة مع ابنتها المخرجة منال الصيفي، التي كانت تحرص على الجلوس معها بشكل مستمر، حتى رحلت زهرة في العام 2013، بعد أن نالت منها الشيخوخة، عن عمر ناهز 79 عاماً، بعد صراع مع المرض، تاركة ورائها إنتاجاً فنياً غزيراً وأدواراً لن تنساها ذاكرة السينما المصرية.

زهرة العلا


فيلم "الوسادة الخالية"


تزوجت صلاح ذو الفقار


زهرة وزوجها المخرج حسن الصيفي وابنتهما


فيلم "دعاء الكروان"


زهرة وشكري سرحان في أحد أفلامها


صورة عائلية


حسناء السينما
آخر الأخبار