الثلاثاء 01 أكتوبر 2024
35°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الأولى

سأل الملك العجوز عن سبب حضورها المسابقة... فتوَّجها بالإكليل

Time
السبت 22 يوليو 2023
View
39
السياسة
كتب ـ أحمد الجارالله:

أتحدث عن واقع الحال في الكويت، وسبب الأزمات والمشكلات التي تعانيها البلاد، وفي هذا الشأن أستعين بقصة قديمة عن صانعة الرجال، أيا كانت مناصبهم، لأن هؤلاء هم من يعملون على نهضة الأمم، أو إسقاطها في هاوية الانهيار، إذ يحكى أن ملكا طلب من صائغه أن يصنع إكليلًا من الذهب ليُتوِّجَ به صاحب أعظم عملٍ من رعيته، وبعد أيام كان الإكليل الذهبي بين يدي الملك.
عندها جاب المنادون الشوارع ينادون على جائزة الملك لأعظم عمل، وعلى الراغبين في المنافسة المثول أمامه لتقديم أعمالهم في اليوم الفلاني في باحة القصر، وعلى مسمع ومشهد الرعية!
في اليوم الموعود توافد الشعراء والعلماء والرسامون والحرفيون، وكل يدلي بدلوه، وكان منهم رسام عرض لوحة فنية، وخطًا بديعًا ثم عاد وجلس مكانه، وقام رجل يجلس إلى جانبه يحمل كتبًا علمية، حدَّثَ الملك عن تجاربه واختباراته، ثم عاد إلى مكانه، بعدها قام رجل ثالث وألقى على مسمع الملك قصيدة رائعة، ثم جلس.
انتبه الملكُ لامرأة عجوز تجلس إلى جانب الثلاثة، فحسبها من المشتركين في المسابقة، فقال لها: "ما لديكِ لتقدميه لنا أيتها الموقرة"؟
أجابت: "يا عالي المقام؛ لا شيء لديَّ أقدمه، أنا أمُّ هؤلاء الثلاثة الذين كانوا أول الماثلين بين يديك، وجئتُ أرى من منهم سيفوز بالإكليل الذهبي"!
عندها نهض الملك عن كرسيه، وقال: "انتهت المسابقة، ضعوا الإكليل الذهبي على رأس صانعة الرجال"!
نعم، إن جودة التعليم هي صانعة الرجال إذا كانت هناك وزارة تربية وتعليم، بل حكومة، قادرة على منع الغش بالامتحانات، ولا تقبل اعتماد أي شهادة إذا كانت فيها شائبة، ولقد تحدث بعض النواب في مجلس الشعب المصري عن شهادات طب وهندسة وحقوق، وغيرها تباع على أرصفة الجامعات، أو تكتشف مجرد دكانة في إحدى ضواحي مدينة أميركية تبيع الشهادات لخريجين عرب وخليجيين، أو جامعة يونانية، وغيرها فليبينية، أو هندية، والخريج لا يتقن اللغة الأم للدولة التي صدرت منها الشهادة، فعندها يعم الفساد في الدولة.
لهذا، في إحدى جامعات جنوب إفريقيا، نقشت لافتة على باب إحدى الكليات نصها الآتي "أنتَ لست بحاجة إلى قنابل نووية، ولا إلى صواريخ طويلة المدى، لهدم أركان أي بلد، إذا كان التعليم فيه دون المستوى، وإذا كان قائماً على الغش، فالمرضى سوف يموتون بين أيدي الأطباء الذين غشوا لينجحوا، والمباني سوف تتساقط فوق رؤوس ساكنيها إذا كان المهندسون قد نجحوا بالغش، والمحاسب يبدد مع زملاء له من صنفه ثروة البلد، والجهل سوف يملأ عقول الأطفال الذين سيجدون أنفسهم في قبضة مدرسين ما كانوا ليصبحوا مُعلمين في فصول الدراسة لولا الغش".
حين يعلن على رؤوس الاشهاد في الكويت ان نحو 40 ألف طالب غشوا في الامتحانات، بل ويطالب بعض النواب بالسماح لهؤلاء بالنقل من الآخرين، وحين يتظاهر أولياء الأمور أمام وزارة التربية والتعليم من أجل غض النظر عما يرتكبه الأبناء من غش، فعلى المجتمع السلام.
حينها لن نستغرب الأخطاء الطبية، ولا آلاف الناس الذين يسعون عبر النواب للعلاج بالخارج، وستُخرّج المدارس والجامعات أميين، بكل معنى الكلمة، وستصبح الدروس الخصوصية تجارة رابحة، وكلنا نعرف كيف تدار نتائج هذه الدروس، فالمهم جني المال حتى لو كان ذلك على حساب الأمة.
رغم كل هذه الكوارث التي تشهدها البلاد جراء الاعتماد على الغش في التعليم، ووصول الكثير من الغشاشين إلى مراكز مهمة بدأت تبدو الشيخوخة على المؤسسات، وساد الفساد، بل تسيد الفاسدون المشهد، فيما لا أحد يحرك ساكنا، إما بسبب أن الوزراء تاريخيا غضوا الطرف وخضعوا لسلطة الواسطة، وإما لأن النواب توسطوا للرجل غير المناسب في وظيفة، وساعد ذلك على الرشوة والمحسوبية، وإما لأن قوة القبيلة أو الطائفة، أو قاعدة "هذا ولدنا" فعلت فعلها في مؤسسات الدولة.
قال الشاعر العربي الأصمعي: "من لم يحتمل ذل التعلم ساعة، بقي في ذل الجهل أبدا"، لأنه وفقا لما قال الطبيب والشاعر الأميركي أوليفر ويندل هولمز: "إن أفضل شيء هو التعلم، فالمال يمكن أن يضيع أو أن يسرق، و القوة قد تزول، إلا أن ما تودعه في عقلك يبقى ملكك إلى الأبد".
فهل عمل المسؤولون عن التعليم في الكويت بهذه القاعدة، أم أنهم سعوا إلى تجهيل الأجيال لأنهم وصلوا إلى مناصبهم بالمحسوبية، وبالتالي لا أحد استحق الإكليل الذهبي لأنهم لم يصنعوا الرجال؟
آخر الأخبار