السبت 14 يونيو 2025
38°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

سليمان العربي أول سلطان لدارفور خاض 32 معركة

Time
السبت 11 مايو 2019
View
510
السياسة
إعداد - محمود خليل:

لا يعلم كثيرون أن أفريقيا جنوب الصحراء التي لم تصل إليها جيوش الفتح الإسلامي قامت بها دول وممالك إسلامية كان لها دور بارز في نهضة الإسلام والدفاع عنه في مواجهة الهجمات التي كانت تسعى للنيل منه، في هذه الحلقات نستعرض عددا من تاريخ أهم الدول والممالك الإسلامية في أفريقيا جنوب الصحراء، مواقفها من دول الاحتلال الأوروبية دفاعا عن الأرض والدين.

كانت دارفور معروفة للعالم قبل ظهور الإسلام، خصوصا للمصريين القدماء، ثم الرومان، كما ربط "درب الأربعين" بين محافظة أسيوط المصرية وبين دارفور، إذ كانت إحدى محطات التجارة المهمة في القارة الأفريقية.
تميزت المنطقة بهجرات القبائل العربية والأفريقية، سكنت قبيلة الفور تورا في جبل مرة، استقرت قبائل التنجر، الزغاوة، الخزام، في الشمال، كان لكل قبيلة زعيم يدير شؤونها من دون الوقوع تحت أية سلطة، كانت العلاقات القبلية هي التي تحكم العلاقات بين القبائل التي كان غالبيتها وثنية.
شهدت دارفور هجرات القبائل العربية، التي نقلت إليها مظاهر الثقافة الاسلامية، منهم الرزيقات، الهبانة، البني هلبة، التعايشة، الترجم، الحوطية، التعالبة، المهادي، السلامات، المسيرة، الفلاتة، وعرفوا هناك بـ"البقارة"، الذين اختلطوا بالسكان المحليين، واحترفوا تربية الإبل.
تأسست في دارفور سلطنة "الداجو" بين القرن الثاني والثالث عشر الميلاديين، حكم منهم ستة سلاطين أولهم كان السلطان عبد الله داج، آخرهم السلطان عمر بن آمن. ينسب البعض التنجر إلى عرب بني هلال، كانوا أول قبيلة تدخل اللغة العربية إلى دارفور، يرى آخرون أن أصولهم ترجع إلى بلاد النوبة، بينما يرى آخرون أنهم ينتمون إلى قبائل الفور، التى عرف عنهم ولعهم بالطرب والموسيقى، حتى إنهم اخترعوا بعض الآلات الموسيقية مثل، الطبلة "النقارة"، صفارة الأبنوس.
كانت سلطنة التنجر تحكم في الشمال،بينما كان الداجو يحكمون الجنوب، بعد زوال الداجو بسط التنجر نفوذهم على دارفور كلها، اتخذوا من أروى عاصمة لهم، إذ اشتهروا بالتجارة، استطاع حاكمها إقامة علاقات اقتصادية مع المصريين، إذ كان تجار القاهرة يمدونه بالسلاح مقابل حصولهم على الذهب.
عرف التنجر بالمرونة أثناء حكمهم، عدم اللجوء إلى القسوة خلاف ما كان يفعله الداجو، كما عرفوا بفنونهم المعمارية الجيدة، كذلك عرف عنهم عاطفتهم الإسلامية، إذ بنوا بعض الأوقاف في المدينة المنورة، لتكون مقرا لهم حينما يزورون اماكن المقدسة.
اتسعت حدود المملكة كثيرا حتى أنه صعب على السلطان ادارتها، السيطرة عليها كاملة ما أدى إلى ضعفها واضمحلالها تدريجيا، إلى أن سقطت في أيدي قبائل الفور "الكيرا" عام 1445، بعد سقوطها كان زعماء التنجر إذا جلسوا مع الفور يلبسون العمامة السوداء.
كان يطلق على قبائل الفور "التورا" أي "العملاق"، إذ كانوا من طوال القامة ضخام الأجسام، يبنون بيوتا دائرية أطلقوا عليها اسم "بتورنق تونقا"، أي بيوت العمالقة، استوطنوا جبل مرة، لم يختلطوا بعناصر أخرى، مما حفظ لهم دمائهم وأشكالهم، عندما دخل الإسلام منطقتهم عرفوا بالفور، كان الفور والتنجر بينهم مصاهرات عديدة، حتى انصهر العديد من العلماء، الفقهاء، التجار، واندمجوا مع المجتمع المحلي للفور.
تعتبر أكبر قضية خلافية في تاريخ مملكة الفور، صعوبة الفصل بين التنجور والفور، بسبب تقنية بناء البيوت المستديرة، كذلك اللغة المشتركة، يرى البعض أنهم أبناء عمومة، فالسلطان "شاو دور" شيد له قصرين في عين فرح في أقصى الشمال، حيث التنجور، وقصر آخر وسط جبل مرة حيث الفور، بذات الطراز المعماري، استخدم في بنائها الحجارة الضخمة، التى يترواح سمكها بين المتر والثلاثة أمتار،كما كانت تستخدم كقلاع عسكرية.
كما انشأوا مدرجات زراعية على سفوح الجبال، رصفوا الطرق، كان لكل سلطان أكثر من قصر في الشمال، الوسط، الجنوب، بسبب التغيرات الجوية، الحالة الأمنية، الإشراف الإداري، إذ كان السلطان يطوف دوريا على قرى السلطنة، حسب الطقس.
يعد سليمان سلونق، أو سليمان العربي، أول سلطان يؤسس دولة دارفور الإسلامية عام 1445، بعدما خاض 32 معركة، تمكن بعدها من إخضاع 37 زعيم قبلي، مسلم ووثني، لحكمه.
بدأ السلطان تدعيم سلطته في دارفور، فخلع الزعامات المحلية وولى على بلادهم زعماء جددا من أهلهم، بذلك بدأ حكم الكيرا، أو الفور، أو الفور الكيرا، في دارفور، "الكيرا تعني الأحفاد الخيرة"، استمر الفور يحكمون دارفور ما يقرب من 430 عاما دون انقطاع، بلغ عدد سلاطينها 27 سلطانا.
كان نظام الحكم فى سلطنة دارفور الإسلامية فيدراليا، إذ قسمت البلاد إلى أربع ولايات رئيسية تحت قيادة سلطان البلاد، يساعده 12 وزيرا، كان مجلس الوزراء "الشيوخ" من يختار السلطان الجديد بالتنسيق مع مجلس الشورى، بعد وفاة السلطان.
بدأت علاقة الفور بالإسلام قبل معرفتهم بالعرب، إذ كانوا يطلقون على العرب اسم "سولنقا" أي الضيوف، تعلم الفور العربية باعتبارها لغة القرآن، بعد اختلاطهم بالعرب وقبائل غرب أفريقيا الإسلامية.
اصطبغت السلطنة بالصبغة الإسلامية، إذ ربط سلاطينها البلاد بالعالم الإسلامي المعاصر وقتها، توثقت صلاتهم الثقافية والدينية، فالتحق طلابها بالأزهر، إذ أنشئ لهم رواق خاص بهم يسمى رواق دارفور.
نهج سلاطين "دارفور"، نهجًا إسلاميا فى حكمهم، فالتزموا بأحكام الكتاب والسنة، حرصوا على تحرى العدل في أحكامهم، كما شجعوا العلماء ومنحوهم الهدايا، نشروا العلم في بلادهم، وفد إليها كثير من العلماء والفقهاء لما وجدوه فيها من تشجيع، عدالة، كرم، احترام.
آخر الأخبار