الأحد 29 سبتمبر 2024
35°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
زيارة عبد اللهيان للسعودية نقطة تحوُّل في علاقات طهران والرياض
play icon
زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى الرياض نقطة تحول في العلاقات الإيرانية- السعودية والإيرانية- الخليجية (وكالات)
الدولية

زيارة عبد اللهيان للسعودية نقطة تحوُّل في علاقات طهران والرياض

Time
الأحد 20 أغسطس 2023
View
98
السياسة

"الدرة" ومواصلة تسليح الحوثيين والأطماع بالمنطقة إشارات لأن إيران لم تتخلَّ عن ستراتيجيتها وتميل لتهدئة تكتيكية

الرياض، طهران، عواصم - وكالات: فيما تتسارع التطورات في اتجاه حلحلة الملفات العالقة بين السعودية وإيران كافة، شكلت زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى الرياض نقطة تحول في العلاقات الإيرانية - السعودية والإيرانية - الخليجية، وربما حملت ترجمة عملية لنتائج تطبيع العلاقات الديبلوماسية والسياسية بين القوتين الإقليميتين.
ولا تنفصل زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى الرياض الخميس والجمعة الماضيين، عن النتائج التي أفضى إليها الاتفاق الإيراني السعودي، فهي زيارة ضمن خطوات تبادل الثقة بين الجانبين لاستكمال جميع الملفات العالقة بينهما.
ويعد عبد اللهيان أكبر مسؤول إيراني يزور الرياض منذ الأزمة بين البلدين عام 2016، حيث عقد لقاءات مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ووزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، ومسؤولين سعوديين، كما زار سفارة بلاده التي فتحت أبوابها في يونيو الماضي.
ووفق وكالة الأنباء السعودية "واس"، استقبل ولي العهد الوزير الإيراني واستعرضا العلاقات بين البلدين والفرص المستقبلية للتعاون وسبل تطويرها، كما نوقشت تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية والجهود المبذولة تجاهها"، بينما نقلت قناة "الجزيرة" الإخبارية القطرية عن وزير الخارجية الإيراني قوله إنه أجرى مع ولي العهد السعودي محادثات صريحة ومفيدة ومثمرة بناء على حسن الجوار، مؤكدا أن هناك اتفاقاً في وجهات النظر بين إيران والسعودية على أن الأمن والتنمية في المنطقة للجميع.
وفي مؤتمر صحافي، أعلن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان استئناف بعثات المملكة وإيران أعمالها ومباشرة سفيري البلدين مهامهما، فيما قال عبد اللهيان إن المحادثات بين الجانبين ناجحة، وبينما قال بن فرحان إن المملكة تأمل في زيارة من الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي تلبية لدعوة من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، أشار عبد اللهيان إلى أن زيارة رئيسي ستحدث قريباً، مؤكدا اتفاق وجهات النظر بين الجانبين على تفعيل الاتفاقيات الأساسية، مشيداً بدور المملكة في المنطقة، قائلا "بإمكاننا العمل مع السعودية لحل الموضوعات العالقة بالمنطقة فوراً"، وأشار بن فرحان إلى أن بلاده حريصة على بحث سبل تفعيل الاتفاقيات الخاصة بالجوانب الأمنية والتشاور والتنسيق مع إيران.
لكن الأبرز خلال الزيارة ما نشرته وسائل إعلام ونشطاء لمقطع فيديو للوزير الإيراني خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع نظيره السعودي، حين وصف الخليج العربي بـ"الفارسي"، قائلا "استمراراً للمحادثات السابقة بيني وبين المسؤولين ورؤساء دول الجوار في جنوب الخليج الفارسي، طرحت فكرة إجراء الحوار والتعاون الإقليمي، وطرحت الفكرة مع زميلي فيصل بن فرحان". وهذا الوصف يثير جدلاً بين إيران ودول الخليج العربية، التي تعتمد اسم الخليج العربي وترفض التسمية التي تطلقها إيران، وقد يصبح أحد الملفات العالقة وذات حساسية بين الجانبين، وقد تصطدم لغة التفاؤل في حديث الوزيرين بقضايا شائكة وملفات معقدة قد تُهدد مستقبل وطموح العلاقات بين البلدين، لعل أبرزها ملفات الحرب في اليمن وسورية وغيرها من دول المنطقة، حيث لا يزال ملف اليمن عالقاً مع استمرار التهديدات الحوثية باستهداف السعودية، وسط محاولات عُمانية لإحياء وساطة كانت بدأت بها في أبريل الماضي لإنهاء أكبر أزمة يعيشها اليمن.
وإلى جانب ذلك، فإن تسليح إيران للحوثيين لا يزال مستمراً مع إعلان واشنطن والحكومة اليمنية في مايو الماضي ضبط سفن وقوارب تنقل أسلحة للمليشيا، على الرغم مما كشفته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية في مارس الماضي، من أن إيران وافقت على وقف شحنات الأسلحة السرية إلى حلفائها الحوثيين في اليمن كجزء من صفقة الوساطة.
وفي سورية، وعلى الرغم من تطبيع السعودية العلاقات مع نظام بشار الأسد، فإن تعيين سفير لها في دمشق تأخر عما كان محدداً سابقاً، حيث أرجعت وسائل إعلام سورية معارضة سبب ذلك إلى ضغوطات أميركية.
وإلى جانب ذلك، فإن ملكية حقل "الدرة" النفطي أصبحت نقطة توتر مؤخراً بين الجانبين، حيث تؤكد الرياض والكويت أن الملكية المشتركة لهذه الثروة الطبيعية تنتمي لهما حصراً، في حين تقول إيران إن ترسيم الحدود ينبغي أن يتم خارج إطار القوانين الدولية المعترف بها.
ويعتقد الأكاديمي المختص في العلاقات الدولية وشؤون الخليج والشرق الأوسط عبد الله باعبود أن الزيارة كانت مهمة ومكملة للاتفاقية التي تمت بين الجانبين برعاية صينية، مشيرا لموقع "الخليج أونلاين" الإليكتروني إلى أن الاتفاقية نصت على تفعيل الاتفاقيات التي وقعت في مجالات تعاون مختلفة، وعملية تبادل السفراء، إضافة إلى اللقاءات والزيارات بين المسؤولين في البلدين، وكانت الزيارة في إطارها، مؤكدا أن السعودية حالياً تركز بشكل رئيسي على حل الخلافات في الجانب الأمني، إضافة إلى الخلافات المتصلة بالطرفين في منطقة الخليج كحرب اليمن وملف سورية وغير ذلك من الملفات.
وأضاف أن الزيارة مهمة وتعمل على تعميق وتوسيع الاتفاقيات والعلاقات وتوطيدها أكثر، مرجعاً أهميتها أيضاً لوجود لغط لدى كثيرين في أن الاتفاقية كانت على ورق فقط، ولذلك فإن الزيارة إثبات عملي أن الطرفين جادان في الوصول إلى تفعيل الاتفاقية وحل الخلافات، موضحا أن ذلك لا يعني حل الخلافات بشكل كامل؛ لأن بعضها سيبقى دون حل، مستدركاً بقوله: لكن يبقى الحوار وتبادل المصالح وتحجيم بعض الخلافات مهماً، ويمكن حلها خلال فترات مستقبلية.
وفيما يتعلق بالجدل حول تصريحات عبد اللهيان عن "الخليج الفارسي"، رأى أن هذا الأمر خارج إطار الحوار بين البلدين، لأن اسم الخليج الفارسي هو الاسم المعترف به لدى إيران، وأما دول الخليج ففيها جدل حول الأمر، مضيفا أن كثيرين أصبحوا مؤخرا يستخدمون اسم الخليج بدلاً من الخليج العربي، لكن بالنسبة للإيرانيين طبيعي أنهم اعتادوا على هذا الاسم ولن يؤثر ذلك على الحوار، وسيبقى تأثيره عند الرأي العام الشعبي ومواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً أن دولاً كثيرة، منها أميركا وأوروبا أصبحت مؤخراً تستخدم اسم الخليج الفارسي بدلاً من الخليج العربي.
من جانبه، قال الباحث في الشأن الإيراني إسلام المنسي لـ"الخليج أونلاين"، إن هناك بالتأكيد تقارباً بين الرياض وطهران، ناتجاً عن رغبة مشتركة لدى الطرفين من أجل حلّ القضايا العالقة، ولكن هذه الرغبة تصطدم بأطماع إيرانية في المنطقة لم تتخلَّ عنها طهران"، ممثلا بحقل الدرة السعودي الكويتي وبقية الملفات التي تريد إيران فيها التهدئة دون حل جذري لها، بل تريد الحفاظ على مكتسباتها في الدول التي تدخلت فيها مثل اليمن وسورية والعراق وغيرها.
ورأى أن إيران لا تريد التراجع عما حققته من مكتسبات في المراحل الماضية وأن المشروع الإيراني لم يتم التخلي عنه رسمياً ولا فعلياً، معتقدا أن التقارب الحاصل بين الرياض وطهران بالنسبة للجانب الإيراني محاولة لتبريد بعض القضايا الساخنة، وإنهاء جزئي لبعض التوترات دون حل جذري لمسألة التدخلات الإيرانية في العالم العربي.
واستبعد أن تتخلى إيران عن أطماعها في الخليج العربي، لافتاً إلى أن ذلك يتجلى في موضوع إثارة اسم الخليج الفارسي على لسان وزير الخارجية الإيراني خلال المؤتمر الصحافي في الرياض برفقة نظيره السعودي، معتبرا أن في هذا إشارة إلى أن إيران لم تتخلَّ عن نهجها العام والستراتيجي وإن كانت مالت إلى التهدئة على المستوى التكتيكي، ولكنها ما زالت تتطلع إلى أن تكون قوة مهيمنة في المنطقة، وأن يكون لها نفوذ ليس فقط على إقليمها الجغرافي ولكن خارج حدودها، لا سيما في منطقة الخليج العربي.

آخر الأخبار